حكاية عقيق - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 324 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-17-2020, 01:40 PM   #1
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي حكاية عقيق


في عيون (عقيق) تغزل الشعراء وجدلت معاني اللغة وخادعت التوريات لعلهم يصلون لدقة التكوين وغدر النظرة حين تكون بريئة وجارحة مثل خنجر مطعم بالجوهر العسلي المكثف نائماً في دعة الخدر اللذيذ في انسان عينها فإن رشقتك للحظة ، ترنحت كلك، لا سندٌ ولا نسب سيعفو عن دم قلبك المسفوح على عتباتها، ستبيت ليلك تستنبت خيالاتٍ متنوعة في تشكيل باقي الوجه الذي حجبه عنك اللثام ، تقف عند الشفتين متلظياً بين ملتهبٍ وبارد سُكري ، تنهض بك الوجنتين في وردٍ منثور في صحن فضة مجلية ويقف الانف محتجاً على الهتك…

هكذا وُلدت عقيق لا استطاعتها الداية الأولى في مطلع هلالها رضيعة تُولد بلا بكاء، متسعة العينين ، ساطيتهما،تبحث في الفضاءِ الملتاع من قيظ السنبلة والمُحمل برائحة التمر المنثور في الحقول القريبة والحُصر التي تحتضنه،شعرها الاسود يصل الى كتفيها وعلى كتفها الايسر شامة على شكل ِ فص عقيق يلمع بين حمرة الوصل واسود المنع وكان اسمها عقيق…

بذلت الدايات حيلهن في محاولات ٍ فاشلة لحملها على البكاء ،لم تفعل ، همست عجوزهن هذه (بنت جنان) لن تعيش لهم…

تعثرت مبروكة في طوي الارض ركضاً لسيدتها النجيبة كي تحظى ببشارة السلامة بعد مخاضٍ تناوب على كنتها سبع ليالٍ وفي الوصول لمحت وجه السيدة مبيضاً وهي تتعصب بقماشٍ اخضر مطرز بالذهب وتحمل في يدها صرة مفتوحة تعد حباتٍ تناثرت منها في حضنها وتتمتم باوراد ٍ لا تفقه منها مبروكة الا النغم ولم ترددها النجيبة مذ رحلة السيد الاخيرة الى ارض الهند.

بادرت مبروكة بالسلام على الخلوة كما عودتها السيدة ثم جثت عند ركبتها اليسرى ،مدت يدها العنبرية ولامست حرير جلبابها فاومأت لها السيدة بأنها تعرف البُشرى، حل الصمت الذي لن يفض غشائه الرقيق الا صوت النحيبة ومكثتا برهة طويلة لم يُسمع فيها الا طقطقة حبٍ وهمهمةٌ مبهمة ، ما ان فرغت من ما كانت تفعل حتى لوحت بيدها اليمنى وقالت كلمة وحيدة: جمر.

انتفضت مبروكة وهبت لإشعال المبخرة المتوسطة المبخرة ، اخذت تقلب الفحم وتساير ارواح اللهب في سعيها لاحلال اللهب في جسده، وما ان تهيأ تماما للأخذ نهضت النجيبة وفي يدها اربعين حبة فلفل اسود من ما تبقى مما وهبته اياها والدتها من قبل حين خطبها السيد وحان وقت انتقالها من يمين الخليج الى يساره وكان آخر شيء وضعته في يدها قائلة لها هذا التابل ليس للبطن ،انه لما ستعرفينه في التعيين من نجمٍ بوقته وعرفته لكن هذا حديث آخر

اخذت النجيبة الحبات وهمست فيهن ثم نادت إسماً لكل حبة وألقت بها من جهاتِ المبخرة لا على التعيين وكلما اخطأالتصويب اسماً دونته في ورقةٍ لديها وبعد ان فرغت
صيرت الغطاء على المبخرة وقالت للمبروكة

(هذا المبخر قرينك ان فُتش فُتشتِ وإن كُسر كُسرتِ فإن اردت النجاة لا تغفلي عنه فقد عقدت روحه بروحك)

جفلت المبروكة وقفزت الى الخلف فبادرتها النجيبة بخلع قلادة ذهبية معلقة في البسملة والبستها اياها وقالت ( هذه بشارتك وستكون في قلبك بصيرة فإن حاول احدهم مس خلوتي ستحرقك البسملة وتوقظك من نعاسك المُعتاد ولا تجزعي ما اخترتكِ الا لصدقٍ فيك اعرفه وولاء منك احسه )

امرت النجيبة بناتها بالتهيؤ لزيارة عقيقة الوقت وبدء نوء السعد وكانت النظرة الاولى لوجه السيدة مكشوفا منذ أربعين عاما


يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-17-2020, 02:07 PM   #2
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


زرعت النجيبة الضغينة في قلب العمتين للطفلة التي ما تجاوز عمرها الساعات، اخذتا تتهامسان وتقارنان ما حدث لاولادهما ولهما في البكور راحت الواحدة تُذكر الأخرى بأن عقيق تحمل سلسال النسب وتظهر اسم القبيلة ردت عليها الثانية ان عقيق انثى ولا يصح في العُرف ان ينهض الطقس لانثى.


