![]() |
بـ دِرهَم ٍ دِفـْئـًا ..
انفراجة عند الزاوية الخطأ .. بين تلك العاهات الميئوس من توقفها والسكتات التي لا أرجو شفاءها يتفتق الإجهاد عن حقيقة واحدة ، أكيدة : لازلتُ بحاجة للحياة .. |
ربما لأنني منطـَقتُ خصري بحزام عريض لساعات ساخنة ، أو لأنني أغفو كل ليلة على ذمة القلق ، لم أعد أشعر بذلك الحماس السطحي المبدئي الفوضوي الذي يجرفني نحو صوتك كلما تحدثنا عن حسنة تجمعنا أو ظـَنّ ٍ يفرِّقـُنا .. لا زلت َ ذلك الوادي من نخيل النـُّدْرَة أحتاج إليك .. وإن كنتُ لن أموت بدونه ، لكنني لم أعد بتلك الكِريمة الغضة التي سألتك بها ذات قدح البقاء .. ولكن الصمت لم يعن ِ أن ترحل .. لي نفسٌ هي نفسي مهما تغـَضَّنـَت أوراق الزيزفون ، ومهما لـَوَّحَت ملامحك مشاكل الغدر والغربة واليأس والاكتئاب والعزلة والفقر والطقس وما لا يعلمه من نفسك إلا الله .. أيا صاحب البدر .. أنا مرهقة إلى حد الحـَجـْر ِ على أخطاء السّفـَه ، والتـَّعـَدِّ على الأذواق البالية ، والابتسامات المهترئة ، والصمت و السخرية فـ رُبَّ ـمَا .. رُبَّمَا غدا قرأتُ نصوص العشاق بقلب سليم ، ثم سايرتهم فكتبتُ حـُبَّا فيك ومنك لا لغيرك ، وربما أصابتني لوثاتهم فارتفعت لدي درجات الإفصاح عما بداخلي .. |
حينما رَحَلَ بهاء بكيته بإخلاص عجيب .. بكاء ً كان أشبه بالانتحار في ساحة عمياء. ولكن أيضا برفاهية عجيبة .. كنتُ بتلقائية مفرطة أملك خيار البكاء ، كنت لا أزال أنتمي لصدر ٍ أستند إليه وأعتمر النحيب .. حينما مات بهاء وكأننا توقعنا مماته وإن رفضنا التصديق ، ولكن انهيار الأسطورة وإن تحقق فليس من السهل ابتلاعه .. "che" عائلتنا .. ذلك الطبيب الأول في قريته يداوي الجرحى ، وينصح الثكلى ، ينحني على يد الشيخ ويغض الطرف عن عورات البيوت .. الجيل الذي حمل سلاحا على الجبهة ، وسلاحا في عمله .. لكنني تمتعت بكامل حقي في النواح عليه ، في الترحم واستقبال العزاء والدعاء ، واقتسام إرثه أجل .. نعمتُ بالنشيج قرب بصماته فوق أوراقه .. وإيقاظ الأيام الخوالي . كان أبي يحضرنا في تلك الأيام صامتا متجهما .. وكأنه يخبرنا بأنه التالي نظرته نبأتني بشعور كصرير الباب في صدري ، ضياع ومرض في آن واحد . شعور ما يحقنني ببارود القنابل ولا ينفجر ، وإنما ينطفيء بين عظامي ، ثم يعود للتعبئة ولا ينفجر ، وينطفيء في ابتسامة زرقاء ألهي بها أمي . ينطفيء في عقلي حينما أصمت لأستمع إليهن يثرثرن بالبطولات ويترحمن على أبي .. ثم أحسدهن "يا بختهم" يمكنهن الحديث عنه ، يرشفن دموعهن وسوائل أنوفهن ، يرتـِّبن شفاههن في حسرة المتمرسات ثم يتأوهن "الله يرحمك يا بابا" .. كل خزعبلات الصداقة والمواساة والأخوة والهواتف والكلمات المواتية للموقف لم تكن لتنفذ إلي ، ولا إلى أبعد قشرة من المقعد الذي أجلس فوقه .. شيئ ما أشبه بالدعابة السخيفة .. صرتُ أراهم كخيالات الظل الهزيلة يلمعون في الظهيرة ، وفي الليل تنعق فوقهم الغربان .. ولا أبكي لم يعد هناك من يسرد علوم عين شمس ، و والحرب والملك وعبد الناصر وقصة الفلاحين لم يعد هناك من يحيي خط عم ميشيل ، أويذكرني بتاريخ وفاة الشيخ يسري لم يعد هناك من يسألني بساطا قرب منفذ الهواء " هاتي الكليم امدد هنا في الهوا" لم أعد قادرة مواجهة فكرة الكسر الحصاد من الحي اللي عرفته وأنا على كتفه مش عارفة اقول الله يرحمه مش عارفة اعيط عليه |
الساعة الآن 01:25 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.