بَعْضُ النَّاسِ ذَوَّاقُوْنَ فِيْمَا يَنْتَقُوْنَ؛ وَأَنِيْقُوْنَ حَتَّى فِيْمَا يَنْتَقِدُوْنَ. إِنْ لَمْ يُبْدِعُوْا فِيْمَا يَكْتُبُوْنَ؛ أَمْتَعُوْا فِيْمَا يَنْقُلُوْنَ. فِيْهُمْ زُهْدٌ عَجِيْبٌ! وَتَصَالُحٌ مَعَ النَّفْسِ رَهِيْبٌ! يَنْشُرُوْنَ الْجَمَالَ دُوْنَ أَنْ يَنْتَظِرُوْا مِنْ أَحَدٍ جَزَاءً أَو اِسْتِحْسَانًا، وَيَكْتَفُوْنَ بِمَسَاحَاتِهِمِ الْخَّاصَّةِ دُوْنَ أَنْ يُزَاحِمُوْا أَحَدًا عَلَى مَوَائِدِ الضُّوْءِ وَمِنَصَّاتِ الشُّهْرَةِ وَالتَّتْوِيْجِ. يَبْذُلُوْنَ الْخَيْرَ للهِ، وَبِالنَّافِعِ يَجُوْدُوْنَ، وَلَا يَتَسَوَّلُوْنَ مِنْ أَحَدٍ الْاهْتِمَامَ أَو اِلْإِطْرَاءَ، وَلَا يَتَوَسَّلُوْنَ. تَوَاصُلُهُمْ جِدُّ مَحْدُوْدٍ، وَعَطَاؤُهُمْ بِلَا حُدُوْدٍ. يَقْبَعُوْنَ فِي الظِّلِّ طَوْعًا؛ وَهُمْ عَيْنُ الْبَصِيْرَةِ وَبُؤْبُؤُ النُّوْرِ، وَيَرْتَضُوْنَ بِالْهَامِشِ تَوَاضُعًا؛ وَهُمْ بُؤْرَةُ الْمَشْهَدِ وَمَتْنُ الْمَوْضُوْعِ. فِيْهُمْ رَصَانَةٌ وَكَيَاسَةٌ، وَعَلَيْهُمْ وَقَارٌ وَسَكِيْنَةٌ، وَلَهُمُ الْمَجْدُ، كُلُّ الْمَجْدِ، لَوْ تَعْلَمُوْنَ!