عينا امهما سبيل كشف. &وكانتا تجولان في وجهي ابنتيها ، تلمح بوادر ٍ لحظوظ عقيق من سيدات العائلة وهاتان الاقرب في نبل الدم

خرجن السيدات الى الدرب الماءي قرب النهر الناضب في يمين القلعة وعبرن العاملات يمهدن الطرق لهن وعلى جانبي الدرب تجمعن بعض فلاحات سمعنا عن خروج النجيبة في غروب الشمس فاردن التماس رؤية وجهها الذي لم يلمحه احد الا وكثر خيره وتزوجت بناته وتضاعف حصاده لكنا لا تكشف عن وجهها الا لحدثٍ عظيم ولم يكن نساء القرية في علمٍ يتيح لهن تصنيف ميلاد عقيق ابنة بكرها عبدالله ولا اي مرتبة يحتل ، كل ما يحدث في بيت النجيبة لا ياخذ اهميته او شانه من سواها هي من ترفع وتحط وهي من تسمح وتتغاضى وهي من تهب وتمنع

وكانت مكشوفة الوجه واليدين فعلت الزغارد وتعالت ضحكات الفتيات وسخنت صدورهن في خيالات القرين المتاح في ما حول وسقط في وعي الفلاحات موسم حنطة وتمر وسمن كثير ودرٍ وسواه من امور الترف التي لم يعتدنها الا في نادر الوقت

زادت على كشفها النجيبة بأن نثرت بيديها هي الدراهم الفضية على السيدات وحمل بعدها سبعة رجال اقوياء موائد ووولائم عقيقةً ل عقيق حتى تدسمت ارض القرية كلها وقيل تلك ليلة لم يبت فيها جائع او محزون ولم يصلي فيها احد لم يدعو لعقيق وجدتها وان الناس جميعا تشاركن حلماً واحداً قال العارفون في الحلم الذي كان نصه المتفق فيه

(رؤية النهر الناضب يفيض من جديد ويمتد الى قلب القلعة فلا يميز الرائي اهو يصل للقلب ام ينبع منه وان الريحان. في كل المواسم تعرش وسكن العتبات والنوافذ وان حمامات بيض كانت تذرع سماء القرية وتظلل على الزرع عن حُرقة الشمس)

قالوا

( ستعيد عقيق المولودة في بزوغ نجم سهيل وحدها في الناحية لم يولد معها لا ادمي ولا دابة في هذه الارض امجاد القرية التي بادت منذ مئات السنين وسيكون خصب وترف وحياة عز ما دامت عقيق ترعانا ونرعاها )

بعد هذا الحلم نالت عقيق مناصريها وحماتها كما استحقت حاسديها ومبغيضيها وكانت للتو ابنة سبع ساعات حين حملتها النجيبة الى البدر الوليد تقرنه لها وتقرنها به وبدأت بتحنيكها بالتمرة ِ المباركة ثم بادرت بالتاذين في اذنها اليسار جهة القلب.

قد يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-17-2020, 06:22 PM   #3
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


كلما حاولت السيدة اقامة الاذان في يسرى اذني عقيق تلعثم لسانها وانغلق خلقها وانتابتها غصة ، حوقلت في سر صدرها واخذت تخاتل السيدات حولها وتوهمهن بانها تؤذن في همسٍ اعادت الكرة مرتين وسبع ولم تستجب اذن عقيق لصوت التمبير ولا هيبة الشهادة

إحمر وجه السيدة قلن النسوة من فرط نشوة الفرح لكن ابنتها الكبرى من طول نظرٍ وعشرة لوجه والدتها تعرفت على هاجس الدهشة في ارتعاشة وجنتيّ النجيبة والتي لا يهتز لها جفن ولا تتغير لها هيئة الا لأمرٍ جلل

ظلت عقيق في حضن جدتها التي منحتها ابهامها ترضعه ولا يعلمن النسوة كيف صبرت الطفلة دون صدر امها وحليبه كل هذا الوقت وهي المولودة للتو وكلما نوت جدتها لامها باخذ الطفلة وقبل ان تنعقد النية بلسان الطلب ترمقها النجيبة بعينٍ قاتمة تلمع مثل نصلٍ خارج نص الحجب

ما ان تعشت النسوة وباركن وتبخرن حتى نطقت مبروكة (ما بعد العود قعود)

لملمت النسوة بناتهن وفضولهن ووقفن ليصافحن النجيبة وهي لا تمن على يدٍ بلمس بل تضع يمينها في طرف شالها الاخضر وتمس اليد الممدودة بالكاد

لم يتجرأ احد قط على سؤالها في شان امتناعها عن لمس السيدات هي وحدها تعرف كم يحملن من ضر وشر في اطراف اصابعهن وفي نظراتهن وهي تعلم كم غيمة سوداء استجلبن نحسها لنسلها وسيد بيتها من قبل فتعلمت الا تثق في اللمس وان لا تنصت للحديث ولا تلتفت للصوت

