منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حكاية عقيق
الموضوع: حكاية عقيق
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-19-2020, 09:35 PM   #7
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1634

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


بدا الناس من مختلف البلدان يتوافدون على خبر الازدهار الذي عم ارض القلعة،بعضهم اتى طلباً للرزق حيث تتوفر الاراضي الخصبة يحتاج الملاك ايادٍ للفلاحة وللحصاد واذا توفرت الثمار اتى المال فعمر الناس البيوت وبنوا ما تهدم منها وذلك يحتاج الى صناع ومعلمين حتى ان الصاغة كثروا في الناحية وتناقلت سيدات القرى المجاورة انهن التقين احد الباعة الجوالين الذي اخبرهن ان زينته الصناعية لم تلق رواجاً حيث لم تخلو يد سيدة ولا فتاة من الذهب المسبوك سلاسل وجدائل كلٌ ومنزلته

الا ان بعضهم اتوا للبركة والتموا حول ديوان البيت الكبير يمسحون عتباته بجباههم وتيممون بغبار جدرانه حتى ضاقت بصخبهم النجيبة فأمرت بإخلائهم الى اطراف القلعة وهناك ابتنوا لهم ما يشبه التكية وسموها مقام عقيق

منعت النجيبة تداول الاسم وخافت منه حيث لا يكون مقام الولاية الا لفاني وعقيق في الحولين تخطو مطمئنة لعمرٍ مديد ولاسم الطفلة روح حارس لا يرضى بهذا التعدي ، اسقطت التسمية الطفلة في حمى متواصلة ، ترتفع حرارتها عند مفارقة كيس الثلج لرأسها مباشرة ، جربت النجيبة كل ما تعرف من وصفات ولم تنفع .فارسلت لهم رجال اشداء ارعبوهم في محاولة لإجبارهم على تغيير الاسم ، لم يقبلوا حتى التفاوض وقد اصبحوا ماخوذين بالمكان وصاحبته المُتخيلة وبدأوا برسم صورٍ على ما وافق هواهم لعينٍ ثالثة في جبين طفلة ذات وجه مدور ووضعوا في وسطها جوهرة تعكس الضوء وتركزه حتى اذا سطعت الشمس اصابت من ينظر لها مباشرة بالعمى

هكذا اجبروا الناس ان يخفضوا رؤوسهم عند مقام عقيق ويكتفون بالتبرك بها ونثر الامنيات واحضار الهبات والذهاب وعندما يلتفتون وهم مبعدون ويرون هبتهم قد اختفت يعتقدون ان الامنية ستتحقق!

بعد مداولات وهذه المرة بالحيلة والدراهم لا بالشراسة والقوة اعادوا تسمية المقام مضيفين الف ولام التعريف الى عقيق فتغير الإسم وارتضت ارواح الاسم هذا الاتفاق وارتفعت الحُمى عن عقيق

استمرت الحياة وتدفق الناس وخفت اسم عقيق قليلاً رغم وجود التكية التي يزورها النساء دون الرجال ، واصبح الذهاب لها مرهوناً بطلبٍ او امنية او حاجة وفي هذه الاثناء وعقيق في الثالثة من العمر ابتدأت النجيبة تسوق لها المعلمين من كل جهات الارض وترسل المراسيل وتبذل المال والوقت ووضعت لها جدولاً بكل كنوز المعارف من الفلك الى علم الارض وعينت لها استاذا استحضرته من بين النهرين لدراسة اللغة والبديع والبلاغة والخطابة وكان يظن انه قادم لتعليم امير سيرث عرشاً ما فلما وحدها طفلة للتو تسبح في بحر الرابعة من العمر استنكر لكن النجيبة قالت له ان تعلمت عقيق القراءة في تمام الرابعة فلك وزنك دراهم فضية ووزنها ذهباً

في البدء غره المال ، بعد قضاء ساعة واحدة مع عقيق والحديث اليها لمعرفة خريطة عقلها ومن وراء حجاب حيث لا يُسمح لمخلوق سوى النجيبة رؤيتها ، كان للعالم راي اخر حول تعليم عقيق

لم يسبق للعارف معلم اللغة ان التقى بشخصٍ له هذه الذهنية،وقد بلغ من العمر وذرع من الخرائط ما يجعله لا يلقي الأحكام عشوائياً، في اللقاء الاول بعقيق دخل الى غرفتها المعدة سلفاً للدرس ،ادهشته بساطتها وكمية الكتب المصفوفة ابجديا في دوائر تطوف بالمكان وتعطي الرائي لها لبرهة احساساً بدوارٍ مالح ، وانتبه الى ان الغرفة ذاتها اسطوانية في مبنى مربع، لا زوايا حادة في اي قطعة اثاث او جدار او زينة فقط الكتب عُفي عن زواياها وراحت في الحدة الجارحة تناوش الراحة المُستجلبة جرّاء مرونة المكان الطاغية، في وسط الغرفة ما بين الحاجز ومكتب المعلم مبخرة اكبر من الوسط على شكل ثمرة جوز ضخمة تتكيء على حاملٍ فيروزي والثمرة تتشكل من مرمرٍ حُر اخضر معرق بألوانٍ ارضية متدرجة ومن هذه الالوان وروح جوهر الفيروز تشكلت الوان الفرش والحصر والستائر التي لا يعرف ان كانت لها نوافذ فللضوء ِ مصادر شتى مشنوقة على شكل سلسلة تحوط بالاسطوانة العظيمة وتدور بلا توقف

يستقبل حواسك عند الخطو الاول لباب عتيق عطر مسكٍ معتق مختلط برائحة طفلٍ يلعب في صابون الرق ويشكل منه قوارب في ماءٍ دافيء ونسمة من ورد الجوري تلسع سقف الحلق وتختفي ثم تعود في خطوةٍ وتهجرك في اخرى

وتحدثت عقيق وكان المعلم قد استفسر عن عمرها من الخدم والناس ، تحدثت بصوتِ طفلة رقيق لكن المفردات وطريقة الحديث ليست حتى قريبة من عمرها كما يعرف المعلم، في رايه يظل لكل عمر ٍ صوت ولغة وبدات بالسلام عليه كما لم يرحب به احد في حياته ليست وحدها الكلمات بل النبرة والتأكيد على حرفٍ والتخفيف على آخر مما جعل الجمل تأتي في صوابٍ تام وتنغرز في القلب حافرة لها مكان الصدق وخاضعة لها الحنايا بالمحبة والولاء

خرج المعلم بعد ساعةٍ من التعرف والاستماع الى عقيق وهو لا يقايض تعليمها باموال العالم فقد اشعلت فيه فضول الدارس ولهفة المدرس المميز لصياغة جوهر هذا العقل المختلف


قد يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس