منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أمواج بلا شاطئ
الموضوع: أمواج بلا شاطئ
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2012, 02:20 AM   #155
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 52

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


يقولون بأن العالم سينتهي مشتعلا ،، ويقول آخرون بأنه سينتهي متجمدا ،،
ومما تذوقته من رغبة ،، سأصطف مع من يؤيدون النيران ،،
لكن إن تسنى لي الموت مرتين ،،
على يقين باني اعرف عن الكره ما يكفي لأقول أن الفناء متجمدا ،، امر عظيم ايضا !! ،،

أفقت من نومي متأخرا ومتحسرا على روحانية رحلة الصباح ،، أزعجني صوت بكاء مكتوم من خارج الغرفة ،، سألت صديقي الذي استفاق كما يبدو منذ زمن ومنهمكا بالعمل في كمبيوتره ويتحدث بهاتفه مع مديرنا ،، سألته ما الذي يحدث ،، فأجابني بأن عامل الفندق قد مات قريب له ،، فقلت : وما أدراك ؟! ،، قال بأنه سمع حديثهم وهو يتناول إفطاره في المطعم ،، ثم طلب مني بأن أستعد فأمامنا عمل مرهق ،،

حزن كمطر أزرق صادق كنبض ،، راو على قدر ما يجذبه العطر وعلى قدر ما يؤلمه وخز أحداث تستطعم مذاق التعب لا رغبة في العذاب بل هو تشوق في استكمال الرواية ،، كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة والشمس تفرش أرض الشرفة الخشبية ،، شربت قهوتي على مهل فموعد عملي لن يبدأ إلا في المساء ،، ما يعجبني في بلاد الشرق أن كل ما حولك يتحدث بكل لغة ،، الشوارع ،، التماثيل ،، الزحام والوجوه ،، لا شئ يخشى الموت هنا ،، كل شئ يعيش كمنارة مضيئة ويموت كرنين نور ،، عزف كما الفجر وسلام كما الفجر ،، أن تستفيق على خبر موت فتلك مصيبة أما أن يؤثر بك وأنت لم تسمع من قبل عن الميت فالمصيبة أعظم ،، تتضاءل كل النماذج حينما تستمطر الدفء ،، لتعلم أن زمن الخسارة الحق والخراب ليس عندما تفقد الحياة بللا عندما يسقط من حولك متخلين عن المبادئ مخلفين في القلب حسرة تضاف إلى الفواجع التي عصفت بالأحلام والوعود ،، تنقلك معها إلى مدينة ابتلعتها حرب وتحولت إلى منطقة واسعة من الموت الملون ،، لا مكان فيها لأحد حيث غدا كل مكان ملاذا مؤقتا إلى حين ،، تبحر بك في بحار بلا ريح وإلى سجن أسس على العذاب واستحدث في منطقة صحراوية لا تصلها الريح إلا بعد أن تمر عبر بوابة من جمر ،، سجن ينتهي فيه كل ما يسمى بالعالم ،، منطقة تنتهي فيها الرحمة والأمان والانسانية وكل شئ له علاقة بالأحوال البشرية ،، يزيد فيها الموت ويسيطر عليها البطش والتسلط والظلم وفقدان الكرامة وتنتشر فيها الوجوه التي لا تحمل ودا لأحد ،، لتقف كالشاهد الوحيد على السقوط ،، تغوص في أدغال الزمن الكثيف عبر ممرات الذاكرة الثقيلة كالرصاص وبأنين مخيف يخفق مثل جناح طائر من طيور ما قبل التاريخ وعواء من نفذ من الهلاك ،، ينوح فتهتز أعصابك كفروع الشجر ،، عاصفة تعيسة تثقب الأعصاب وتحمل في طياتها حمم الحروف وويلاتها ،، فتحمل يأسا بحجم عمر وتتحول إلى وخزات تشق الجلد وتصل للعظم وتهبك دموعا خشنة ،،

