منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   لعنةُ الغياب ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=28589)

سَارة القحطاني 10-16-2011 10:23 PM

لعنةُ الغياب !
 
_
لم يكن حضورك الأول عادياً ولم أكن انا بطبيعتي على كل حال !
كل شيء كان يبدو مغايراً ومختلفاً !
الكلماتِ , السماء , رائحة المطر , ولون القهوة , وَوجه المدينة
حتى الموسيقى في ذلك اليوم لم تكن عادية !!
وكأن كل شيء رتب نفسه بمقاس احتياجنا لأن نغرق في مدى اللقاء الأول ,
في غمرة الجنون الأولى والحديث الأول !
لكننا كباقي البشر لم نكنُ نملك تلك القدرة التي تكفينا لأن نكتشف ماهية أقدرانا قبل
أن ينتصف بنا الطريق ويهلك أحدنا في انتظار بزوغ شمس الآخر !
أفرطنا كثيراً في الحديث , الغناء , تشكيل قوالب أحلامنا بمقاسّ احتياجنا لأن نكبر
معاً ونشيخ معاً , وما أنصف القدر " أحلامنا " فافترقنا !


*


مُتعسَرّة هي ولادة كُل الاشياء الجميلة في غيابك !
وَعقيّمة هي الحياة والأحلام والامنيات , وباردة هي أحاديثُ العابرين !
حفيف الشجر لم يعد يُثير فضولي لَتفحصّ ملامح المُستقرين على عُتباتِ
الشوارع الليلية !
وَالموسيقى الصاخبة لم تعد تروقني أبداً !
حتى الروايات الأدبية حرضني غيابك على اعتزال ضجيج أوراقها فاعتزلتها
جميعاً واكتفيت بالقراءة لك !

*
تُبعثرني المساحات الضيقة التي لا تنتشي بزحام كلماتك .. يخنقني الصباح
الذي لا يحظى بمعانقة ندى عبورك !
يمضي النهار برتابة , يتشكلُ لُونهُ بلون الغياب , فاختفي " أنا " في طور
بداياتهِ حتى يغيب أو أفقد أنا الشعور بهِ وبكل شيء يصنعه !
وحالما يأتي المساء اسعى جاهدة لأن أُغير شكله ولونه وملامحه , لكن الحنين
يغتالُ محاولاتي دائماً ويُسند كُل الأشياء إليك , يُلونها بلونك , ويُشكلها بصوتك
, ويعزفُها على أوتارك , ذلك الحنين الذي لا يتقيد بزمن ولا بموسم ولا بمكان
فأتشكل أنا والمساءات الخاوية منك بك , نسترجعُ ذكرياتك ورسائلك معاً ,
ونغنيّ لك بصوتٍ عالٍ جداً , ونرتب فوضاك وَصورك وَملامح اشتياقك لأننا
نخشى أن نفتقدك في زحام الحياة , أو أن ينسينا الزمان لذة عبورك الأول
ولذة الغرق في ثَنايا الحكايات التي كُنت تتجسد بها !

*
أراقب تحديثاتك في كل مكان وأكتب لك رسائلي الناقصة وأتعمد أن اتركها
عالقة بيني وبينك , أتفحصّ زواياك العتيقة وأراقب ظلك من بعيد وأتمنى في كل
مرة أن تدير رأسك نحوي قليلاً فَتدرك ضعفي وَتستقر بيّ بلا غياب ,
وتضوي بنورك مساحات كوني أو تغيبني في ذات المساحة التي تغيب فيها
" أنت " تُلقنني نسيانك كما يجب عليك أن تفعل , ثم تمضي !




*
علمني كيف اتنفس السعادة , وسعادتي كُلها مرهونة بين يديك ..
تقاسمك رهبة الغياب , وَتبارك لك خطواتك الأوُلى في سلم الأمنيات !
علمني كيف أغيبك في أُفق الأمس , وأتنفس الحاضر والمستقبل دون
أن أتعثر بك !
*
مممم كُنت لا أُظهر لأحدٍ من العالمين حقيقة ضعفي وانهزامي وتبعثري ,
حتى ولو كلفني الامر " حياتي " لا لشيء فقط لأنني أُؤمن بأن الافراط في
الحب / العطاء يورث فينا ضعفاً بليغاً من شأنه أن يكسرنا ألف مرة , ويبعثرنا
ويكتب للحكايات الأولى نهايات موجعة قبل أن تُروى حتى ... الا إنني وحين
أحببتك بإفراط غابت كُل الأشياء بي و ماعاد يهمّ أي الطريقين أصوب , كل
شيء تغير فيّ حتى معايير الحياة والعطاء والحب تغيرت في عيني !
فبفضلك كفرت " أنا "بكل قناعاتي واكتفيت بك , وأحببت فيك وبك ومعك
ضعفي وتبعثري !


