
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَياتْ تَلاقَتْ جُمُوعٌ ،بِهَا بَعْضُ حُزْنٍ وَ جُرْحٌ قَدِيمٌ ،
لَهُ فِي الحَنايَا نُعُوتَ المَوَاتْ !
تَطُوفُ المَواجِعُ كالرّيحِ عَصفاً ، تُبَدِّدُ سَعْداً ،
كَأَنَّ العَصُوفَ تَسُوقُ الشَّتاتْ !
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَياتْ سَكَبْتُ شُجُوناً ِكَحُزْنِ الثّكالَى وَ صُبْحِ الحَيارَى تَجَلَّى
ضَبَاباً وَ أَخْفَى الجِهَاتْ
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَياتْ أَهِيمُ وَحِيداً
أُناجِي زَمانَ الوِصالِ كَئِيبَ السِّماتْ ,
وَمامِنْ مُجِيبٍ سِوى نَبْض قَلْبـٍ ،
رَثَتْهُ حُروفِي كَما النّائِحاتْ1
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَياتْ صَديقٌ وَنَأْيٌ ٌ وَ بَعْضُ اشْتِياق ٍ وَ خَفْقَةُ صَدرٍ و آهٍ تُدَوِّي :
لِماذَا الرّحِيلُ يَهدُّ قُلوباً و يَذْرُو السّعادَةَ وَ الأُمْنِياتْ !
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَياتْ حَبِيب ٌ حزين ٌ كَما البُؤْسِ ذَاو ٍ يُكَفْكِفُ دَمْعاً كَمُزْنٍ هَتونٍ ،
لَيْرعَى الشُّجُونَ وَ يُهْدِي الشَّقاءَ لِذِي النّائِباتْ !
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَيات رَؤُوم ٌ و حِضْن ٌ كَما البِيدِ قَفْراً ،
كَسَاها الفراقُ ثِيابَ المَماتْ !
تَظَلُّ تُنادِي وَلِيداً بليلٍ ً وَ هَذا المُنادَى اسْتَحالَ رُفاتْ !
فَما عَادَتِ الأُمُّ دَاراً وَ لا الدَارُ رُوحاً ولا الدَرْبُ دَان ٍ و لا الأُمْسِياتْ !
عَلَى مَرْفأِ الذّكْرَياتْ غريبُُ و مَنْفَى
وَ قَيْد ٌ وَثِيقٌ يُهَدْهِدُ حُراً وَيَطْوِى الثّبَاتْ !
فَيَهْفُو لِهَمْسِ الدِّيارِ أَسِيرٌ ،وَتَهْفُو لِزَيْفِ السّرابِ السُّعَاةْ!
فَيَا لِلْجِراحِ وَ دُنْيا القُلُوبْ ، لَهَا الإشْتِعالُ وَ بَعْضُ انْطِفَاءٍ وَ لَيلُ البُكَاةْ !
أُفولٌ وَ نُور ٌ وَ نَأيٌ وَقُرْبٌ
فَيَا بُؤْسَ قَوْمٍ وَ بُؤْسَ الذّوَاتْ .
وَحِينَ الفَناءُ يَزُورُ الرَّوابِي,
وَ يَقْطِفُ قَوْماً كَبُرْعُمِ زَهْرٍ تَسامَى إِلِيهِ رُكُودُ السُّباتْ ،
يَمُوتُ التّذَكُّرُ ، وَ الأَمْس ُ فِيَّ ,
وَفِي ذَا الفُؤادِ تَدُبُّ الحَياةْ !