كما أن ساعي البريد يطرق ثانية ،، هكذا سجلت أول كلمة ،،
أحقق بها الحلم وقد قدمت على مذبحي ولعها العارم بالحياة ،،
والحق أنه عندما تجف الينابيع لن أجد في قلبي سوى الحب كالكنز المدفون عندما تزاح عنه طبقة الأرض ،، وروحي لن تمل زيارة ذلك المكان العتيق المعبق بأطيب الذكريات ،،
غير أن قلبي فاض بالسحر،، فلو أن الأشياء غادرتها الحياة لاضطررنا إلى استجداء السعادة ،، ولتجهمنا الحياة كما تجهمت رياحنا الأحلام ،، حينما يصبح الصمت دليل التهمة والساعي منهمك بعمله يحلم بطوفان نوح جديد ،،
فلسان الشوق لن يتذوق ابتسامتك وفمه مليء بالمرارة ،، لتأوي السماء في قلبك ولا مطمع لها إلا الابتسام ،،
كان الحنين كالموت يفجر الإحساس بالمفاجأة رغم التسليم بمجيئه الحتمي ،، لم يجد جديد إلا الجهر بالرسائل الخفية ،، اندفع كالنغم القديم تحت ركام من الحنق والحنين والإحساس لعناقك والحلم الأليم بحبر الإحساس ،، في حوار طويل مع النفس المحمومة ،، إنها تستحق أضعاف ما حاق بها جزاء وفاء رسالتها ،،
قد تعذر الليالي حلمها الباكرة ولكن الأيام أنضجتها فلم تتلاش الغشاوة من عينيها ،،
بل نضج النغم وتفاقم خطره ،، واغتفر الإيقاع عيوبه ،، ما هو إلا محبة حبيب ،، بلا عقل وروح ،، وما قطعته آية شهدها إلا شهادة ضدها ،، ملأ الحرف دون أن تزحمه قطرة واحدة من أغاني الضجر ،، موقع بقدر ما هو حقيقة واقعة ،، على ذلك فالعقاب دون ما يستحق بعثه ،،
وكيف ينصت هذا الصمت وكيف يسكت ذاك النبع الضاري ،، وغيابه يغرز الجوانح بخناجر مبللة النعاس ،، في لوحة رمادية تروي الحس وتقطر الشعور ،، وقلوب ملتاعة تردت بأصحابها إلى قاع القمة ،، فاندفعت دموع من الأعماق الجريحة إلى الأبصار الزائغة ،، ماذا حصل ؟! ،، كيف حصل ؟! ،، لماذا حصل ؟! ،،
أمطرت السماء شائعات أحزان وسخريات أحلام ونوادر ودموع ،، وتفشى في الوجدان أعراض مرض مجهول فبدا وكأنه لا شفاء منه فهو الشفاء ،، دوامة لا تسكن ولا تهدأ ،، القلوب صافية ،، والرياح مواتية ،، وأحلام الحنين تبتسم ،، أي شئ أهون من الصبر في مصير البصر ،،
وبجرأة الهمس المقتحمة : نحاور صراخنا بذلك المكان ،، نستمع مرسال الراح ،،
كأن طابع صوته غير قابل للمناقشة ،، وبنظراتي المحمومة : وحدك دائما ؟! ،،
وتجيب : تقريبا ،،
وأفصحت النظرات عن أحلام لا يفي بها الكلام ،، وقال الفجر إنها تفهمه وتنتظر ،، لو كذب ظنه لن يخسر من الدنيا أكثر مما خسر ،،
فسألته كالمحتجة : أأنت في وعيك ؟! ،،
أجبته وأنا أحيطها بذراعي : لم أفقده بعد ،،