منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حكاية عقيق
الموضوع: حكاية عقيق
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2020, 06:26 PM   #19
ود
( كاتبة )

الصورة الرمزية ود

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1634

ود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعةود لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اتى الموعد المنشود ، اخذ الخال بيد راصد الى عقيق ، ترك الباب موارباً ووقف به، كانت عقيق واقفة بحجابها في إستقبال الأمير الصغير يخفق قلبها للمرة الأولى خوفاً من تخييبه لظنها ، واجدة في نفسها ميل للفتى ، تمنت في تهجدها كل ليل البارحة ان تأتيها بشارة ما ، رؤيا من السيدة النجيبة تدفعها له، تبارك خطوها نحوه، تخبرها ان تثق في قلبها ، أليس هناك بعض الأمور التي لا نطيع العقل وحده فيها، ولو ان عقلها هنا لا يرفض الفتى بل يحيد عن الحياد وهذا ما أخافها

بعد ان ادى التحية بما يليق برجل مهذب ، وردت عليه بصوت متماسك لم يعكس رجفة قلبها بينما ارتبك هو في حضرتها ، وتنفس اريج عبقها الذي لم يتعرف عليه من قبل الا حولها، ومنى نفسه بأنها ستكون له

استأذنته بادبٍ جم بأن تبدأ وأشار لها برأسه ان نعم

قالت له

من أنت؟

قال

عابر في زمانٍ عابر

سألته

ما اقرب شيء اليك؟

رد

من وهبني هذه الروح

قالت

ايهما ابعد الأرض ام السماء؟

قال: الأرض أبعد من السماء

سألت : ما الذي يوجد في البر ولا يوجد في البحر؟
قال: العقيق انتَ وتنفس عميقا فصمتت برهة تلملم شتات روحها

ثم سألت:ماذا يبكيك؟
قال: خوفي مني

قالت: لو فقدت مالك وسلطانك وتخليت عن كل شيء ما الذي ستملكه بعدهم؟
قال: ما ملكته لا افقده ، انما تخليت عن ما قد يملكني

قالت: لم اخترتني دون النساء قرينة لك؟
قال: لقد بُشرت بعينيك في رؤياي وتعرفت اليهما في لحظة وعيي وأدركت في لقائنا الأول اننا خُلقنا لنترافق في هذا الدرب ، قدري ان اكون سند ظهرك وفارس يذوذ عنكِ ، كنت ناقصاً ابحث عن اكتمالي في عزلة من الناس حتى رأيتك ، اكتملتُ في وجودك، وان لم تقبلي الاقتران بي فلا قدر آخر ينتظرني الا اللحاق بكِ في الطريق الذي ولدتِ له ، وربما وُلدنا جميعا لذات الغاية التي عينتها في داخلك سهلة وواضحة واستغرقتني عمري كله كي اتعرف عليها وعرفتها الآن ولن اتخلى عنها.

حل الصمت وارادت وهي تحادث نفسها ان تزف اليه القبول بنفسها ، لكن منعها الحياء وخشيت ان يفضح فرحها صوتها فقالت له بصوت خفيض سمعه في قلبه:

سيأتيك خالي بجوابي بعد قليل فلا تبتعد

هبت واقفة ، ووقف قبالتها متبسماً وخاتم الحُسن في وجهه يشع بالنور فارخت بصرها ولم تعرف اين تذهب وهو ينظر اليها ورغم حجابها الا انها شعرت انها قد كُشفت له وهو لم يطلب ان يراها كما يحق للخاطب كل ما فعله انه واصل التبسم في هدوء واستأذن خارجاً بظهره حتى لا يصد عنها لحظة ذهابه

وقف بالباب وقال للخال بعد تحية تشي بغبطته : انا انتظرك في طرف القصر كي تبلغني رد عقيق الغالية مهما كان ، وأود ان ارجوك ان تقبلني معكم وان لم توافق عقيق فان فعلت سوف اباشر الاستعداد للرحيل بمعيتكم ، وافق الخال وذهب راصد ينتظر وقد دخل الخال على عقيق وأغلق الباب دونه

في آخر النهار ، ذهب الخال جهة راصد وبشره بالقبول ، وان عقيق وكلته ليزوجها راصد، اخبر رصد اخيه بما اثلج صدره حيث تإكد للأمير ان اخيه حقاً سيترك الإمارة ويرحل بعد ان وقع التنازل الرسمي أمر القاضي بعقد النكاح وشهد عليه هو ووزير البلدة الرئيس ، وأراد ان يقيم حفلاً كبيراً يطعم فيه الشعب والعابرين فرفضت عقيق وطلبت الإشهار بوليمة تُنذر للفقراء ومن تقطعت بهم السبل عند باب المدينة

زارت الأميرة زوجة الأمير عقيق واهدتها كيساً من الفصوص الثمينة وألبستها حلة عرس بهية بعد ان زينتها وأمرت بجناحٍ في القصر للعريسين ليقضوا فيه ليلتهم الأولى ويقيمون لثلاثة ليالٍ بينهم حتى اذا انتهت الثلاثة ايام لهم الحرية في الرحيل ووافق الخال وهكذا دخل راصد على عقيق في مخدعها ورأى وجهها بدر التمام للمرة الأولى وذلك بعد ان أصبحت حلاً له

