أنا السيدة التي لا تحتمل الخذلان ، وليس لمن يقرب منها فرارٌ يتداركه حتى لا يقع في فخ احتمالات تلف روحه في منعطفات مزاجها الخاص ، ليس له أن يسلى الحنين الجارف الى المنزلة التي وهبته ذات رضا،ليس له ان يبدل ذهبي بعناصر ٍ تتبدل سريعا تحت وطأة الطقس والمعنى ، وليس لإمرأة سواي أن تثير عاصفة الاسئلة في ذهنٍ متقد كما أفعل.
أنا الروح المعتقة العالقة في الغيم الخرافي للوحةٍ رسمها فنان خارج التفسير ومات منتحراً ، ألقى بجسده المنهك من جسرٍ علقه في لوحةٍ اخرى وأرسل صرخة للكون في سقوطٍ مبهر تيمناً بكل ما هو عظيم وساقط فيه منذ النية الأولى الى النزع الأخير.
أنا التي تلقي بأفكارها حرة للريح ، لا تهتم ان ضاعت او راجت أو أتت مرتبكة بلا ترتيب ، فيّ من الفوضى ما يشبه الحياة بزخمها وتعبها وعصفها ، لا شيء يشبهني في عشوائية العيش سوى الارض التي تخبيء كينونتها الحارقة وتدعي السلام.
أنا السيدة التي تؤلب بعضها على بعضها كل مساء ، تحارب الملل بالتحدث الى خشب الصناديق المقيد بالفضة تحضنه وتخنقه في آن ، وتكشف الادراج المندسة بخجل في الزوايا وتعيد ترتيب عطورها حسب أبجدية الهوى في ليلها الفارغ منها.
أنا التي كنت أخجل من تكرار أناي ، إستدليت عليها متأخرة جدا ً في حساب العمر ، ومبكرة جداً في التاريخ ، والتي بتهور عميق قايضت حياتي بحلم ، ثم وبصفاقةٍ كبرى وحماقة متناهية منحته وقتي والآن أكتب رسائلي في غصة الندم على الوقت الذي ضيعته في وهمِ التخيل.
أنا العائدة اليّ كما كنت ، عصية على البذل ، مترفعة عن الرزايا، سماءي عالية كما لا يُقاس ، أعلق في الروح سراجاً من نور وأمضي غير عابئة بمن تعثر بعدي أو وقع خلفي، لا ألتفت، ليس لمثلي ان يفعل ، اتخفف مني ، من ذكرى كنت اظنني اريدها وها انا انظر لها متعففة زاهدة فيها ، لا شيء يدفعني لأكون غيري ، لأستظل بسقف لا أملكه ولا يخصني ظله.
هكذا آتي ليومي على مهلٍ ، لا شيء يربكني ، لا شيء يشغلني ، أمضي خفيفة مثل غيمة وأكتفي بي.