منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   طريقٌ يُشبِهُ ذاكِرتي .. ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=27458)

نبيل الفيفي 06-11-2011 02:45 PM

طريقٌ يُشبِهُ ذاكِرتي .. !
 
لأنّه لم يُنصِفكِ القلمُ بحرفٍ عدل .. و لم أورّطه معكِ لخوفي عليهِ من : أنوثتكِ / براءتك , دلالكِ / غُنجَكِ ... غمّازتَيْكِ , مِن ابسَطِ أشيائكِ .. قد كان لزاماً عليّ أن أسكبني في إنائكِ حُباً , حاجةً .. رغبةَ قلمٍ جامِح أرادَ أن يَكتُبَكِ سطراً لا يُمحيه فراقٌ و لا تفصِلُ بينَ كلماتهِ نُقاطٌ قالها قلبي و لا تُسمع ..
حبيبتي ! دعيني أقطِفُ لكِ ما تدلّى مِن ثمرِ ذاكرتي الآنَ - و أنا أخِطّ من عينيك كحلا - عن أوّلِ لقاءٍ لنا , و كَيْفَ كنتِ تلهثينَ في قدرٍ وُضعتي فيه رُغمَاً عن أنفِ صباحاتِك التي تظفّرينها بشرائِطكِ البيضاء ! و منذُ أن تقابلَتْ عينانا ! و قفتِ دونَ حراكٍ و ظلّكِ يُقصّرُ المسافةَ بيننا و أنا أزيدُ طولاً إلى اللهِ و أدعو : أن هبها لي و أطفئ ظمأ عيني بها ,
اشش !
اششش !
قبلَ أن تمتدّ يدكِ الصّغيرة على ثمرةِ لم يَحِن قطفها سأجيبكِ عمّا يدورُ بِخُلدِك !
- أنثايْ ؟! , مَن تدهَسه عربةُ الوقتِ كُلّ يومٍ .. يثورُ مِن عجلاتها غُبارُ غُربةٍ و نَفيْ .. يستنشقهُ قبلَ أن ينامْ , قبلَ أن يموتْ ؛
و لأنّ اللهَ يُحبّهُ ! يُرسِلُ إليهِ امرأةً في نومِه تُداريهِ و تُحسِنُ مقابلتَهُ إلى أن يُصبِحَ العصفور و يعلِن عن بدايةِ يومٍ جديد من حُنجرتِه .. أيْ أنّي التقَيتُكِ في زمنٍ غير هذا الزّمن و في مكانٍ غيرَ هذا المكان .. -
يا قِبلتي ! جِئتني مِن أقصى مُدنِ الحاجةِ شعثاءَ غبراءْ , حافيَةً مِنَ السّعادة , مُرتَديَةً جِلبابَ التّيهِ , يبينُ على عَينَيِكِ أثرُ الشّرودِ , يبينُ علَيْكِ أثر التّعبِ , و جِئتُكِ مِن قُرى الفقر و الانتظارِ , مِن قُرىً يَزرَعُ فلاّحوها سنابِلَ الصّبرِ , و يبنونَ ذوا كرهم مِن طين , تلكَ التي عبَرتني مِنذُ أن أسندتُ ظهري على جدار جدّي مُنتظِراً يدَ رأفةٍ تتعرّق بيدي ؛ لتجعلني ألهو معَ أطفالٍ سكنوني .. أمزّق سجّادة الشّمس التي افترَشَت صدرَ الفتى الفَتِيْ ؛ حُلمي أنّ أمّي ستعودُ مِن الحقلِ مُبكّراً ..
ورغم كُلّ هذا الخوفْ الذي سكنني و الذي استطعتِ أن تُخفيه بيننا -حيثُ أنّكِ أنثى تستطيعُ إخفاء كٌل العواطفِ في عَينها اليمنى
-
طرقتُ بابَ قلبكِ فجاوبتني متسائِلة ..؟! :
مَنِ الطّارِق !
و دونَ علمٍ منّي أو رُبّما كنتُ الأشدّ علماً بما أنا عليهِ في تلكَ اللّحظة :
عابِرُ سبيل .. !
لم يتفاجأ عندما سَمِعني عقلي و لَم يوبّخني بل ابتسمتُ كابتِسامتي عندما كنتُ أُدْمي بأظافري الصغيرة وجه الضّحى علّني أجد فيه امرأةً تشبِهُ أمي .. على الرغم ما كنتُ لأهتمّ بها لو أتَتْ – تتشابَهُ ابتِساماتُ الأطفالِ مادامتِ شجرة البراءَةِ تُقيِّئهم - … قطعتي رِجْل شارعٍ سيسيرُ بمحاذات أرصفتي دون توقف , قاطعتي شرودي , مًتجاوِبَةً أو فالأقُل مجاوِبةً و لم أدري لما كانَ جوابكِ حياةً لي رُغمَ موتهِ منذُ أن لامسَ أذني :
.. وماذا تُريد ؟!
بكى شيئٌ فيّ قبلَ أن أجيبكِ يُشبِهُ تشرّدي في الحاناتِ وبين عيونِ مُرتاديها , يُشبِهُ حنينِي لشيءٍ ما ! كنتُ أبعثُ إلَيْهِ رسائلاً لا أدري كَيفَ أبدؤها و لا كَيْف أختِمُهاو لكنّ صدرها مُقلّدٌ بـ : فتاتِ ليلٍ , وحدةٍ , و كثيرُ كثير مَرَضْ , تٌشبِهُ أنانيّتي الآن و أنا أتذكّر أبي بينما ذاكِرتي تقفُ في وجهِي مكتوفة اليدين , مقطّبة الحاجبين و تزمّ شفتَيها و كأنّها تقولُ : لن أُسقِطهُ بينَ يدَيْكِ الملوّثتين .. ! و بينَ معمعةِ تلكَ العواطِفِ التي طفتْ على عقلي فترة طويلة و على عَيني فتراتٍ أطول ... تشجّع طفلٌ بداخلي قد علّمتهُ الأزقّة معنى الأرواحِ و أشباهِها , علّمتهُ جُدرانُ الحزن كَيْفَ أنّ ظِلّ الرّغيفِ تأكلُهُ يدُ الجوع و تكفيه عن ذل السؤال ! .. فقالَ بصَوتٍ تَسكنهُ بحّةٌ بِطولِ مئذنةٍ و عرض محرابها :
.. فقط أريد الإنسانية !
فبكى ,
بكيتِ ,
ثم أبكيتماني ..
اممم !
أتعلمينَ يا فتاتي ! كيفَ هي أحضانُ الطّرقات التي تجمعُ مُشرّدَيْنِ أتى الخوفُ مِن الحاجةِ و عدَمِ الحصولِ على قوتِ إنسانيّةٍ يسدّ حاجتهُما ؟, و الخوفُ مِنَ الانتظار و قطاراتِهِ التي تعبُرهما مخلّفةً فيهما ابتساماتٍ صفراء مُعلّقةٍ على وجهِ أملٍ ميّت ! : سيأتي غداً , قطارُنا سيأتي غداً و هما يدفِنان فيهما ألفَ صرخةٍ تنفي مجيئه ..؟!
يشبِهُ يا صغيرتي قبراً فيهِ شيءٌ ما اجتمعَ عليه حبيبَين لم يبلُغا سنّ العشق و القبّارُ ينتَظِرُ بلوغه ليأخذَهُ على أقرَبِ قبرٍ فارِغْ و يحثي على وجهِهِ التّراب أو رُبما تُشبِهُ أطفالَ حَيٍّ تجمّعوا ببراءتِهِم تحتَ سماءٍ قد ألبسها الوقتُ خوذة فولاذيّة و قلّدتْ صدرها بدبّاباتٍ عسكريّة تُهديهم كُلّ ساعةٍ باروداً و دماً مِن رصاص .
















