أمضى شهورًا بالقرب منها ، لم يسألها يومًا عن عمرها أو في أي حي تسكن ، ولم يسألها إن كانت عزَبة أم متزوجة ، أرملة أم مطلقة ، موظفة أم عاطلة ، لأنه لم يرغب بالتدخل في شؤونها الخاصة . أحسَّ بالراحة والحبور والطمأنينة بالدنو منها واكتفى بالحديث عن همومه ومشاغله وقال لها أهم أسراره التي لم يخبرها لأحد . وحين شعر أنه وقع في غرامها ، جاءت ساعة الصفر وقال لها ما يعتلج في قلبه . قالت له : لا تعرف معنى الحب ، ولست من أهله ، أنا في القمة وأنت في الحضيض ، يا مغفل إنني أشك في نياتك وأشك في صدقك . تنأى عنها ولوَّح بيده وقال لها من بعيد : أسأتي فهمي ، إنني أريد الروح لا الجسد لأنعم ببعض المحبة والسلام ، ولكنها سحقت قلبه من جديد وألقت حبل الملام حول رقبته ـ لقد كان ذنبه الوحيد أنه لم يحتفظ بالحب لنفسه .