بقت العمتان فامرتهما امهما بالذهاب لزوجيهما حيث انها قررت المبيت في بيت ولدها الوحيد احتفاءاً بوليدته والفتت بلا كلام للجدة الاخرى مسلطة عليها زمة الشفة العليا ونظرة العين حتى تنهدت أم الكنة عالياً وهبت قائمة متجاهلة تضرع عيني ابنتها وقالت بدعة

( لم يُتح لأي من نسائنا ان تُشرف مثل السيدة النجيبة على نفاسها فلا بد أنكِ محظوظة يا ابنتي ارتاحي الآن وسازورك صباحاً)

بقت النجيبة ومبروكة التي هيئت للكنة ماء اللبان والمر المُبخر والعود المربوط بقشر قهوةٍ يمنية سوداء وعصيدة تمر بالفلفل الاسود واصناف اخر كما يستقضي الحال واخذتها لخلوتها تاركة النجيبة وحدها مع عقيق تهرول بها الدهشة عند سماعها لحديث بلغةٍ لا تعرفها بين سيدتها وصوت آخر لا تميزه وهي الاكيدة ان السيدة وحدها مع وليدة لا تتحدث وانها قد اغلقت الباب بعد ذهاب الجدة الأخرى بالرتاج الثقيل وانه لا احد قادر على اقتحام مجلس سيدتها

وبعد ان غفت الكنة تسللت مبروكة للمجلس الذي فيه السيدة وحاولت الدخول من الباب الوحيد للمجلس وكان موصدا ، مدت يدها لتدفعه ووضعت يدها الثقيلة على مقبض الباب فاصابها ما يشبه البرق صعقها صعقة خفيفة ورمى بها الى جانب المجلس مغشيٌ عليها

في بوادر الضوء والمؤذن يصدح بالفجر عادت مبروكة الى وعيها، هبت واقفة ونظرت الى باب المجلس فإذا هو مُشرع ، تسللت الى فرجة الباب ووجدت عبدالله سيدها يجلس أمام امه النجيبة ويستمع لهمسها هازاً راسه كل برهة وعقيق في حضن النجيبة ترنو بنظرها بالتناوب بين وجه جدتها وتلتفت لابيها كلما هز رأسه.

مبروكة في موقف التعجب مزروعة في فرجة الباب معلقٌ بصرها بالصغيرة حتى أتاها صوت السيدة تناديها ان ادخلي ولا تقفي بالباب فدخلت مطاطاة راسها ، هش لها عبدالله كالمعتاد ونادها (يمه) تحبباً كما كان يفعل في طفولته ثم هب ليقبل راسها والنجيبة تنتظر ان يفرغ ابنها من هزله ثم امرته بالذهاب للسلام على زوجته ومن ثم الصلاة وخرج عبدالله مبتسماً.

اقتربت مبروكة من النجيبة وقالت لها

(سيدتي لم تقربي طعاما منذ البارحة ولم ترضع الطفلة كذلك الا يجب ان ترتاحي وآخذ عقيق لامها)

تجاهلت السيدة حديث مبروكة وبادرتها
( احضري ثياباً جديدة لعقيق واخبري والدتها بانني ساقيم معها حتى تبلغ اربعينها ثم ستنتقل معي الى دار السادة في تمام الاربعين هي وعقيق وولدي واكدي عليها ان لا تراجعني في ما ذهبت اليه وان لا تستجدي البقاء لان عقيق لن تتربى الا في حضني فان ارادت بيتها فلتمكث فيه وزوجها ويتركون لي البكر ويستعيضون بغيرها والا فلا مناص من الإنتقال الي منزلي)

وهكذا لم تناول النجيبة عقيق لوالدتها الا في ساعة الارضاع وحسب ولم تسمح لاي بشرٍ آخر بلمس الطفلة او تنظيفها او الاطلاع على جسدها سواها كانت تسهر بها وتناغيها وتحممها وتغير ثيابها كل الوقت حتى خافت مبروكة وارتعبت العمات والخالات وسيدات الاسرة من ما تخفيه النجيبة في التعلق بعقيق وما الذي يجعلها تنقطع للعناية بها وتضعها في يسار قبلتها في تهجد ليلها ووقت صلاتها وحمامها الخاص ولا تسمح لاي مخلوق قرب او بعد بودٍ او بأجر ان يقرب منها

يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-18-2020, 01:06 AM   #4
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


انتقلت النجيبة بالطفلة عقيق الى بيتها ولازمتها كما الظل ، لا يهنأ لها بال الا وهي في مرمى البصر منها حتى ان بنتي النجيبة ظلتا في موقع الدهشة زمناً ،وما ان بدات عقيق الجلوس حتى منعت النجيبة عنها الزوار باستثناء مبروكة وعبدالله والدعقيق وسلمى والدتها فقط والتي فطمتها في الاربعين ولزمت بيت زوجها بعد نهرٍ ناضب وشارعين وتركت الفتاة للجدة ولم تشعر بشيءٍ من حسرة فهي في الخامسة عشر من عمرها ولن تُحسن العناية بعقيق على كل حال وفضلت ان تبقى مع زوجها في خصوصية المكان وعزلته بعيداً عن سيطرة النجيبة واسرارها الكثيرة المربكة

