و بينما قرّر الموتُ انْ يأخذهُ من صمتها , قرّرت هي أن تغادرَ حنجرتها ,
في ذاتِ اللحظة , تخيّل !
هيَ هكذا الأشياء تحدثُ في اللّحظةِ الّتي نتوقّعها الأقلّ , فإذا قرّرنا أن نقتلَ حلماً ما , لأنّ وقتهُ يمارسُ غمسَ انتظارنا في التّراب ,
لأنّ الحلمَ ما عادَ ذلك الطّائرُ الخرافيّ الّذي يأتي على أجنحةٍ من نار ما أن دعاهُ صوتُ رغبتنا الأنانيّ كطفلٍ مغرورٍ عابث ,
إذا ما قرّرنا ذلك , أتانا الفرحُ كأنّهُ وردةٌ نبتت على غصنِ عليّق , و لكنّها متأخّرة .
أتراهُ سمعَ و التّرابُ يغمرُ آخر حنجرةٍ لها , شاءَت أن تُطلقها من سجنِ ليلٍ طويلٍ لجرحٍ غائر ,
أتراهُ سمعها تقولُ لهُ : أحبّكَ للمرّةِ الأولى , ثمَّ تغيبُ في قطرةِ نورٍ سقطَت من على غصنِ زيتون ؟
أم أنّهُ من فرطِ ما انتظرَ , غابَ عنهُ الموتُ و بقيَ سمعهُ حاضراً يُدركُ مدى ضآلتنا أمامَ الموتِ , و عظمتنا أمامَ من نحبّ في لحظةِ صمت ؟
يا ياسر :
أتيتَ هُنا مفاجئاً كالسّكرِ في أفواهِ الجياع , كتموزَ يباغتُ بردَ تشرينَ و يسرقُ عنهُ معطفهُ الأبيض ,
و دائماً ما تفعلها و تسرقُ الدهشةَ من أعيننا .
رائع !