اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيلياء
مَساؤُكم طَمأنِينة وَنفَحات إيمَانيّة بِأجواء رَمَضَانيّة
المَوضُوع قَريب جِدّا إلى مَجال إهتِمامِي وَدراسَتي الحَاليّة بِمَاجستِير العُلوم الإدراكيّة للغات وإستِعمالها. بَعض الأبْحَات العلميّة الأخِيرة تُشير إلى أنّ اللغة العربيّة الفُصحى تَتصرف مِن ناحِية دِماغيّة وَإدرَاكِيّة كَلُغة ثَانِية واللغَة الأولى هِي اللغة المَحكيّة. فِي حِين أن أبحَاث أخرَى تُشير إلى تَصرف مُماثل كَلغة الأم مَع إختلاف مِن حَيث الإستعمَال. مَا تتفِق عليه الأبحاث بِأنّ اللغة العربيّة الفُصحى تَفتَقِر إلى "التَمثيل الفونولوجي" في الدّماغ! لأنها فِي المُعظم إمّا مَقروءة أو مَسمُوعة مِن خلال برَامج مَحدودَة (مِثل نَشرة الأخبار). لأننا لا نَستعمِل هذه اللغة بِشكل دَائِم وَمكثّف يُصبح "استِرجَاعها" مِن الذّاكِرة الطّويلة الأمَد مُهمة غِير تِلقائِية وَبالتّالي تَستَلزم الكَثير مِن مَوارد التّركيز وَالطّاقة وَيصبح التّحدث بها مَهمّة صَعبة.. مِن نَاحية ثَانِية انكِشافُنا الدّائم للغات أجنبيّة سَواء بالتّعليم / قِراءة المَقالات / مُشاهدة الأفلام يُؤدّي إلى "قمع" لُغة الأم لأنّ الدّماغ يَدخل مَرحلة تَعلم لُغة جَديدة ولكي تَكون العمليّة نَاجِعة عَليه استِغلال كُل مَوارِد الطّاقة المُتاحة فَيكبت لغة الأم لِكي يُوفر مَوارد الطّاقة وَالتركِيز.
الأبحَاث تُشير إلى أن إهمال اللغة العربيّة وَعدم استعمَالُها يُساهِم بِشكل فِزيولوجي بتَنَحّي اللغَة وَتَقويَة اللغة المُنافِسة... لذَا بِرأيي يجب عَلى المَدارِس تَبنّي فِكرة دُروس للغَة العربيّة الفصحَى وَتُشجع الطّلاب عَلى مُناقَشة مَواضِيع عَامة باللغة العربيّة لِكي تُساهم بِشكل فَعّال ببِناء قَاموس التّمثيل الفونولوجي فِي الدّماغ.
أشكُرك لِهذا الطّرح
تَحيّاتي
|
يا سلام عليك يا أستاذة إيلياء
أشرت بمهارة الخبير إلى موضع الدَّاء: إنَّنا، إلى جانب إقحام اللُّغات الأجنبيَّة في عقول الأطفال العرب والتَّلاميذ، لا نستعمل الفصيحة استعمالًا دائما ولصيقًا، ويقتصر استعمالنا لها على بعض مناحي الحياة، مع ما يشوب ذلك الاستعمال من نقص وقصور ولحن وكسر، فالعقل أقدر على استحضار المحكيَّة بوصفها لغة أولى ورئيسة ألفها واعتادها وتمرَّن عليها وبرع فيها، بينما يتعثَّر استحضاره للفصيحة، وقد يتعذَّر، ويحتاج تعامله معها وبها ومعالجته لها إلى وقت أطول وجهد أكبر. مجتمعاتنا مجتمعات محكيَّة بالدَّرجة الأولى، ومدارسنا مقصِّرة، وإعلامنا يعتمد، ويا للأسف، على المحكيَّة واللَّهجات المحلِّيَّة بوصفهما لغة التَّخابر الغالبة والتَّواصل، إلَّا ما ندر، مع ما يصاحب ذلك من كلمات أجنبيَّة وتراكيب غريبة بغرض التَّغريب أو الاستعراض. وكلُّ هؤلاء يفتقرون، غالبًا، في استعمالهم للفصيحة إلى اللُّغة السَّليمة والفصيحة والبليغة، رسمًا ونطقًا وبناء، مع أنَّها الدُّول العربيَّة كافَّة تتبنَّى العربيَّة لغة رئيسة وأولى ورسميَّة.
أُحيِّيك، أ. إيلياء، على هذه المداخلة القيِّمة، وأشكرك، وأُثني عليك.
والله يحفظك