في بدر الشهر السادس من عمر عقيق قررت العمتان زيارة والدتهما وارسلا لها هدية عظيمة ومكتوب من الرق المذهب يطلب الاذن بالحضور لها وبعد القبول والبركة اتيا بعد ظهر قائظ ودخلا لمجلس السيدة ولاحظتا حالاً المنز المرتفع على ما يشبه صارية سفينة والمغطى بلفائف حريرٍ اخضر مقصب بالمعوذتين وحروف طلسمية متداخلة ،تحته مبخرة لا تنطفيء تفوح بارواح الصندل والعود يتداخل دخانهما ويتصاعد ليكون مثل صحنٍ غيمي شفاف حول السرير الصغير ولا يتخلله يقف عند اطرافه كما حارس لهواءه.

بعد القهوةِ والسلام وتبادل الاحوال والاخبار بادرت الابنة الكبيرة ليل امها النجيبة بسؤال مستقيم لا لوع فيه ولا مخاتلة

( اماه ،سيدتي ) حنت رأسها واكملت ( لنا من الاطفال مجتمعون اربعة عشر ولابناءكِ الآخرين مثلنا او اكثر ، ما الذي يميز عقيق عنهم وهي الانثى الصغيرة بنت الغريبة البعيدة ما السر الذي يجعلك توقفين حياتك عليها ولا تظهرينها حتى لنا نحن عماتها)

حل الصمت المهيب حتى اوجست العمة الصغيرة خيفة وتكثف حولهما هدوءاً عجيباً مظلماً بعث بالنعاس والصداع في عيني العمة الكبيرة ليل وكأنما مر يومٍ وغادرت ليلته قبل ان تتحدث النجيبة قائلة

( الأسرار يا ليل عبء على حاملها كما القضول قتل بطيء لروح متبنيه اما الطمع فخطيئة كُبرى تُثقل نفس متعاطيه حتى لا يستلذ بشيء ٍ عنده او لديه لان هناك دائماً من يملك اكثر او افضل او اجمل ، ولانني اخاف عليكما من وطأة السر وعبء حفظه منعته ، لا عنكما وحسب بل عن نفسي انا فلا تسألا عنه ولا تطمعا في منزلةٍ ليست لكما ولا لنسلكما ما دامت الدنيا ولا في فناءها لكم الا ما هو لكم وسياتيكم فلا تحاصروا حظوظكما بالامنيات ، ما دام فيّ رمق لحياةٍ استطيعها سيكون لعقيق هذا الشان فإن اردتما الراحة تحاها الامر ولا تكترثا وتنعما بوجودكما في وقتٍ تعيش عقيق فيه وهذا لو تعلما حظٌ عظيم)

ونفضت جلبابها ووقفت فتعثرتا واقفتان واذنت لهما مؤشرة بيدها للباب فخرحتا وهما لا تعرفان ما الذي حدث ليغضبها هكذا…

يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-19-2020, 07:33 AM   #5
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


حاولت العمات الاخذ بالنصيحة انما غلبتهما الغيرة وعمى بصيرتهما الغضب فاخذتا تتلصصا على البيت الكبير وتزورا امهما كثيرا وتدسا في يد مبروكة العطايا والهبات التي وبدون ان تعرفا كانت تذهب للنجيبة وتضع كل شيء بين يديها من مالٍ واخبار وهدايا والسيدة تستمع للاخبار بغير ما اهتمام وتترك لمبروكة المنح كلها

وبلغت عقيق شهرها التاسع حين استيقظ اهل القلعة على مطرٍ غزير لم تنله الناحية منذ زمن ، لم تشفع لهم قرابين ولا صلوات في جفاف ارضهم كل الثلاثين سنة التي مرت عليهم بمرارةٍ واسى وتحول فيها الكثير منهم من اصحاب اراضي الى بحارة او صيادين حيث لا يفصلهم عن الخليج الا ساحل رملي ضيق وبقايا بناء غامض مسور لا يعرف احد من بناه ولم كل هذه الاقفال عليه

اتى المطر متقطعا وكثيفاً في مواقع الآبار وعلى النهر الناضب فاضت الغيوم وتلاقت في صخب حتى تراءى للمارةِ ان الارض انشقت والسماء انفتحت ولم يعد يميز الرائي اتمطر المساء ام تفيض الأرض