رُبمـا !

رُوح 06-11-2011 08:36 PM

منذ أمد بعيد جدا
حتى أني لم أعد أذكره

لم أكرر قراءة نص مرتين فأكثر


وهذا ليس نصا عاديا ، هذا بمثابة معلقة عميقة بها ذائقة فريدة

لا أستطيع أن أقول أكثر، فالثرثرة في حرم هذه الحروف جريمة كبرى ..

أحييك بعمق ، حقا :34:

سكون 06-11-2011 10:15 PM

وأنا كـ روح

أشد على حرفك هنا:34:

صالح الحريري 06-12-2011 12:01 PM

أي حرف هنا ..!؟
وكأنك تخيط لنا من الضوء وشاح حكمة ..
ترسم في كفوف الذاكرة طريقاً يقودنا إلى مملكة روحك ...!!





يا نبيل أنت كثيرٌ بلغتك ...
لا حرمنا هذا الحرف وصاحبه أبداً ...!

نبيل الفيفي 06-14-2011 10:28 PM

اقتباس:

منذ أمد بعيد جدا
حتى أني لم أعد أذكره
لم أكرر قراءة نص مرتين فأكثر
وهذا ليس نصا عاديا ، هذا بمثابة معلقة عميقة بها ذائقة فريدة
لا أستطيع أن أقول أكثر، فالثرثرة في حرم هذه الحروف جريمة كبرى ..
أحييك بعمق ، حقا

النّصوصُ التي تقِفُ علَيْها امرأةٌ ما باتّزانٍ تامْ هيَ النّصوصُ التي يفقِدُ فيها الكاتِبُ كُلّ أصابِعَهُ ..
أهلاً بكِ يا روحْ .






























رُبمـا !


نبيل الفيفي 06-14-2011 10:29 PM

اقتباس:

وأنا كـ روح

أشد على حرفك هنا:34:


أُثني على حرفي إذْ جادَ بِكِ .
































رُبمـا !

نبيل الفيفي 06-14-2011 10:32 PM

اقتباس:

أي حرف هنا ..!؟
وكأنك تخيط لنا من الضوء وشاح حكمة ..

ترسم في كفوف الذاكرة طريقاً يقودنا إلى مملكة روحك ...!!

يا نبيل أنت كثيرٌ بلغتك ...
لا حرمنا هذا الحرف وصاحبه أبداً ...!




يا صالح !

الحِكمَةَ : هيَ الجنون المُتربِّصِ بعاشِقٍ ينظُرُ في عَيْنَيْ حبيبتِهِ المُتدلّيةَ مِن شُرفَةِ اللّيْلِ و القصيدَةِ و الغناءْ
أهلاً بيْ في حَنوِ ذائِقَتِكْ .































يقينـاً .

فرحَة النجدي 06-14-2011 11:19 PM



قِطاف النون هنا : دهن و صبغٍ للآكلين !
تستمد من روح الغيم كثافة و من حباتِ المطر برداً .
هكذا حرفك يا أستاذي كما عهدته ،
و أحببته !

أُثريت أبعاد نثرنا بكِ ،
شكراً عليك .


الساعة الآن 02:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.