أيها القلب الحائر، اجعل من الحكمة حصنك، ومن الصبر سيفك، فلا تحسبن الضعف في الابتعاد عن اللغو والرد على السفهاء، بل هو تاج القوة الذي لا يليق إلا بأرواح سامية تعلو فوق التراشق في مستنقع الكلمات الجارحة.
ألم تدرك بعد أن المال الذي تدّخره ينفد، ولكن القلوب الطيبة التي تجمعها هي كنوز لا تنضب؟ ..فاحرص أن تكون ممن يزرعون في بساتين الناس ورودا من الوفاء، لتجني حين يشتد قيظ الحياة ظلالا من الحب والدعم.
إن صمتك عن الانتقام ليس ضعفا، بل هو زهد النسر الذي يرى المعركة الصغيرة ولا يهبط إليها.
إنما يعلو فوقها، مدركا أن الغبار لا يلامس قمم الجبال.!
لا تخف إذا ظنك الآخرون بلا حيلة، فإن الحيلة العظمى هي أن تبقى نقي القلب في زمن يشوه كل شيء جميل.
اعلم أن الأخلاق هي السفينة التي تعبر بها أمواج الحياة العاتية، فلا تدع الألسنة السامة تغرقك.
سامح حيث تستطيع، وابتعد حين يجب، لأن قوتك ليست في قدرتك على رد الصاع صاعين، بل في إدراكك أن الشجرة المثمرة لا ترمي أحجارا في وجه من يعكر صفوها، بل تظل شامخة، تؤتي أُكلها ولو جحدها الجاحدون.
فاحفظ ود القلوب التي تشبه الينابيع العذبة، واعلم أن الأيام الصعبة تختبر معدن الإنسان، فلا تخن نقاءك لأجل لحظة غضب، ولا تسمح للعابرين بثقل الظل أن يعكروا صفاء روحك.