لم تأتِ

حتى الليل.. أخذ يبتلع صمتي..
ويخرق عمامةً.. كانت على رأسي..
تقطر من الأحلام حباً..
وتتعطر من مسك الأمل بالوداد
كانت بالأمسِ.. كما هو اليوم تاريخُ القدسِ
ومازلت ابحث عن ضحايا روحي..
هي أشلاء..
غلفها من الجسد.. جلدي
إرثها من غير عِبَر.. وبقايا إبر..
تخز سائل الأشواقِ في صدري..
وتزهر.. بين أغصان خدي..
ثماراً ليس لها لب..
وكرزاً بنكهة الحداد
تموت في المدى.. براعم اللحظاتِ..
هي أطول أعناقاً من أيما ليلِ
يشربني تارةً وأخرى يصب..
ألا ليت صبري يجاوره السهاد
الآن.. ومن قبله حتى يوم ميلادي..
مازلت أحمل فوق الكتف.. هامتي
من ظلمة الجب.. إلى نور..
نسي أن يقطف من العمر ميعاد
:
إنه المساء الذي..
ترك لي عظاماً.. باردة.. فيها العزلة.. تقشعرني
ويزرع أشواكاً.. صلبة.. على مداد جسدي
ويوقظ قناديلاً.. شرسة.. من غير رحمة.. تأكلني
ويضيء سراباً.. بها.. فراغات الوحدة.. تصلبني
وينسج شراييناً.. تغزل.. قلة الحيلة.. من أمري
ويسكب شلالاً.. يطرز.. مرارة الحيرة.. فوق جبيني
:
حتى الليل.. ما عاد يرويني.. ولا يُسّليني
لا ولا يُنسّيني.. هموماً باتت في القلبِ.. تحرقني
وتحرك غيوماً.. سُرقت من تحت أقدامها.. أيام العمرِ..
أراها عاجزةً.. لا تقوى العناء.. من خلٍ لا يأتي منه إلا الجفاء
إلا ليت سُحباً.. تلقح الصفاء.. حتى تلد لي.. أمطار الهناء
:
هذا الليل.. ترك لي حرماناً.. كالنهر.. يجري
عبر صمامات التعب.. تنسكب.. أحلامي
وينهش من الرأس.. وهمي
هو مُر المذاق.. خالٍ إلا من الأشواق
تنفلق من الصخر.. وتنحني
أمام الضجر.. وعلى الأرض.. ترتمي
متعبة.. منتهكة.. دمائي
تقلب مسارات الفؤادِ.. أوجاعي
وتشيد على الدوامِ.. هياكل أوردتي..
هي مساكنها.. حتى ظننت أنني..
منذ تكوين المضغة.. حتى تاريخ ولادتي
توسد الفرح كفنه.. واحتضن الظلم لحدي
من يرث الوجدان من قلبي.. وأمواج الشجون من بعدي؟
:
:
:
حبيبتي التي لم تأتِ..
مع خالص مودتي
هي لكِ وحدكِ..
إنها.. وصيتي
:
جهاد غريب