دخل الماغوط بجسده الضخم إلى معرض للخزف الشعري فلم يعجبه فكسره، وأجال نظرة من النافذة إلى الحياة ومن هناك فرّ إليها ولم يعد أبداً، هناك ظل يغني كمارد من الرقة أصيب بالاستياء من الدنيا، الماغوط مؤلم وجميل يمسك بيده قلماً كأنه الجمر، ويريد في كل يوم وكل قصيدة أن يحرق السفن منذ طارق بن زياد وحتى اليوم.
لم يعش الماغوط بسلام مع أحد، ولا مع روحه أبداً، كان ساخراً لأن المهزلة دائمة، وكان حزيناً لأن كل شيء يؤدي إلى الفقدان. وكان يائساً لأنه لم يجد لدى العروبة كلها لحظة شغف واحدة بالحرية.
موت الماغوط إعلان محزن عن الرحيل المتتابع للنسور الجدود وهي تهوي في باطن الأرض وقاع الذاكرة.
لقد مات أفصح الناطقين باسم الناس البُكَماء، مات الكمان الأحدب وهو يعزف لريحٍ قادمة
عادل محمود