منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - غادة سمان
الموضوع: غادة سمان
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-16-2006, 05:01 PM   #5
نور القحطاني
( كاتبة )

الصورة الرمزية نور القحطاني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

نور القحطاني غير متواجد حاليا

افتراضي



وفي الليل أضم باريس الى صدري لأنام ) !


( وطن الرؤى .. ورؤية الوطن )
أرائك الريح !


تمهر " غادة السمان " أول الرواية الفسيفسائية
ب، جملة المبدع الأسباني " لوركا " :

( أريد أن أترك قلمي كله في هذا الكتاب )
و
( أرسم لأتذكر وجه أمي )

لـ " شاغال "
و
( لايكتفي الرجل بأن يحتل المكان الأول
تحت الشمس بل يريد ..أن يبرهن..أن المرأة
تحتل مكاناً وسطاً بينه وبين القرود )


تلك الإختيارات ( المفتتح الأولي ) للرواية ..إنما هي إختزال
لـ أحداثيات الرواية ..بـ حجمها السردي الحكائي الكبير
لـ يصل إلى 500 صفحة.

حكاية دمشق من النفس الأول للولادة
( أترك قلبي كله )
مكابدات " زين " الشخصية النسائيةالمحورية في يتمها

( أتذكر وجه أمي )
تحجيم دور المرأة..من قبل رجالات العائلة
( لايكتفي الرجل بأن يحتل المكان الأول ! )

تستند هيكيلية الرواية على خمس محاولات أولية :

الفصل الأول ( محاولة أولى ) : ذكريات وهمية
الفصل الأول ( محاولة ثانية ) : من الدفتر السري
لـ مراهقة تخترع نفسها
الفصل الأول ( محاولة ثالثة ) : فسيفساء الظلال المتحركة
الفصل الأول ( محاولة رابعة ) : حراس الصمت أو متلصصة
عبر ثقوب الزمن
الفصل الأول ( محاولة خامسة ) : منفية إلى الوطن
أو شجار العشاء بين صبية ومدينة.


هذه الصبية يستمر شجارها العاشق ..مع مدينتها دمشق
بـ إرتباطية نفسية ..تكون بنية الرواية التي تتلاحم إحداثياتها
بدءاً من الشخصية الأساسية في الرواية " زين "
المتفرعة عنها حكايات أخريات في العمل الروائي
تعدد الأصوات الروائية المتمحورة حول " زين \ دمشق "
بـ إصطناع ضمير الغائب تارة ..وضمير المتكلم تارة أخرى
بـ الإضافة إلى إستخدام تقنية ( Flash Back) الإسترجاعية.

تتموقع " زين " داخل الحدث ..ولادتها العسيرة والتداعيات
التي تشابكت من جراء ولادتها كـ أنثى وليست ذكر
مكابداتها تبدأ من ذلك الأسم الذكوري " زين " الذي يلتصق بها
عبر أفواه عائلتها وتذوب " زنوبيا " الأسم الذي أختارته والدتها
قبل أن تموت في ولادتها الثانية..لـ تظل أنثى
حبيسة النظرة القاصرة لـ مجتمع ..يبجل الذكر
لـ فحولته الجسدية ..و يغيّب عقله!

" زين " شخصية مكثفة ..مدوّرة بحسب تصنيف
" د. عبدالملك مرتاض " فهي شخصية مقنعة بـ حركتها
وسرعتها في أسئلتها..وفي جرأتها في إقتحام المجتمع
بـ تقليدية سلوكياته التي لا تتفق وحجم تطلعات" زين "
الطفلة التي تكبر ناسجة عشقها لـ مدينتها ..على نول

( تنفسي رائحة بلدك )
كما همس لها والدها يوماً.

تنفست " غادة " بـ تنويعات من سيرتها الذاتية دمشق
بـ لغة أنيقة شاعرية ..إنزياحية تتمدد و تتغير
وتتحول متناغمة مع الوضع الإجتماعي والفكري
للشخصيات العديدة ..في الرواية .. والتي تدور حول
فلك " زين " واستخدمت المونتاج ( المشاهد المقطعة ) .