في خضم كل هذا وحدها مبروكة عرفت ان النجيبة في بدر تاسع اشهر عمر عقيق اخذت الطفلة الى البئر الرئيس في القرية وبيديها الفضيتان سحبت دلو الماء الذي احتوى قطراتٍ قليلة وانها غمست رجل الطفلة اليسرى في الدلو وصبت الماء ثانية الى البئر ووحدها مبروكة تعرف ان موجة المطر في غير موسم اتت بعد هذا الطقس بثلاث ليالٍ لا غير مع انها لا تعرف لم تذكرت تذا الطقس الذي ادهشها عند اول طرقٍ لحبات المطر الرقيق على نافذتها

استمرت الامطار حتى غسلت الارض وطهرت الاسطح وعادت القلعة مثل عروسٍ في جلوتها الاولى فاستبشر الناس وقالوا هذه مواسم تعيد لنا الرفاه الذي كان واخذوا الشيوخ يتهامسون عن الخير الذي عم منذ طلوع النجيبة مكشوفة الوجه واليدين في ميلاد عقيق ومنحوا بركتهم لتفاسير الحلم وعودة النهر وقرنوا هذا وذاك بعقيق وفأل ولادتها


ي منتصف السنبلة ، تحديدا في بزوغ نجم سهيل وبداية بشائر الرياح الخفيفة القادمة بعطرها تتهادى من الشمال اتمت عقيق عامها الاول دون ان يرى وجهها العامة فقط جدتها النجيبة ووالديها ، لم تصدق سيدات العائلة مبروكة حين سالوها عن الشبه في ملامح عقيق وهل بوجهها ما يعيبه لاخفائه هكذا

احدى العجائز قالت وهل لوجه السيدة النجيبة سوى وسم الجمال النادر مسغبة حتى تخفيه حتى عن قرينها في النهارات ومنذ قدومها صبية وهي لم تخلع برقعها امامنا الا في ولادة بكرها عبدالله ولبرهة الشهيق والشهقة التي اخذتنا في رؤيتها ثم عادت الى عهد اللثام ولم تخلعه الا في ولادة عقيق

ردت عليها الاخرى نعم صحيح وقد منعت عبداالله من الزواج واختارت له من بين عشرات الفتيات زوجته الآن مما جعل كل اخوته واخواته يسبقنه في الزواج والنسل ولم تعترض على اختيارات اولادها وبناتهاابداطالما جُدل النسب في الاجداد بدم ابيهم واسمه لم يهمها مال او جمال ولم تُسكن احد لديها قط ولا حتى بكرها كما لم ينم في خصرها طفل سوى عقيق

في تمام العام استيقظ الناس على صوت ماءٍ يتدفق خفيفاً ويصب ، كان المطر ياتيهم بانتظام منذ الدفق الاول منذ ثلاثة اشهر لم يمنعه صيف ولم يعرفوا القيظ هذا العام لكن هذا ليس بصوت مطر ، صوت ماء لا شك لكنهم لم يتعرفوا على نوعه ولا مصدره

دون العارفون في تاريخ القلعة ما يلي


( تناثر الناس في الانحاء في غبش الفجر بلا قناديل متحدون ببصيرةالاجتماع على امرٍ ، ينير دروبهم بدرٌ يغيب وشمس ٍ متثائبة ، تفرقوا في الجهات الاربع على شوقٍ وفضول وبعض خوف ووجل آمرون صغارهم ونساءهم بالمكوث في المنازل حيث ان الماء على قدر نفعه يؤذي ان خرج عن نصه وتتابع ، ولم يجدوا ما يُظهر للصوت معنى ولا رأوا ماءً وظلوا هكذا في بحثٍ وقلق حتى تعالت الشمس في وسط السماء واذن المؤذن بصلاة الظهر حين صرخ مجنون القرية هنا هنا)

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-19-2020, 03:17 PM   #6
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


مجنون القرية صريع هوى لسيدة ٍ لا يعلم اسمها احد سواه ولطالما اغراه الشباب بالمال وهددوه بالعصي لا هم نالوا بوحاً منه ولا هو استرد عقله الا لحظة نطق الاسم يبزغ له عقل في كل طرف ويذوذ عنها اذا شتموها ويمارس كل ما يمنحه الجنون من حرية في التشهير بهم وبما يعرف عنهم من رزايا فقد اتفقت عامة الناس ان يفعلوا كل مشين في حضرة المجنون ظناً منهم انه لا يفقه

عند صرخة المجنون تحرك مختار القلعة صوب الصوت فقال له شيخ المسجد فلنصلي اولاً لكن الشباب لم يطيعوه وتجاهله المختار ايضاً وذهبوا للمجنون في وسط الدرب الذي يربط القلعة بالقرية مكان النهر الناضب

ما ان اشرفوا ومنحتهم الشمس انعكاسات نورها الساطية حتى غشت اعينهم غمامة كما يشبه سراب الماء فلما تبخرت النظرة الاولى وهب سرب حمام طائراً جهة النور تبين لهم نبعٌ تنبثق منه نافورة في قامة ولدٍ في التاسعة تقريبا والماء يفيض منها على ما حول برقةٍ وسلاسة لا يتسبب في شق الارض او زعزعة اركان المكان ، يفور ويهدا فاقتربوا اكثر ومد المختار يده ليتذوق الماء ووجده حلواً ورائقاً كما كان النهر في ذاكرته مطعما بزهر البرتقال الذي ينمو في ارض القرية كل الزمان وفيما هم في صمت الدهشة وميزان العجب يميل بهم لاحتمالاتٍ شتى التفتوا

