منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - و تحبسُ المطرَ و تصلّي !
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-15-2008, 03:58 PM   #1
د. منال عبدالرحمن
( كاتبة )

افتراضي و تحبسُ المطرَ و تصلّي !


و ذي بدء :

و القلبُ نسيجٌ , لُحمته أنتَ و سَدَاه صوتك !
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


و يضيءُ الماءُ و يعبُق ,

و تشتعلُ أصابعي بصوتِكَ و ينهمرُ الوقتُ عليّ كثواني الطّفولةِ الـ تنمو على عَجَل

أغافلُ ذاكرتي و أجتازُ الدَّربَ الطَّويلَ نحوَ حقولِ القمحِ في صدركَ و مزارعِ البّنَ على ساعدَيك

و لا آبهُ للشَّمسِ إذ تحرقُ صوتي و لا للِمقْهى الصَّغيرِ على حَافَّةِ نسياني يَمتلأُ بالحُزنِ الشَّاردِ مِن قَلبِي و ينضحُ بك ,


و إذ تلفّني ذراعاكَ و تُهديني أَجنحةَ النَّهارِ ...

تسقطُ السّنابلُ من يدي و ينبتُ من صوتِ أضلاعي وترٌ يعزفُ فتفرّ الذّكرياتُ من شبّاكِ رئتي و يُحاصرني الحبّ ,

و يهمي صوتكَ عليّ كخيوطِ الفجرِ و يدنو كالصّفصافِ من أوردتي ,


و تُخبِرني :


أنَّ البحرَ ينامُ على يَدي

و أنَّ بيني و بينَ اسمكَ وطنٌ مِن حكايا الضّوءِ الغارقِ في النّدى

أنَّ صوتي بدايةُ الأشياءِ و لغةُ الأشجارِ و الأنهارِ الأولى

و أنّ الحُلمَ خُلقَ من شفتيَّ و طارَ كيمامةٍ زرقاءَ إلى صدرك

تقولُ بأنّي مليكةُ عطرِ القرنفلِ في كفّيكَ و فراشةُ الأزهار

و أنّ الأرضَ تمتدُّ من دمي حتّى مزارع الدّراقِ و أعناقِ حبّاتِ المطر ,

أنّي سيّدةُ صدركَ و أميرةُ السّنونواتِ و موسيقى الأصواتِ المُنبعثةِ من اللهفة ,

و أنّ الدروبَ مقفرةٌ بلا ظلّي و مُعشبةٌ بأنفاسي إذْ يحتويها صَدرك ...


و


و


و




!!!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


و ترحلْ ... !

و تتركني بينَ قصورِ الدّهشةِ الزّجاجيّة و رذاذُ الصّخر يُمطرني


و ترحل .. !

و يرتديني الخريفُ و أذبل ,

و تموتُ على ساعديَّ كلُّ السنونواتِ و حبّاتِ البرتقال

يكذبُ دمي و يتناثرُ فوقَ رئتيَّ كمطركَ الأخير

و تذهبُ أكفاني البيضاءُ إلى زنزانة الشّوقِ و تبقى الرّمالُ وحدها على جسدي

يبقى الحزنُ المارقُ يكبّلُ صوتي , فلا أناديكَ و لا يفعل !

يبقى سيفُ عينيكَ مزروعاً بحنجرتي

و تظلُّ رئتيَّ وراءَ حدودِ يديك ,

و على شفتيَّ ينمو برعمُ خيبةٍ و يطيرُ كغرابٍ من نوافذِ الرّسائلِ المغلقة ,

و في شراييني تبقى رائحتك كمرايا الحنينِ اليتيمِ الشّارد

و تحت جلدي يبقى صوتك كسلاسل الوجع و ينمو كالأغنياتِ القديمة ,

ثمّ أفتحُ يديَّ فلا أجدُ إلا خذلاناً مدوّراً و خمسَ أسماكٍ تصارعُ شهقتها الأخيرة و فراقان !


و يتجمّدُ ظلّي ..


..........


ثمّ تعودُ إليَّ


فتنبثقُ السّنابلُ من قلبي و يتكوّرُ حزني في شعبي الهوائية ,

و يهطل المطر على مساماتي فيُورقُ الفجرُ و تتبلل حنجرتي بالشّوقِ

وأعودُ إلى حكايا المُدنِ القديمةِ الملأى بالمعجزاتِ والأشجارِ السّحريّةِ الحُبلى بالتّفاحِ الأحمر , اكسيرِ الحياة

أعودُ طفلةً تُنجبُ المطرَ و تُنجبها اللهفة ,

أعودُ طابوراً من بذورِ أيلولَ الغارقةِ في أرضِ الأملِ و الحلمِ بنوارسَ تحملها حيثُ قلبك

و أبكي فرحاً ....


و انتظاراً


لموتٍ قادم !






واوٌ أخيرة :

و كِدتُ أنسى صَوتي !

 

التوقيع

و للحريّةِ الحمراءِ بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يُدَقُّ


التعديل الأخير تم بواسطة د. منال عبدالرحمن ; 09-15-2008 الساعة 04:04 PM.

د. منال عبدالرحمن غير متصل   رد مع اقتباس