لغة سينيمائية في حوارات الشخصيات ..ذلك الحوار الذي
يتماهى فيه والحدث اللامرئي بـ الحقيقي والواقعي
و تدخل " غادة السمان " عالم الأطفال ..فـ تستنطق الحيوانات
والأموات.

الرواية موشاة بـ الأغاني والأمثال والمواويل الشعبية
مع تفصيلية جغرافية وصفية..لـ حارات وأحياء وجوامع
وأحجار دمشق العريقة والقديمة.



ملاحظة غاية في البنفسج :
" زين " تشبهني إلى حد التطابق نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* * * *

صورة عن قرب لـ " غادة السمان "

تلصص مرهف.. يدق بوابة الحنين .. بـ قبضة " غادة السمان "
فـ تشرع شبابيك اليقين .. بـ أولوياته .. التي تحفر بـ أزميلها
الرواية المستحيلة - فسيفساء دمشقية -

الوطن - نافذة معشقة .. وأرابيسك يزخرف صباحات مغتربة
تجوبها " غادة السمان " .. بـ دمشقية صرفة
تؤطرها بـ شفافية فاتنة .. حتى الشغف .. تلج كوة الوطن
فـ تتسع ميادين وباحات ومساحات لـ مدينة ومدنية
فـ تكبر بحيرات .. نفختها الغيوم بـ امطار خجلة

( الوطن يحضر فينا حين يغيب )

هذا ما تفوهت فيه " غادة " ذات لقاء .. غني بـ االأفكار الثرية
ذات بذخ فلسفي .. تجربة الغربه والنىء عن بقعة الوطن جغرافيا
وعذابات الأغتراب .. والوحدة .. والعزلة .. تؤرق " غادة السمان "
وان اقتربت مع مدينتها بـ الكتابة .. ألا انها تسكن باريس وتعتصم بها
فـ يتضخم النفي الأختياري .. الى دمشقيات ياسمينية
تبعثرها بـ روايات وشعر .. وحب .. وتماهي واندماج
تقول :

حضور الوطن لم يكن حضورا ديكوريا !

وفي نفس آخر أطول تقول \ تتنفس :

نحن غالبا سجناء فهمنا الخاطىء لماضينا
ولمدينتنا .. في هذه الرواية حاولت أن أتصالح
مع تاريخي وذاتي .. وجذوري !


الخروج من الداخل \ الذات .. الى فضاء أرحب (الوطن)
بـ أنتماء يؤصل الجذور .. فلا تنفك عرى الهوية
بين دهاليز الغربة الموجعة .. تقول :

محاربة الغربة بالذاكرة أو بالجذور أو بالأنتماء
أو لعله الحنين الى اليقين !


اليقينيات الأولى .. التي لا تتزعزع تحت معاول الهدم
وتتضعضع بـ مطارق النسيان .. فـ تتبلور " غادة السمان "
يـ يقينياتها بـ فسيفساء زمنية .. تلتصق على جدار الذاكرة
فلا تسقط من جسد الوطن .. الحاضر الندي .. أجواؤه
حاراته شوارعه .. جدرانه .. أسماكه ..أحجاره
انبساطاته .. واخفاقات حكاياته
لا تسقط اي لحظة وتنتهي الى انها :

تلصصت عبر ثقوب الزمن على مدينتي
في دفاتر سرية لمراهقة شقية !


أرتباط نفسي مؤجج بـ عاطفة مشبوبة .. تفيض بشرا
على مدينة أحاطتها مناخات مختلفة .. أيقظت الأديبة
في داخل " غادة السمان "

كل ما في دمشق ذلك الزمان
كان دعوة الى الكتابة !


حاكت دمشق بداية " غادة السمان "على نول الكتابة
فـ أستلهمت حكاياتها من عطرها وأصواتها
وعراقتها وجوامعها وكنائسها وأسواقها
لكن في وقت من الأوقات
كانت تلك المدينة قيد يدمي يد " غادة "
ففرت بـ حقيبتها وبـ حقيقتها
الى مدن كثيرة حتى استكانت على كتف باريس
فـ اطمئنت وبدأت الحلم في العودة الى الوطن

أقسم كل صباح على العودة
الى الوطن وفي الليل أضم باريس الى صدري
لأنام !