كان نحيب المجنون يعلوا وهو يحتضن الأرض ويقبلها كما استطاع ، جروه فتية القرية وهم يسالونه في صوتٍ واحد ان ماذا حل بك فمد يداً مرتعشة مؤشرا على الدائرة حول النبع والتي لم يصلها الماء بعد فنظروا ليجدوا اثر قدم طفل صغير في عامه الاول او ما يقرب يطوف ويحيط بالنبع في سبع دوائر مكتملة وفي نهاية الدائرة السابعة احكم غلقها اثر رجلٍ عارية لشخصٍ ما بالغ ربما صبي او امراة

ثم لا اثر يدل على قدوم او انصراف انقطع السبيل بالأثرين في ختام الدوائر …

افتراضي
يقول العارفون

(اختلف العامة في إرجاع فضل انبثاق النبع بعد جفاف سنينٍ عجاف، البعض قال لا بد ان ل عقيق يد في ذلك واثر اقدام الطفل دليل وقالوا أخرون بل ربما نبع الماء تدفق ونحن نيام واُحضرت عقيق كي يُنسب لها فضل ليست تستحقه وكعادة البشر لم يتفقوا على منهجٍ يسلكونه في تفاسير ما حدث)

فيما اخذ الناس يجادلون بعضهم في سبب الماء صرخ بهم المجنون
( ألا تعرفون النعم حين تغمركم ، ما اهمية السبب والمسبب في سمائه ، انهلوا من بركات الزلال واقتصدوا فيه واحملوا منه لمرضاكم وصغاركم ،للكون اسرار لا يعرفها الا قلباً حي ، القلوب الميتة وحدها تنشغل بالظاهر عن الباطن، حيييي)

توجست القرية خيفة على مجنونها الذي ترك داره الخربة في اطراف القرية وتوسد صرته ونام عند النبع ،حاولوا ان يروضوا الشارد فيه ويثنونه عن ما يفعل لكنه ابى فتفرق الناس كلٌ لعمله وصلاته

في ذات الوقت كانتا مبروكة واختها صباح داية ليل بنت النجيبة البكر تسترقان السمع وتستشفان النظر من بعيد وتعملان بصيرتهما المدربة في شفاه المختار واهل الناحية وبعد ان تفرق الناس واستكفتا من جمع مناوشات الحديث هرولت كلٌ الى سيدتها وربة نعمتها لنقل ما حدث في ما حول

اما السيدة النجيبة فاخذها قلق غامض وطلبت الماء والسدر والطين لتحمم عقيق ،ولما كانت مبروكة تسخن الماء لحمام الطفلة التفتت لها النجيبة قائلة

( هل منعتُ عنكِ زادٍ او زينة او مال او خزينة كل وقتي هنا يا مبروكة؟)

رعشة عاتية عبرت عمود مبروكة الفقري وخفقة عالية هزت صدرها ودوى صداها في اذنيها وهي في الرجفةِ والخوف همست في لجلجةٍ وتأتأة

(حاشا لله يا سيدتي)

اخفضت صوتها النجيبة في نبرة باردة ومرعبة (اذاً لم تبيعين الدجل على نساء القرية وكيف تستخلصين ماء حمام عقيق للعاقرات وطالبات النسل واستمالة القرين)

قفزت مبروكة الى الخلف خطوة واخذت تحلف انها لم تفعل

فقالت لها السيدة اذن انظري حولك ولمن اوكلتِ إناء الماء وقد قلتُ لكِ من قبل ولاءكِ وصدقك قربك لكنهما لن يجعلاني اتهاون في شرٍ تحضرينه الى سكن عقيق وستكون حياتك ثمناً لاي شكٍ بما بالك باليقين

قد يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-19-2020, 09:35 PM   #7
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


بدا الناس من مختلف البلدان يتوافدون على خبر الازدهار الذي عم ارض القلعة،بعضهم اتى طلباً للرزق حيث تتوفر الاراضي الخصبة يحتاج الملاك ايادٍ للفلاحة وللحصاد واذا توفرت الثمار اتى المال فعمر الناس البيوت وبنوا ما تهدم منها وذلك يحتاج الى صناع ومعلمين حتى ان الصاغة كثروا في الناحية وتناقلت سيدات القرى المجاورة انهن التقين احد الباعة الجوالين الذي اخبرهن ان زينته الصناعية لم تلق رواجاً حيث لم تخلو يد سيدة ولا فتاة من الذهب المسبوك سلاسل وجدائل كلٌ ومنزلته

