![]() |
قلب طفلة
الخميس 16 - 12 - 1430 " أحب تدوين التواريخ " !
في داخلي إحساس غير معرَّف ، يغني لي لحنا منذ القدم ، و حتى أجل غير مسمى .. عن طفلة التهمها المطر الأسود في ليلة نام فيها القمر الحارس ، قذفها البحر الأسود قذفة بعيدة ، و وقعت على نبتة صبار .. سال دمها القاني على الصحراء الساخنة و كتب : ظُلِمت ، ظُلِمت ، ظُلِمت .. مشَت و مشَت و مشَت ؛ حتى ضاعت روحها .. * * * * حدثني هذا اللحن عن أزهار صُبِغَت بالأسود .. غامت بين ضرار الحشائش ، و ضاعت حتى سقطت ..! في نقطة سوداء ؛ التقت الطفلة و الأزهار .. نادَت الأزهار الطفلة إذ جذبها لون شعرها الطويل ، حملت الطفلة الأزهار ، و ضاعوا سوية في يوم عاصف .. طارت زهرة طارت زهرة طارت زهرة و بقي القليل ، ذهب الجوري ذهبت المغنوليا و آخرون ، بقي القرنفل و البنفسج و الياسمين ..! * * * * حدثني ذاك اللحن عن تميمة سحر سوداء ، عصرتها الجدة العجوز لطفلة الشمس .. و أشربتها إياها .. و لأن الطفلة مؤمنة ؛ لم تنادي الأمير ، و بَكَت لربها بالفطرة .! قال لها أحدهم : " قد يوقظك الأمير " ، لكنها ما تزال نائمة ! سخَّر الله لها الزهور التي صمدت لتمدها بالأكسجين .. تعب اللحن و ضاع ..! * * * * جائني ناي و قطيع ذئاب ، يقولون : " افصلي بيننا بقولك " ، أجبتُ : " و ما دخلي أنا بالقضاء ، إنما أنا رحالة بدوية ، خلف الكلأ و الماء ، لأسقي زهوري فأتنفس .. " كشرَّت الذئاب عن نواياها ، فَهَرَبْتُ و قتلهم الأسد بدلا مني .. و تبعني الناي خلسة ...! * * * * في ذات نعاس .. غنى لي الناي : " يا صاحبة الجسد الخمري ، سأغني للآلهة ليمنحوني حبك ، و أبحر معك في نهر الخلود ، و نأخذ كنوزنا معنا لنموت ؛ حين يقدسنا الكهنة " ! راودني كابوس مرعب ، عن جزءٍ مني رحلَ مع الناي .. تفلتُ على يساري ، و لعنتُ الناي .. و شربتُ منبها روحيا لئلا أغفو قدر الامكان ، فرحلتي طويلة ؛ يتقاسمها القيظ و الشتاء ، و تعبرها أعمدة فسق مشتعلة ، و كلاب تنبح في الأرجاء ..! * * * * وجدتُ سنبلة جميلة في إحدى حقول الراحة ، أخذت تخبرني عن أسلاف الدين و أباطرة المجون ، أنصتُّ قليلا و سَأَلْتُ .. كم أنا عجولة ! صَبَرَت حتى خَجِلتُ فوعدتها بالعودة حين أتعلم الصبر .. * * * * و في ذات ليل .. حلُمتُ بالطفلة و الأزهار ؛ يكتنفهم الفيضان .. شهقتُ و شهقتُ ؛ ثم عدت إلى النوم ... * * * * يتبع .. |
الخميس 16 - 12 - 1430
أتاني اللحن بالطفلة و رحل ..
أرهقتني الرحلة و أنا أحمل طفلة الشمي في يدي .. لم أعد أثق بالقمر بعد أن ضيعها .. * * * * كانت تعبرني الأغنيات و تمد الطفلة يدها إليها ، لألوانها الباهتة ، غفلت عن طفلتي أحيانا ، و أحيانا وبختها بقسوة ، مسكينة تلك الطفلة .. نام عنها القمر ، و لم تشربها الشمس ، و أخذتها أنا - بلا خبرة - في عهدتي ..! أحببتها ، و لكني لم أعرف كيف أحب ! * * * * في ذات ظهيرة ، تلوَّت أمامي من الجوع .. قطفتُ لها بعض زهر و عشب ، و قدمتُ لها عصيرا طازجا .. شربته و غَفَت على ذراعي بتَعَب ؛ و انحدرت مني دمعة ؛ لا تزال إلي اليوم في وجنتها تندب ..! * * * * حلَّ المساء و أوقدنا النار .. قتلتُ ثورا و قمتُ بِشَيِّه ، لم تكن عزيزتي الرقيقة تأكل اللحم ؛ فغلفته بحب ليقنعها .. و كانت كل مساء تسألني : " ماما ، متى نصل إلى المنزل ؟! " و أقول أنا : " قريبا يا حبيبتي ، قريبا " لم أقل : " بإذن الله " ؛ فطال سفري .. و في كل غفوة تغفوها كنت أدعو : " يا رب لا تدعني أضيعها ، يا رب احمها من كل شر ، يا رب دعني أحبها حقا " يتبع .. |
السبت 18 - 12 - 1430
جلستُ على مكتبي أدون الحقائق كالعادة ، و أشرب القهوة محلاَّة : كعادتي لا أحتمل المرارة ..
طرقت بابي طرقة ، ثم طرقة ، ثم صمت .. و اُقتُحِمَت الغرفة !. خائط هزيل ، منحني المنكبين ، غطت الشعيرات البيضاء القليلة على عيناه فلم أعلم نواياه .. جلب لي رزمة صغيرة من المجهول مغلفة بقطعة قماش كئيبة ، وَسِخَة ..، نظر إليَّ مطوَّلاً ، ما أزال محتفظة بنفسي عن عَجَزِه .. انحنى أكثر ، تقدم أكثر حتى أصبحتُ على استعداد لشمِّ بذور الشرَّ .. فتراجعت قليلا .. قال : " أريد منكِ أن تسُمِّي فلانا " ، و دفع إليَّ بالرزمة ، أكمَلَ متفضِّلا : " لا حاجة لأي سؤال ، فقط أخيطي هذه الرزمة في وسادته و اخرجي من حياته فورا " . ما زلت صامتة !. و حينها بدت أفعى خضراء صغيرة من رأسه و بَدَأَت بالفحيح .. نظرت إلى الرزمة مليَّا و ثم أعدت بصري إلى رأسه .. إلى الأفعى تحديدا .. قمت ، و مشيت إلى النافذة و أشعلتُ سيجارة .. لم أنطق بكلمة ، و لحق بي العجوز و سحب السيجارة مني و خرج !. أمسكتُ بالرزمة التي تركها على مكتبي و فضضتها على الأرض .. و سكبت عليها ماء طهورا و خلدت لكتابتي من جديد ..! * * * * بعد أيام ، و في ذات ابتسامة من طفلتي العزيزة التي كانت تلهو بكل ما أكتب ، دخل ضباب أسود بغناء خافت من النافذة . بدأت الكلمات تثير انتباه طفلتي فأغلفت النافذة و عادت للعب .. أخذت خنجري و خرجت ، لم يكن من شيء سوى الظلام ، لكني كنت أعلم ، ما يحتوي الظلام .. و أطلقت صيحة طائشة و غفوت .. ! * * * * بدأت طفلتي تكبر ، و أنا أغير مقامي من حين إلى حين ، و ذلك الضباب الغنائي ما يزال يلاحقها .. يوما ، وجدته متعلقا بشعرها الجميل يحاول عقد أنشوقة و هي تغني .. فقصصت شعرها و نهيتها عن الغناء .. سألتني بحزن : لمَ ، إنه جميل !! :( فأجبتها و كلي حب و أمل : أنتِ الجميلة يا حبيبتي ، أنتِ .. :) ضحكَت ببراءة و تَعَلَّقَتْ بي و غفونا سويا .. ! * * * * في أسفاري ، كنت أعلم ، أني سألتقي صيادا شرسا .. و أن قطيع الذئاب يبحث عن أثري .. و أن الناي يسافر في الهواء ليكون السبَّاق إليَّ .. و أن الخائط و الظلام ، ينتظران اللحظة المناسبة لإطلاق الضباب .. و لكن طفلتي كانت قوتي ، و ضعفي أيضا .. حملتها بقوة و صَمَّمْتُ على أن أكون ملاذها حتى تكون الفارسة شديدة البأس و تغرف من بحار الحكمة ما يغرق الأعداء ..! و عندها ، لا بأس من المغيب ..! |
21-1-1431
اقتباس:
لم أكن مخطئة في إدراكي لمن يتابعني .. لكني فقط لم أكن أعلم متى .. ستبدأ الهجمات .. ! |
الساعة الآن 04:56 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.