*
ويمضي الأمس واليوم والغد وأنت كما انت لا تتغير ابداً , يشكل منك الغياب
لوناً باهتاً يستقر على صدر كل الأشياء الخاوية منك بلا أُفول !!




سارة القحطاني

د. زينب الطائي 10-17-2011 12:19 AM

سارة


أعدتنا الى زمنٍ جميلْ..
الى تلك اللغة التي نفتقدها
استمتعت وانا أقرا لكِ
شكراً لكِ من هنا حيثُ أنتِ..
ودي وهذه :icon20:

يستحق هذا النص (*****)

عبدالرحيم فرغلي 10-17-2011 08:31 AM

دعيني أولا أرتاح قليلا .. هكذا أشعر .. أحتاج لبرهة حين أشعر أني ثري بالمعاني التي قرأتها .. أنني لا أريد أن أنظر لحروف في هذه اللحظة .. هكذا أشعر حين أقرأ نصا جميلا .. جميلا جدا .

لك تتابع نفسي جميل .. سلس .. بليغ وأديب .. وله تأثير كبير في القارئ .. له حجة تأتي لوحدها لتقول لي .. كيف أنا .. ولا أعرف كيف أقول .. سوى هكذا أنت .

فأتشكل أنا والمساءات الخاوية منك بك , نسترجعُ ذكرياتك ورسائلك معاً ,
ونغنيّ لك بصوتٍ عالٍ جداً , ونرتب فوضاك وَصورك وَملامح اشتياقك لأننا
نخشى أن نفتقدك في زحام الحياة , أو أن ينسينا الزمان لذة عبورك الأول ولذة الغرق في ثَنايا الحكايات التي كُنت تتجسد بها !

أراقب تحديثاتك في كل مكان وأكتب لك رسائلي الناقصة وأتعمد أن اتركها عالقة بيني وبينك , أتفحصّ زواياك العتيقة وأراقب ظلك من بعيد وأتمنى في كل مرة أن تدير رأسك نحوي قليلاً فَتدرك ضعفي وَتستقر بيّ بلا غياب ,وتضوي بنورك مساحات كوني أو تغيبني في ذات المساحة التي تغيب فيها " أنت " تُلقنني نسيانك كما يجب عليك أن تفعل , ثم تمضي !


أحيانا لا نهتم بالبدايات .. إن كانت وشوشة لنهاية رائعة

ألف تحية وتقدير

غنى طارق 10-17-2011 10:36 AM




،*


مُتعسَرٌ هَو الفرَح بعُمقنا ! و بَاهتَة هي إبتسامتُنا
صَفراءٌ هيِ كـ أوراقُ الخَريفْ ممَلة كأياميِ .........
لَم يَعد يغرينا بالحَياة غير الحياَة فقَط ومحطاتُ الغَياب تأكل العمر أتنتظار ..

يَا سارة.. رسمتنيِ بين السَطور
مَا أجملكِ يا عِطر البنفسَج ....
_____
رائعَه جدا:2006102523424873:

إبراهيم بن نزّال 10-17-2011 12:19 PM


ومابالِـ الغياب لايكون رحيمآ على أقلامنا !.
سارة القحطاني , كان قلمكِ متماسكآ ككل الوعود الصادقة .
,
تحياتي

صالح الحريري 10-17-2011 03:49 PM

حين تكتب سارة ..
فهي ترسم بلغة الحضور وجه الغياب بلوحة مدهشة ...!



الحرف بين أناملكِ سحرٌ مباح ...!

عثمان الحاج 10-17-2011 08:33 PM

سيمفونية متماسكة تغني لوفاء المواعيد بنشيج ونشيد يبعث التمسك كقيمة..
وتحتفي بلحظات الصفاء رغم الغياب..
سارة:
كل التقدير

أروى المهنا 10-18-2011 05:40 PM

الغياب .. ذاك الذي يتبعثر كل شيء حين يحضر
ذاك الذي يعرّي الذاكرة من كل شيء إلاّ هُم

ماذا فعل بي وهج حرفك ياسارة
أحببت ماقرأت

شتائل ورد


الساعة الآن 08:31 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.