أتساءل كيف ستكون الحياة بدونها ،، عرفتها وهي مثل الجاذبية ،، كل ما بداخلك يتحول إليها ،، فجأة لن تكون جاذبية الأرض ما يبقيك واقفا بل هي ،، سوف تفعل أي شئ ،، تكون أي شئ ،، من أجلها ،، كنت أبحث عن سلام جديد في زماني وكان الزمان معي ورواية للطاهر بن جلود جلبتها معي ولم أقرأ منها حرف منذ قدومي قبل يومين ،، كالطيور المهاجرة لا تعيش في أوطانها ولكن أوطانها تعيش فيها تلاحقها مثل ظلالها البعيدة متى ما لامست أرض ،،
عند مروري ببهو الفندق كانت مغنية تتراقص بعنف وتغور بالحياة على الشاشة الممتدة بعرض الحائط دونما اكتراث لما يحدث على الشاشة المجاورة حيث العالم يترنح والموت يرقص رقصته ويمتد الحريق من أقصى حدود الروح حتى أدنى محيط الدم ،، إنه ضياع محتمل فلا أحد يعرف ما هو المصير ،، وعند دخولي للمطار شاهدت مسافرا ينتظر موعد رحلته وكان يغرس نظرته في الفراغ وعلى وجهه شعور فاتر يشبه اليأس ،، سألني عن شئ لم أفهمه وهو يشير إلى جموع المسافرين فاعتذرت له بأني لا أفهم لغته وبدى كأنه لم يفهم إجابتي كذلك أو غير مبال بالفهم ،، نار ستغسل الدنيا من الفساد والآثام ،، لم يعد في البئر ماء فقد سرقوا كل شئ ،، كانت الكلمات من حولي تتلاشى في النفس وتتعثر في الانفعالات وكأن الجميع ينظرون إلى أفق مغلق ،، كان واضحا ضياع الحدود بين الكوابيس والأحلام والغد الذي يأتي بل يمضي كأي نهار غربة آخر ،، وكانت الأفكار والمشهد تتصارع وتتلاطم في مخيلتي وعيني مثلما يبرق النوم بالحلم ،، هل نظرت يوما الى نمر وفكرت بأنك يجب أن تغطي جسده ؟! ،، إنك مخلوق فريد ،، إنك فقط تعيش عصرا يحاول فيه العالم ترويضك ،، وقد آن الأوان لتصرخ ،،
من الممكن أن أثير الانتباه ،، مثل ما هو الموت ؟! ،، فليس ثمة حلم ،، فقط بشاعة وطمع ،، أريد أن أقطع عهدا لا أعرف ان كنت سأستطيع أن أفي به غدا ،، أو حتى بعد غد ،، ولكني نبهت سفلة الظلام بأني موجود ،، وبأني لن أساعدهم على غيهم ،، سوف أحاول أن أتكلم بلساني أنا ،، هذا هو وعدي ،، وسيكون صوتا من الحبر والغضب ،،
في فترة الاستراحة ذهبت لتناول عشائي في مطعم صغير داخل المطار ،، تطل علي مصابيح أنيقة يرتفع إغراؤها السري بسبب الاغاني الرتيبة والضوء الخافت الذي ينبعث من كل زاوية ،، هدوء وخفة كغيمة ،، إلى أن أعادني إلى الوطن حديث صديقي باللغة العربية في هاتفه عند جلوسه أمامي ،، فانقلب كل شئ إلى النقيض ،، تهشم كل شئ مثل قشرة بيضة ،، تفاصيل تشمئز منها شعيرات الجسم ،، لا مكان مناسب على الخارطة ،، طريق معتم مغمور بالظلام ،، عالم أسود يلتهم باطنه ،، طريق مملوء بالثقوب تنتشر كخيوط العنكبوت تصطاد الأحياء ،، والكتل الخرسانية الضخمة أصبحت كالجمل الاعتراضية والتحويلات فخاخ ،، تستقبلك نقاط تفتيش متداعية لا أحد فيها معظم الوقت يناقشك أو يشرح لك ،، ما إن تتجول داخل التحليلات حتى يصيبك الشلل فلا شئ يدهشك أو يحرك مشاعرك إلا بالحنق ،، شعارات متهالكة ،، مهترئة مثل فك مومياء نخر من السوس ،، مهمل ،، هذا ما جعل الألوان تبهت والزجاج يتهشم ،، الحدائق أصبحت يابسة والنخيل العالي ينحني بلا تهذيب ،، الفوضى عنوان ،، بشر مدمنون على النزاع ،، قليلو الوعي واحترام خصوصية الآخرين ،، يمشطون الطرقات طولا وعرضا بطريقة جامحة وسافرة ويلوثون الهواء الصافي بدخان الإطارات المنافقة والكوابح الخانعة ،، تيارات بلا قيود تصفعك بتصرفاتها وتمضي ،، أغان رخيصة تتصاعد في كل محفل من أفواه زاعقة عند كل بلاط كأنها صور من فلم قراصنة صامت ،، فتذكرت رسوم منتشرة على أحد الأسوار بشكل عبثي أحدهم كتب بخط ركيك " أروح لمين " ،، كانت تلك العبارة لسان حالي أرددها كلاعب رفع أثقال صبور ،، هذه مشاعر ومأساة وضعها بحار لا يملك شراعا فيبحر بقلبه الممزق ،،
قال صديقي : ما بك ؟! ،،
فأجبته بشئ من ذلك ،، فقال : إذن عليك بالبقاء هنا ،،

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس