حَرَّكتُ كفِّي أمام وجهي بعصبية ، حين رأيتُها قادمة ، ربما تحسبُ أني أطرد ذبابة مزعجة !
لكنّي كنت أحاول جاهداً بحركتي العفويّة ، أن أوقف انسكاب الذاكرة أمامي ، على كيانِها القادم بغتةً من أحد ممرات مركز التسوق الضخم ،
كان المشهد الآتي ركضاً من الماضي خلفها ، يُشيع في اللحظة واقعية الموقف الذي ظننت أنه ( حادثة منسيّة ) ، لكنّ التفاصيل الكبيرة و الصغيرة من حولي و إيّاها أخذت في التحضير للقاءٍ خشيتُهُ منذ أعوام ،
و اجتنبتُ الوقوع فيه ، و ضيّقَت على الصدف هذه الإحتماليّة الغير محتَمَلة ، أن نلتقي وجهاً لوجه بعد آخر سقوطٍ لِـ وجهينا في معركة خاسرة للطرفين .
تَسارُع يديّ لثانيتين لا أكثر في المحاولة البائسة لوقف انسكاب الذاكرة و تَجسّدها بشكلٍ أشعرني بها طازجة إلى الحدّ الذي جعل الممرّ يفوح برائحة نتِنة ... رائحة ذلك اليوم البغيض .
اقتَربَت أكثر ، أو أن عمى قلبَها قادها بلا مبالاتها المعتادة لتقطعَ طريقي ، فأبصرْت تلك العينين الجميلتين اللتين لن يصدِّقني أحداً إن أخبرتَه بلون العقارب التي تسكنها و شكل الثعابين التي تدور في نظراتها ،
لا زلتُ أشمئز من نَفسي حين أتذكَّر أنها نامت في سريرِي ثلاث مراتٍ و نصف غفوة ،
كيف أنني لم أشتعل من حرارة الخيانة التي يفرزها جلدها و هي تتَقلَّب عليه طوال الليل ، و هي تحيك حكاية قتلِي بمنآى عنّي !
يا لِـ جُبنِ قلبي ، امتدّت عيني و سرَقتُ لي نظرة كسيرة من ملامحها الوديعة ، كِدتُ أَقفز في الفخ الذي نصبته لي عيناها ألف مرّة ، لكنَّ يداً استلّتني من براثنها ،
و أدركني الصوت من غفلَتي : فارِس ! إحمِل الصغيرة ريثما أخرج لها زجاجة الحليب !!
********
الحبّ لا يموت إن صَدَق ،،
لكنّه يصبح مُقعَداً لا يقوى على النهوض ،، حتى ليثأر لكرامتِه .
سبق و نشرت هذا النص في منتدى آخر قبل ثماني سنوات و الذي نطقَ فيه قلمي عن لسان رجلٍ مهزوم ... لم ألتقي به قط !
إنه مجرد نص قديم ... آخر