الا ان بعضهم اتوا للبركة والتموا حول ديوان البيت الكبير يمسحون عتباته بجباههم وتيممون بغبار جدرانه حتى ضاقت بصخبهم النجيبة فأمرت بإخلائهم الى اطراف القلعة وهناك ابتنوا لهم ما يشبه التكية وسموها مقام عقيق

منعت النجيبة تداول الاسم وخافت منه حيث لا يكون مقام الولاية الا لفاني وعقيق في الحولين تخطو مطمئنة لعمرٍ مديد ولاسم الطفلة روح حارس لا يرضى بهذا التعدي ، اسقطت التسمية الطفلة في حمى متواصلة ، ترتفع حرارتها عند مفارقة كيس الثلج لرأسها مباشرة ، جربت النجيبة كل ما تعرف من وصفات ولم تنفع .فارسلت لهم رجال اشداء ارعبوهم في محاولة لإجبارهم على تغيير الاسم ، لم يقبلوا حتى التفاوض وقد اصبحوا ماخوذين بالمكان وصاحبته المُتخيلة وبدأوا برسم صورٍ على ما وافق هواهم لعينٍ ثالثة في جبين طفلة ذات وجه مدور ووضعوا في وسطها جوهرة تعكس الضوء وتركزه حتى اذا سطعت الشمس اصابت من ينظر لها مباشرة بالعمى

هكذا اجبروا الناس ان يخفضوا رؤوسهم عند مقام عقيق ويكتفون بالتبرك بها ونثر الامنيات واحضار الهبات والذهاب وعندما يلتفتون وهم مبعدون ويرون هبتهم قد اختفت يعتقدون ان الامنية ستتحقق!

بعد مداولات وهذه المرة بالحيلة والدراهم لا بالشراسة والقوة اعادوا تسمية المقام مضيفين الف ولام التعريف الى عقيق فتغير الإسم وارتضت ارواح الاسم هذا الاتفاق وارتفعت الحُمى عن عقيق

استمرت الحياة وتدفق الناس وخفت اسم عقيق قليلاً رغم وجود التكية التي يزورها النساء دون الرجال ، واصبح الذهاب لها مرهوناً بطلبٍ او امنية او حاجة وفي هذه الاثناء وعقيق في الثالثة من العمر ابتدأت النجيبة تسوق لها المعلمين من كل جهات الارض وترسل المراسيل وتبذل المال والوقت ووضعت لها جدولاً بكل كنوز المعارف من الفلك الى علم الارض وعينت لها استاذا استحضرته من بين النهرين لدراسة اللغة والبديع والبلاغة والخطابة وكان يظن انه قادم لتعليم امير سيرث عرشاً ما فلما وحدها طفلة للتو تسبح في بحر الرابعة من العمر استنكر لكن النجيبة قالت له ان تعلمت عقيق القراءة في تمام الرابعة فلك وزنك دراهم فضية ووزنها ذهباً

في البدء غره المال ، بعد قضاء ساعة واحدة مع عقيق والحديث اليها لمعرفة خريطة عقلها ومن وراء حجاب حيث لا يُسمح لمخلوق سوى النجيبة رؤيتها ، كان للعالم راي اخر حول تعليم عقيق

لم يسبق للعارف معلم اللغة ان التقى بشخصٍ له هذه الذهنية،وقد بلغ من العمر وذرع من الخرائط ما يجعله لا يلقي الأحكام عشوائياً، في اللقاء الاول بعقيق دخل الى غرفتها المعدة سلفاً للدرس ،ادهشته بساطتها وكمية الكتب المصفوفة ابجديا في دوائر تطوف بالمكان وتعطي الرائي لها لبرهة احساساً بدوارٍ مالح ، وانتبه الى ان الغرفة ذاتها اسطوانية في مبنى مربع، لا زوايا حادة في اي قطعة اثاث او جدار او زينة فقط الكتب عُفي عن زواياها وراحت في الحدة الجارحة تناوش الراحة المُستجلبة جرّاء مرونة المكان الطاغية، في وسط الغرفة ما بين الحاجز ومكتب المعلم مبخرة اكبر من الوسط على شكل ثمرة جوز ضخمة تتكيء على حاملٍ فيروزي والثمرة تتشكل من مرمرٍ حُر اخضر معرق بألوانٍ ارضية متدرجة ومن هذه الالوان وروح جوهر الفيروز تشكلت الوان الفرش والحصر والستائر التي لا يعرف ان كانت لها نوافذ فللضوء ِ مصادر شتى مشنوقة على شكل سلسلة تحوط بالاسطوانة العظيمة وتدور بلا توقف

يستقبل حواسك عند الخطو الاول لباب عتيق عطر مسكٍ معتق مختلط برائحة طفلٍ يلعب في صابون الرق ويشكل منه قوارب في ماءٍ دافيء ونسمة من ورد الجوري تلسع سقف الحلق وتختفي ثم تعود في خطوةٍ وتهجرك في اخرى

