.
احداث..
المساء الغامض 2
مر المساء الثاني على اطراف الذاكرة يحمل بقية من همس تلك الورقة التي لم تغلق بعد..!
في الليلة الثانية عشرة من الشهر
كان القمر يعلو بطمأنينة العارف
يختبر ضوءه بين الغيم
ولا ينوي قول شيء
لكن حين مر شعاعه على النافذة
توقف الزجاج لحظة
وشعر بحرارة مختلفة في النور
كأن في الضوء سرا لم ينطق بعد
ابتسمت النافذة
قالت للثريا وهي تتلألأ بفرح حذر
الخبر صحيح ستعود قريبا
توقفت الثريا لحظة
تساقط من وهجها خيط من الاندهاش
وقالت
هل قال القمر ذلك
ردت النافذة بنعومة كأنها تخشى ان تفسد فرحتها
لم يقل لكنه ارسل الضوء وانا فهمت
عندها اهتز الستار من غير ريح
كما لو ان الخيوط نفسها تتهامس
وامتد ظل السقف فوق الجدار يصغي
الكرسي رفع رأسه من غفوته
وقال للفنجان الساكن على الطاولة
النافذة سمعت الضوء
تنهد الفنجان
وخط القهوة على حافته اثر ابتسامتها
قال
ما اشهى ان تسكب العودة في فمي من جديد
وفي جوفه ارتجفت الملعقة كأنها تصفق للخبر
اما القلم
فأخذ يدور الغطاء حول نفسه ببطء
وقال للورق الابيض بنبرة يملؤها الاستعداد
سأكتبها حين تمر اول نسمة من خطوتها
سأكتبها كما كانت حياة تمشي على المعنى
ومنذ تلك الليلة
اخذ القمر يرسل ضوءه بغير قصد
لكن بياضه صار يحمل وعدا يعرفه البيت كله
وفي ليلة الثالث عشرة
حين اكتمل البدر ولامس شعاعه الباب
انفتح على حضورها
فعاد السكون الى مكانه
وعادت الاشياء الى طبيعتها
غير ان الفنجان بقي دافئا رغم ان القهوة انتهت
والقلم ظل بلا غطاء
كأنه لم يفرغ بعد من الكتابة
وفي الاعلى اطل القمر من بين سحابة عابرة
وابتسم بصمت راض كشيخ حكيم
وبالقرب همس القلم للورق
ما كنت اقصد البوح لكنه غلبني
همس الورق لؤمك هذا سيفضحنا
الا تكفي الورقة السابقة
سأخبئها هنا بهدوء
واكتب ما شئت تعلم اني احب ما تكتب لاجلها
سليمان عباس