الصورة الشعرية الحديثة من قصيدة للشاعرة العراقية "نازك الملائكة" بعنوان "النهرالعاشق" وهي قصيدة قيلت وقت فيضان نهردجلة وإغراقه بغداد . تقول : 
.
أين نعدو وهو قد لف يديه 
حول أكتاف المدينة 
إنه يعمل في بطء وحزم وسكينة 
ساكبا من شفتيه 
قبلا طينية غطت مراعينا الحزينة .
.
فأنت في هذه الصورة تشاهد موقفا ، ولكنه موقف متحرك _ إذا أمكن التعبير_ 
وكذلك تحس بالموقف النفسي الذي أتخذته الشاعرة من هذا الفيضان ، فقد تمثلت في النهر
محبا عاشقا يطوق المدينة بيديه ، وينهال عليها لثما ، ساكبا طينته فوق المراعي الحزينة 
إن فداحة الخطب قد تحولت في نفس الشاعرة الإنسانة إلى موقف تعاطف مع ذلك النهر
الرامق القاسي في الوقت نفسه ، إن فيضان دجلة قد تجسم للشاعرة في صورة نفسية حية 
هو صورة العاشق الذي يطوق عنق محبوبته في "قسوة" و "عنف" ، ولكن أثرهذه القسوة وذلك 
العنف لايعد شيئا بجانب القبل التي ينهال بها العاشق على محبوبته ، فهي تتحمل قسوته في 
سبيل قبلته ، بل إنها لتحب قسوته من أجل حبها قبلته ، وكذلك كان فيضان دجلة ، عنيفا قاسيا 
ولكن المراعي الحزينة التي طال أنتظارها له قد فرحت به ، وغفرت له قسوته إزاء قبله الطينية 
التي سكبها في كل مكان منها ، وبذلك تنجح الصورة في أن تنقل إلينا شعورالشاعرة ، كما تصورلنا 
موقفها النفسي ، ثم هي لاتنقصها الحركة والحياة ، لأنها مشتقة من الحياة .
وقد حققت الصورة هنا في خمسة أسطر، وقد تتحقق في أكثرأوأقل ، ولكنها ترتبط دائما بما قبلها وما بعدها
من صوربرباط حيوي ، حتى تكون القصيدة مجموعة من الصورالحزينة المترابطة ، التي تكون في مجموعها 
مشهدا عاما متحركا .
الدكتور: عزالدين إسماعيل