تسمر راصد في المدخل وهو الذي اقبل بشوقٍ يقدمه وحياءٍ لم يستطع معه رفع عينيه لها ، شعر بها تقف في وسط الغرفة وفي يدها مبخرة تفوح بغمامات العود الملتاع على جمر الإنتظار ورائحة الورد الجوي والريحان تملأ المكان ، نادته عقيق بصوت خافت تهمس بإسمه (راصد)

وكأنه يسمع اسمه للمرة الأولى ، هز ندائها دواخله وارتجف قلبه وشهق ، كاد ان يتعثر ويقع ، ونظر لها من مكانه وبينهما مقدار ذراعين ونيف وتوقف الهواء ، حتى دخان المبخرة التفت واحاطهما على البعد، وجد نفسه يحدق بها في دهشة المأخوذ ، يتفحص ملامحها ولا يبعد عينيه عنها كأنما وجب عليه ان يحفظ كل ملمح ويحفره في روحه نقشاً ابدياً لا تنال منه السنين ، هذه الصورة المتجلية في حلمه العابر ووهمه المستمر تتجسد اللحظة في هذه الفتاة الرقيقة ، الشفافة مثل رسمٍ على ماءٍ مقدس ، بهذه العظام المستدقة اللطيفة في استدارة الوجه القمري في تمام لا ينقص والشفتين النابضتين بدفق الورد الدافيء يفضحان تسارع انفاسها والانف الصغير المنمق مثل حلية صغيرة سبحان ن صاغها والخدين فضة مجلية منثورة بأوراق الزهر العطر الاحمر واما العينين ، فصان من عقيق حر في بياضٍ صافي ، سهمان لو صُوبتا على وحشٍ متجبر لنخ وسلم لهما ، والشعر خميلة كستناء تظلل الناظر وتشقيه في آن ، منسدلا على حقين من عاجٍ يقع في الحيرة من ينظر لهما ويشعر بالظمأ من يلمحهما

طال بينهما النظر وقوفاً حتى انتبه راصد من سكره بعد حين ، دخل اليها ، رشته بعطر الورد ودارت حوله بالمبخرة وعوذته من عينها وكل عينٍ راته وناولته الاناء ليتجدد ويصلي ركعتي شكر لله وهكذا فعلت ، قضيا تلك الليلة في السمر وتبادل الاحاديث وبعض عناق على استحياء ثم خلدا للنوم دون ان يشعرا بعد الفجر وهما يحتضنان بعضهما كأنما يتعرفان على جسديهما كلٌ في حضرة الآخر، لا يستعجلا الوصال بل يتوقا ليكونا قانتين في محراب العشق جسداً واحداً يكملان ويكتملان ببعضهما حتى تكون الالفة وتتناغم القلوب وتتصل الاوتار

بينما كان العروسان في مخدعهما والناس تحتفل بهما اتى العسس بخبرٍ اسروا به الى الأمير ان هناك فرسان على مشارف باب البلدة يتقصون اثر بعض الهاربين ممن يخرج من البلدة ويستطلعون الاخبار

عجلٌ وعلى وجل نادى الأمير الخال واطلعه على ما نُقل له ، ارسل من حينه جارية تحمل كتاباً الى عقيق كتب فيه

(حان يا ابنة اختي الرحيل ، لا بد لنا من فراق ارض البلدة الى ارض الله الواسعة ولتتفرسي في الخريطة وتستشيري العصا وخاتمك ليدلك قلبك على جهة نأمن اليها ونسعى فيها الى مرامنا)

ايقظت عقيق راصد واستعجلته ثم قامت بطقسها وتهيأت ، في صحبة قرينها على ظهر الأدهم والفرسان الثلاثة والخال يتبعونهم بعد ان تزودوا بالقليل الذي لا يثقلهم حمله ولا يعوقهم نقله

وهكذا وقبل إنبلاج الفجر خرجوا من باب سري شرق االبلدة متاح للأمير فقط في حال احتاج الفرار بحياته من حصار او حرب ، كشفه لهم الامير ولم يكن يعرفه حتى راصد واخذهم اليه في عتمة خمائل متشابكة تشكل ظلالاً تحمي من سار فيها ، ولما اصبحوا جميعاً خارج السور سمعواصرير البوابة تُقفل دونهم ودار الفرسان الثلاثة دورة كاملة للتأكد ان احدا لم يرى مخرجهم ولا عاين باب نجاة الأمير ، ومشوا بلا توقف وفي صمت حتى توسطت الشمس السماء وابتعدوا مسافة معقولة ، رأوا شيخاً وولدين يسحبان دلوا من الماء ويصبونه في الرمل حول بئرٍ عتيقة فتوجهوا نحو الشيخ يبتغون دليلا وصحبة وبعض الماء

رحب بهم الشيخ ولكنه منع عنهم الماء واستمهلهم عليه ، ثم قام على شرق البئر يبني حوله ما يشبه الحوض ، والولدان يساعدانه وهو يعمل ويتمتم بشيءٍ لا يسمعونه بما يكفي للفهم ،، استراحوا حول البئر وغفا بعضهم بينما ينتظرون السماح من الشيخ ليتزودوا بالماء ويشربوا وخيولهم والشيخ على كبر سنه لا يتوانى ولا يتوقف عن ما هو فيه

يتبع

 

التوقيع

روح عتيقة

ود غير متصل   رد مع اقتباس