لايوجد خطأ مطبعي في العنوان، كما أنه ليس برنامجاً تلفزيونياً جديداً. إنه البرنامج ذاته الذي مازال يعرض على عدد من القنوات الفضائية، ويشارك فيه مجموعة من الشعراء العشبيين بمختلف أنواعهم "عشبي كبير"، "عشبي متوسط" و "عشبي صغير".
وكما يتضايق الرائي للأعشاب الكبيرة ويبدأ في جزها من حديقته، فإن البرنامج بدأ في جز أعشابه الأكبر بطريقة أو بأخرى، فبين منسحب لدواعي العمل وآخر لدواعي الزواج مازال هناك من ينتظر انسحاب بقية الأعشاب بطرق سينمائية جديدة.
في كفة أخرى مازال هناك من يأمل بإنقاذ ابن قبيلته وصديقه عبر إرسال الإس إم إس، أو الاتصال هاتفياً ليفاجأ بالنهاية بإن نسبته لم تتعد العشرات مئوية، ومع ذلك فهو ينتظر عودته ليسمع منه حكايات وقصص المليون وخباياه. حتى كاد المليون أن يصبح حديث المجالس بين متكهن وواثق، وبين مؤيد ومعارض. هنا يجب أن نعترف بنجاح شاعر المليون إعلامياً لأنه استطاع لفت انتباه الجميع بالحديث عنه وربما متابعته سواء معجباً أو بغرض الانتقاد!
ولكنه للأسف لم ينجح في خدمة الشعر ولا الموروث الشعبي بل أساء إليهما بشدة، فالشاعر الحقيقي لا يحتاج للصعود على المنصة ليلقي نصه الأدبي بانتظار مجموعة أتحفظ على تسميتهم "نقاداً" أو مايعرفون في البرنامج بـ "لجنة التحكيم". وبعد عبارات لاتخلو من المجاملة والتملق يبدأ الشاعر بتأدية صلاة استستقاء التصويت، فيضطر لمناشدة الفزعة القبلية والوطنية للتصويت له وانقاذه من وضعه الحرج. لتأتي النتيجة في الأسبوع الذي يليه إما مواصلاً أو خائباً.
لا أنكر حاجة الجميع لذلك المليون، فأنا شخصياً أتمنى الحصول على مليون لتحقيق كثير من أحلامي، ولكن هناك من يحبذ التعاطي باحترام مع نصوصه الأدبية فلا يجعلها كالمسرحية التي تنتظر التصفيق أو الرمي بالطماطم!
شاعر المليون ماهو إلا البداية، لذا فعزائي فيمن تبقى من الساحة الشعبية ومن يقدر الشعر الحقيقي وكيفية التعامل معه. شارع المليون هو الإسم الأنسب لهذا البرنامج فهو طريق للحصول على المليون وليس طريقاً لكسب الشعر واحترام الشاعر.