منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - " الأعزل ".. حمزة الحسن
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-2006, 10:57 AM   #5
نور الفيصل
( كاتبة )

الصورة الرمزية نور الفيصل

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 435

نور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعةنور الفيصل لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


***



في صيف نرويجي نادر كنت في رحلة طويلة عبر الجبال والخلجان حتى وصلت حافة المحيط الأطلنطي في مكان يقال له ستات وبلدة إسمها مولوي ، ورأيت للمرة الاولى هدير المحيط وسمعته بعيني وجلدي وتأثرت أكثر لوجود مقبرة قديمة شواهدها الحجرية تواجه المحيط الراعد وخلف المقبرة كنيسة تثقب ذلك النهار الصيفي النادر بقبتها الرشيقة كروح طالعة من الحجر. إستغرقني جدا تواجد هذه الكائنات الثلاثة في مكان واحد: المحيط والمقبرة والكنيسة. شعرت لأول مرة لا برغبة في الكلام ولا بعجز عنه بل وبلا جدواه أمام هذه الأبديات المتجاورة في سلام الأرض والبحر والموت. ولم أنبس بحرف واحد. هل كانت ذكرى الغابة تسرح في خاطري تلك اللحظة؟



***



شرب الرجال الشاي ودخنوا السكائر بعد أن لفوها بأيديهم وتمددوا على العشب . بعض تلك السكائر إسمها غازي ولوكس . تلك كانت أول مرة يتمدد رجال على أرض الغابة. يوسف وحده تمتم بشيء قبل أن يتمدد: كان يستأذن الأرض. يوسف هو قريبي. أكبر من جد.



اما الجاموس فقد إنطلق في المراعي العذراء المعشبة. شعر الرجال براحة داخلية وهم يرون قطعانهم تسرح وتمرح في هذه الأدغال العامرة الريانة. بين وقت وآخر يرتفع رغاء من هنا أو صرير إصطكاك قرون من هناك. تلك علامة إستقرار يعرفها الرعاة ويحبونها.تلك فورة حياة زاخرة بالطبيعة والعنفوان والوضوح.



كنت اسمع ان أحاديث الرجال المنطرحين على العشب تدور هامسة عن الليل. بدت لي كلمة ليل تشبه كلمة ضباع أو ذئاب وهي كثيرة في الغابة كما سمعت من قبل. لأول مرة تأخذ الكلمات معنى آخر غير الذي عرفته في حياتي السابقة قبل الدخول إلى ربيضة. صار الليل ليلا آخر، وصار الضبع ضبعا حقيقيا قد تواجهه في أية لحظة وخلف أية شجرة. الموت نفسه لم يعد إحتمالا بل صار واقعة. واقعة مليئة بالخيال والتحفز ومشاعر الخطر التي تجعل طفلا ينمو بسرعة في لحظات ويكبر على الأصوات السرية النابعة من الأرض ومن الظلام ومن المجهول.



سمعت يوسف يقول وهو منطرح كما لو انه يحدث نفسه: (عليكم بالنيران في الليل). لمع في خيالي ضبع في الظلام. سطع فجأة سطوع البرق عبر الأشجار. كنت اسمع ان الضباع تخاف من النار أو الضوء. لكن من يؤكد ذلك الآن؟ ضبع أو ذئب . لكن ضوء النهار لا يزال منتشرا رغم ان لون الغيوم آخذ في التبدل نحو اللون الأحمر الداكن. لون الغروب الصيفي على ضفاف النهر. إنه غسق آخر يختلف عن اي غسق آخر. غسق الأنهار العميقة الجذور. الأنهار التي تجري في دماء الناس هنا قبل أن تجري في التاريخ أو على الأرض. إنه غروب نهري فريد ينذر بولادة الحياة كما لو ان النجوم تشرق هذا المساء لأول مرة على البشر.

 

التوقيع

ولو شئت أن أبكي دما لبكيته ,,, عليه ولكن ساحة الصبر أوسع
،،

نور الفيصل غير متصل   رد مع اقتباس