منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   تلاوة الغيظ . (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=42187)

عبدالله مصالحة 06-06-2020 04:22 PM

تلاوة الغيظ .
 

اكفهرّ بنا مَلمَحُ العِتاب, ونَقَرت فوق رؤوسنا الأيام , نَقر العَنا إثمَ الطَّبيعة , واستهلَّ بنا مَنزِلٌ لا يُؤاخذُ بالبَسمة النَكراء تضحية , فألِفنا ما لَم نَبتغي حَظاً باردا ً يستوي بنا إلى أفقٍ مجازيُّ الاعتلاء, وارتحلت أشجارُنا إلى ذات الريح التي لا تَهمُّنا , وحينَ سَردنا تضحيات الأمل الباهتة , خانتنا أيدينا , وعجُزَ وَقفنا إلى جلمودٍ طَويلُ السَّهر , بعيد نَظر البحر المُجيبِ فراغا ً , فلَم نأتَلِ رُشدا ً يُعيدُ صورَنا كامِلَة , ولم ندوّن على أوراق شجيراتنا الكئيبة أسماء ً تَعبُرنا , لأنّا تَركناها في الحرب البائِدة لعقولنا المَريضَة , ورَكَضت منّا أروقتنا بالمعاني الوارِدَة , فنأت عنّا العَناوين , وشلَّت أفكار التأدية ,


رَميتُ نَفسي إلى ما بَعد الحَديث وتنميقات الكَلام , وغصتُ وَحيدا ً كما بدأت قصص التَّكوين , أزرعُ في نبات إثمي شَوكاً خُلقَ ذابلا ً كأزهارٍ محشوّة بالغياب المقيت , أنتزعُ أصابعي مِن غدر الفصول , لأروي ظمأ حُجَّتي في رذاذ المَطر , وأسكبُ مِن قافلة ذكراي طُقوسا ً هي أعلم بحالي مِن زَعزَعتها , فحينَ تُريد أن تَكون نَفسَك , عليكَ أن تثير حفيظَة الأسئلة في وُجوه الآخرين , وإلا فجوابك عتيدُ مرضِ الابداء , نشرت أوراقَ تَلفي في أرضٍ تَعي بالأحقيّة مُرادَ الأشياء , فأنجبتني في بضع أتربة , حَزُنَ لها صَدى الارتداد , فهل أزيدُ انشغالات الصُّراخ في مُخّ الكلمات ..؟ أم آوي إلى ظِلّ أنحَتُ فيه عَناويني وأستقم ..!


لا عَليكَ أنت , إنّما الصَمت أجدرُ عُرفا ً بركام التَّضحية , وأثبتُ نَقلا ً عَن اختفاء حُنجرتك , حين تسقط دمعة الامتنان .!

فيا وُجوهنا مالَكِ فينا وُجودا ً , ومالِ ذكر الحَديثِ عَنك بتليد , إنّا لَمّا طَغى الحبر أفئدتنا , نازعنا جِنَّ الأوراقِ هَيبة , واغتالَنا الكَذب والتّسويف , فأمرنا بغير أمرٍ نعقده القلوب , وحِرنا غافلين عَن غَفلتنا , واستحقّ بنا الهَرب , وهل نَستوي به حينَ الرّجوع ..!

نادرة عبدالحي 06-06-2020 07:44 PM


تلاوة لها نبض مُنتظم / تخترق الروح القارئة لتاخذ بيدها
مشاهد فنية تنقذ الفكر من الغرق ،
اقتباس:

أزرعُ في نبات إثمي شَوكاً خُلقَ ذابلا ً كأزهارٍ محشوّة بالغياب المقيت
اقتباس:

إنّما الصَمت أجدرُ عُرفا ً بركام التَّضحية ,
سلم البنان كاتبنا الفاضل ودمتم للإبداع منبرا وحياة ،

قايـد الحربي 06-06-2020 10:35 PM

:
:

لم ينفك عبدالله يجيد التلاوة مُذ عرفت حرفه ..
يأتي كخشوع ، كرضى ، كطمأنينة تعيد الأشياء
إلى أصلها و صلتها .
؛
بك طاب الزمان والمكان
فأهلاً بك مُرَتَلة .

إغفاءة حلم 06-07-2020 07:13 AM

مامن شيء متوقف هنا
حتى تلك الأشياء التي اتخذت صمت الحجارة نهجاً
وهبها حرفك منطق النهر
رائع جداً ياعبدالله ..

نازك 06-07-2020 08:15 AM

صدقاً كما أسلف الأخ الفاضل عاليه
كل مفردة هنا تقرأها فتشعر بحالة وجدانية غريبة تدعوك للنزوع لذاتك العميقة
والإنسلاخ من وعي الآن إلى دوامة مايثور في مكنون النفس ولكن بحرفية كاتب يُمسِك بزمامِ اللغة
لغة لاتشبهُ إلّاه ولا يُسرف في بهرجتها بل تتساقط من بين أصابعه بسلاسةٍ بالغة
كنتُ ولم أزل أقتطِفُ شهيَّ الثمرِ

زادكم الله عُلواً حِسّاً و معنى

نادية المرزوقي 06-07-2020 11:06 AM

عبدالله مصالحة،

متصالح مع اللغة ، حبكت رسنها، و أنت فارسها المغوار.


:
شكرا لجمال اللغة و رصانتها.

دمت بخير و عافية.

نبيل الفيفي 06-07-2020 08:30 PM

حسنًا !

لنتفق أن هذا النص حكيم ، حكيمٌ جدًا بلغته ، بتسلسل أفكاره و بفكرتهِ الأُم .

" رَميتُ نَفسي إلى ما بَعد الحَديث وتنميقات الكَلام , وغصتُ وَحيدا ً كما بدأت قصص التَّكوين , أزرعُ في نبات إثمي شَوكاً خُلقَ ذابلا ً كأزهارٍ محشوّة بالغياب المقيت , أنتزعُ أصابعي مِن غدر الفصول , لأروي ظمأ حُجَّتي في رذاذ المَطر , وأسكبُ مِن قافلة ذكراي طُقوسا ً هي أعلم بحالي مِن زَعزَعتها" .

حمدًا لله على سلامةِ ذائقتي .



..!

عبدالله مصالحة 06-11-2020 07:12 AM

المفضالة : نادرة عبدالحي
لكرم مقدمكم يزدهر الأدب ، كل الشكر والتقدير .


الساعة الآن 02:23 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.