( نظرية الذئب بين المشعان وابن فطيس )
كتب الشاعر خلف المشعان قصيدة جاء من ضمنها هذا البيت:
إيه الشجاعة تغلب الكثرة وانا اعطيك الدليل || الذيب يدرع بالغنم ولا يحسب حسابها
الشاعر خلف المشعان، من خلال هذا البيت، أقنع الكثير في نظريته الجديدة التي جاءت في الفكرة التي احتواها ذلك البيت، وهي أن العدد مهما كثر لن يغلب الشجاعة، ان كانت هذه الشجاعة شجاعة حقيقية، وهو بذلك اراد ان يوصل لكثير من الجمهور ان ذلك المثل الذي يقول ان: «الكثرة تغلب الشجاعة» هو مثل يحمل نظرية خاطئة تماما، وذلك عن طريق اصراره واقتناعه المطلق عندما قال في صدر البيت ذاته: «إيه الشجاعة تغلب الكثرة وانا اعطيك الدليل»، فهو من خلال هذا الشطر جاء بكلمة «إيه» و«دليل»، وهاتان كلمتان أتى بهما خلف المشعان ليوضح بهما مدى اقتناعه الشخصي الأكيد بنظريته الجديدة في بيته المذكور، وكذلك من أجل أن يبيّن عدم اقتناعه بذلك المثل القديم، الشاعر خلف المشعان يجزم بأن الشجاعة الحقيقية تغلب كثرة العدد من دون النظر إلى تكافؤ النوع، وهو يوضح ذلك «بالمفرد» الشجاع الذي رمز له بالذئب، وكثرة العدد التي رمز لها «بجمع» الغنم، اي ان نظريته ترى ان الشجاعة الحقيقية دائما تغلب العدد ولو كان النوع مختلف غير متشابه.
وكتب الشاعر محمد بن فطيس قصيدة جاء من ضمنها هذا البيت:
الذيب كانه ذيب يدرع فالذياب || يخلي الخرفان للضبع العويق
هذا البيت لم يكن بيتا من الشعر فقط، بل ايضا كان مطرقة ضخمة قوية هشمت نظرية الشاعر خلف المشعان التي جاءت في بيته الذي ذكرناه آنفا، الشاعر ابن فطيس هز أكتاف الكثير ببيته وصحصحهم، من اولئك الذين اقتنعوا بأن الشجاعة تغلب الكثرة من دون الالتفات إلى تكافؤ النوع!. جاء الشاعر ابن فطيس ليهمس في أذن زميله الشاعر خلف المشعان بأن الذئب إن كان ذئبا حقيقيا ويتحلى بالشجاعة الكاملة، فعليه الا يهجم على غنم هي بطبيعتها ضعيفة وأليفة، بل عليه ان يتجه لنوع مثل نوعه من «الذئاب» المفترسة غير الأليفة، كي يعرف قيمته الحقيقية، اي ان الشاعر ابن فطيس يعارض نظرية زميله الشاعر خلف المشعان، حيث انه يرى ان «ذئب» خلف المشعان لا يحق له ان يفتخر بشجاعته امام مجموعة من الخرفان، بل عليه ان يفتخر عندما يكون نده وخصمه من جنسه نفسه من الذئاب لتكافؤها النوعي.
في الحقيقة نظرية «ذئب» الشاعر خلف المشعان نقطة تحسب لمصلحته في مجال الشعر، لأنه أثار عبر هذه النظرية جدلا كبيرا حول صحتها من خلافه، أضف إلى هذا أن خلف المشعان استطاع ان يدخل نظريته هذه بكل اقتناع أو شبه اقتناع في رؤوس بعض الذين هم ليسوا من جماهيره، لكن الشاعر ابن فطيس نسف «نظرية الذئب» عند خلف المشعان بكل هدوء وثقة، لأن القوي قوي والضعيف ضعيف، ولا يحق لنا أن نساوي أو نقارن القوي فطريا بالضعيف فطريا من حيث الشجاعة، ولاسيما ان كان هذا القوي جُبل على الشراسة والصيد والجسارة، في حين جُبل ذلك الضعيف على الرعاية والضعف والخوف.
نشر في جريدة الوسط- صفحة بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...972&pageId=110
نشر في موقع ( روح )
http://roo7.net/index.php?news=93