.
"جِفْنَك جِنِح فرّاشه غضْ - و(حجارة) جفني وما غُمَضْ"
ينشئ الشاعر علاقة (مقابلة) و (مقارنة) بين جفنين: الأول وهو جفن المحبوب المُترف الهش، أمّا الثاني فهو جفن المُحب الأرِق المعذّب. والنواب يوقعنا في مصيدة محاكاة فريدة وغير مألوفة - خارج الشعر طبعاً - فالجفن المشابه لجنح الفراشة الغضّ يقابله الجفن المشابه للحجارة، لكن علاقة جديدة تظهر من خلال الفعل (ما غُمَض) حيث تتعدى الصورة حدود المقارنة بين الغضاضة والصلابة إلى المقابلة بين النوم والأرق المطلق، وأقول المطلق لأن تشبيه الجفن الأرِق بالحجارة يمثل أقسى درجات السهر، بل إنها حالة "ما بعد الأرق". إنّ وصف الجفن بالحجارة يسلبه أي فعل توحي به الحركة الطبيعية المعتادة في إغماض الجفن وفتحه ، والتي تقابل الحركة المرفرفة التي تعكسها حركة جنح الفراشة، إننا نقف في المستويات الأعمق للصورة - بين مثالين: واحد للحياة (جنح الفراشة الغض) وآخر للموت (الحجارة) .
.. الشاعر يستخدم اللغة العامية كأداة أو (آلة) مثلما يستخدم المصور الفوتوغرافي القديم عدسته، بعد أن يجلس الزبون بانتظام أمامها، لأخذ أتقن "لقطة" وليس أفضل (صورة) شعرية. ولم تكن لغة الشاعر /عدسته بحاجة لأكثر من أن تكون "صافية" وغير مضببة لتؤدي دورها المرسوم.
إنّ اللغة بالنسبة للنواب هي مطيّة اللا شعور ، وليس أداة للتفاهم يخلقها الشعور...
" حسين سرمك "
،