قسم من حنو دافء .. تتفوه به " غادة السمان "
.لكنها .. سرعان ماتحنث به .. لكن ألا نتفوه معها
بـ أن (الدفء) قد لا يوفره الوطن .. بقدر كافٍ
وهذا ما تؤكده في منفاها الهانىء تقول :

أضبط نفسي بين وقت وآخر متلبسه بالأستمتاع
بباريس الحرية الفكرية والجماليات الثقافية هانئة
بهذا المنفى البديع أجمل منفى في العالم
ولا أفعل الكثير لتبديل مسار قدري !


هذا الاتفاق من جانبنا مع " غادة السمان "
هو تناقض يكتنف حنين " غادة " .. الى مدينتها السحرية
الأسطورية في لحظاتها الكتابية الأخاذة .. وبين
المنفى الأختياري الذي تلجأ اليه .. القيود وتكبيل الحرية
الذي عانت منه فترة من حياتها .. زال منذ أصدار رئيس البلاد
في سوريا عفوا عاما 1970 شملها
فـ لماذا تصنع الغربة .. وتتلذذ بـ النفي والبعد عن الوطن ؟!

* هل المنافي .. أوطان حميمه ؟!!
* أية أديبة متمردة تشاكس نفسها
تدسها غادة داخلها ؟!

الحرية بحر يتلهف المبدع فيه
اكتشفت ان من شروط الحرية - الانتماء !


وفي موقع آخر .. تقول :

الكتابة كالحب فعل حرية !

تموجات الحرية بـ ايقاعاتها الحماسية التي تتغلغل
في طيات ابداعات " غادة السمان " .. صنعت لها
مناخات ممطرة بـ التميز .. فهي لا تنفصل نفسيا عن مدينتها
تنتمي لها معنويا انتماءا تاما .. وتصورها وتلونها
بـ ديكوراتها الابداعية .. فـ تنتهج الكتابة مسارا يرفع رايات
وبيارق الانعتاق .. والتحليق !

ثمة هشاشة داخلية في أعماق كل مبدع ,
والكتابة نمط من أنماط المقاومة !


معالجة نفسية للضعف الأنساني المختبأ في داخل المبدع
فـ تتورط " غادة السمان " بـ فعل الكتابة
فـ تلتحم بـ هموم الآخرين .. مجربة الركض
على رمال المجرات الداكنة .. خاطفة تلويحة الشهب للسديم
صانعة فضاءات زرقاء .. بـ آفاق رحبة .. مستحضرة .. أرواح أبطالها
في رواية دمشقية .. كـ عتبة نجمية تدخل برجلك اليمين
الى أسرار القمر .

المبدع أيا كان حقله يستعصي على التصنيف
انطلاقا من جنسه البيولوجي !


جنس المبدع من وجهة نظر " غادة السمان " .. لا يحدد عطاءه الأدبي
في أي حقل من حقول الأدب
.وتصنيف الأدب الى الأدب النسائي .. والأدب الذكوري
تصنيف خاطىء هذا الأخضاع اللامنطقي للذكورة والفحولة
أو للأنوثة.. أربك المبدع .. وصرفه الى تنظيرات عديدة
أدخلته .. في متاهات لفظية .. وتسميات مختلفة
فـ اطلقت " غادة "وجهة نظرها الصحيحة .. مستشهدة
بـ " فلوبير " وروايته العالمية ( مدام بوفاري)
و " تولستوي " وروايته (آنا كارنينا)

* فـ هل نعتبر " تولستوي " أديب نسائي ؟!!
أو " توني موريسون " الفائزة بـ جائزة نوبل للأداب
هل هي أديبة نسائية .. فقط لأنه أبطالها من النساء

رنين الجرس الذي تقرعه " غادة السمان "
بـ حريتها المنفتحة .. على باحات الكتابة الصادقة
أن يتحمل المبدع .. فشل كتابته سواء كان ذكر
أو .. أنثى .. بعيدا عن .. التمييز الطائفي
في نوعية الأدب .



قراءة / نور القحطاني

 


التعديل الأخير تم بواسطة نور القحطاني ; 09-16-2006 الساعة 05:07 PM.

نور القحطاني غير متصل   رد مع اقتباس