وتحدثت عقيق وكان المعلم قد استفسر عن عمرها من الخدم والناس ، تحدثت بصوتِ طفلة رقيق لكن المفردات وطريقة الحديث ليست حتى قريبة من عمرها كما يعرف المعلم، في رايه يظل لكل عمر ٍ صوت ولغة وبدات بالسلام عليه كما لم يرحب به احد في حياته ليست وحدها الكلمات بل النبرة والتأكيد على حرفٍ والتخفيف على آخر مما جعل الجمل تأتي في صوابٍ تام وتنغرز في القلب حافرة لها مكان الصدق وخاضعة لها الحنايا بالمحبة والولاء

خرج المعلم بعد ساعةٍ من التعرف والاستماع الى عقيق وهو لا يقايض تعليمها باموال العالم فقد اشعلت فيه فضول الدارس ولهفة المدرس المميز لصياغة جوهر هذا العقل المختلف


قد يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-20-2020, 10:59 AM   #8
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1633

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اصبح المعلمون يجتمعون كل حين كي يناقشوا فنون التعليم وماذا سيستطيعون منح عقيق بعد ، لم يظل كتابٍ يعرفونه الا واطلعوها عليه وبعد ان اتمت علوم البالغين وهي بعد في التاسعة وقد أمضت خمسة اعوام ونيف وهي في عالم ٍ سحري بالنسبة لها وهي السحر بالنسبة لمعلميها ومريدي مقامها واهل القرية والوافدين وقد شاعت اخبارها في البلاد وتناقلوا سيرتها المبحرين في العلم واصبحوا بلا طلب يتوافدون للحديث معها وامتحانها وتبيان الحق من الباطل فيما يقال

كانت عقيق قد رُزقت باخٍ لها اسموه الجوهر واتوا به الى النجيبة ذات مساء عندما كان عمر الطفلة عامين وثلاثة اشهر واصبح الاب ياتي بالطفل ليزور اخته ويتعرف بها وقد دللوا جوهر كثيراً بعد ان ابتعدت النجيبة ببكرهم عقيق وخاصةً انه اتى ذكراً فكانت الام تلازمه وتلبي طلباته كاملة ويحمله خادم وقت اللعب حتى لا يتسخ طرف ثوبه

في زيارة الجوهر لاخته حاول ان يلعب معها مثل الاطفال الذي يعرف ، لكنها لا تعرف اللعب ولم تتعود عليه ، طوال حياتها تعاشر النجيبة وتتعامل مع الكبار فقط فلم تكن هناك لغة مشتركة بينهم حتى اتى يوم بعد ان انهت دروسها ودخل عليها غرفة الدرس ثم اخذ يدور ويتفق الأشياء حتى وضع يده على كتابٍ للحسن البصري في الاخلاق وكان مخطوطة نادرة واخذ الطفل يرمي به من يدٍ ليد واحياناً الى الأرض وهي تنهيه عن فعل ذلك ولم ينته فما كان منها الا ان قامت واخذته من يديه ورفعت عنه الكتاب فضربها على وجهها ضربة مباشرة نزف جرائها انف الطفلة وشعرت بدوار ،في وقت ترنحها دخلت النجيبة ورات المشهد ، سالت الجوهر تلجلج كثيرا وخاف ، امرته بالخروج من الغرفة بهدوء واخذت عقيق خلف الحاجز وداوتها برفع رأسها ونادت بطلب بعض الثلج وبعد ان تاكدت ان عقيق بخير اغلقت عليها باب غرفة الدرس وامرت مبروكة بالوقوف الى الباب وخرجت الى ابنها وابنه جوهر اللذين كانا يقفان بين بابي غرفة الدرس وباب آخر مفضي الى ديوان الضيوف

توجهت النجيبة بالخطاب لإبنها عبدالله

( اما انت فلك ان تراها كل ثلاثة ايامٍ ساعة من الزمن او اقل وامها بمعيتك اما هذا الصبي فقد حُجبت عنه اخته ولن يرى وجهها مثله مثل الغريب )

هم عبدالله بالحديث
نهرته قائلة

( ما قد يتوافر عليه تبريرك لا يناسب الحال يا ولدي ولست اظلمك او اكره ولدك كل ما في الأمر انني موكلة بحماية الطفلة منذ زمنٍ لا اعلمه وولدك خطر عليها ليس الآن في غيبة الجهالة وحسب بل انها الاقدار يا ولدي وسنحاول ان ندعو اصدق لعلنا نبدلها فخذه وارحل به ولن يتأثر ان لم تذكروا له شيء من هذا انما ان غذيتم نفسه بما يشعل لهيبها الاسود فستحرق الجميع فأنتم وما ترومون)

ودخلت الى عقيق واقفلت الباب وراءها

يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من كل مدينة حكاية ولون..❤ موزه عوض أبعاد اللون 44 03-07-2020 09:03 PM
حكاية من زمن العشق محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 6 09-18-2013 07:49 AM
اسعد الروابة لابـــــــــــعاد ادبية: هذه حكاية /البرتقالة/ كريم العفيدلي أبعاد الإعلام 7 08-25-2007 05:11 PM


الساعة الآن 06:45 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.