عِطْر فَانَّيْلا مَن مَجْهُوْدِي الْشَخْصِي مَن يَنْقُل مُحْتَوَى عِطْر فَانَّيْلا إِلَى مَوْقِع آَخَر أَرْجُو ذَكَر الْمَصْدَر ( قَمَر ) ! وَشُكْرَا لَكُم
الْأُسْطُورَة هِي قِصَّة خَيَالِيَّة أَو مُخْتَلَقَة . وَكَانَت تِرْتَبِط بِالْظَّوَاهِر وَالْكَوَارِث الْطَّبِيْعِيَّة وَتَفْسِيْرُهَا . فَلَقَد تُصَوِّر الْأَوَّلُون الْمَطَر إِلَه يَصُب الْمَاء مِن إِنَاء بِالْسَّمَاء وَالْرِّيح لَه إِلَه يَنْفُخُها بمُراوَح وَالْشَّمْس إِلَه لِأَنَّهَا تُضِيْء الْدُّنْيَا وَيُشْعِل الْنِّيْرَان . وَكَان الْإِنْسَان الْأَوَّل يُؤَدِّي طُقُوْسْا لِلْحُصُوْل عَلَي هَذِه الْأَشْيَاء وَكَان يَعِيْش مَع أَسَاطِيْرِه كَمَا إِنْشَغَلَت كُل الْحَضَارَات الْقَدِيْمَة بِسَبَب الْخَلْق وَالْخَلِيْقَة . وَتُعْتَبَر الْأَسَاطِيْر حِكَايَات مُقَدَّسَة لِشَّعْب أَو قَبِيْلَة بُدَائِيَّة وَتُرَاثا مُتَوَارَثَا وَيُطْلَق عَلِي هَذِه الْأَسَاطِيْر أَحْلَام الْيَقَظَة وَلَهَا صِلَة بِالإِيْمَان وَالْعَقَائِد الْدِّيْنِيَّة . كَمَا تَعْبُر عَن وَاقِع ثَقَافِي لِمُعْتَقَدَات الْشُّعُوْب الْبِدَائِيَّة عَن الْمُوَت وَالْحَيَاة الْأُخْرَوِيَّة . وَهَذِه نَظْرَة مِيْتَافِيزِيقِيَّة . وَمَازَالَت الْقَبَائِل الْبِدَائِيَّة تُمَارَس الطُّقُوس وَتَتَبُّع أَسَاطِيْرِهَا الَّتِي تُعْتَبَر نَوْعَا مِن تَارِيْخِهَا الْشِّفَاهِي الَّذِي لَم يَدَوَّن . وَمِن خِلَال الْمَلِاحِم تَرْوِي الْشُّعُوْب رِوَايَات عَن أَجْدَادِهَا وَحُرُوبِهُم وإِنْتِصَارَاتِهُم وَرِوَايَة الْسِيَر الْشَّعْبِيَّة الْمَلْحَمِيَّة . لِهَذَا لاتُعْتَبّر الْأَسَاطِيْر تَارِيْخا يُعْتَمَد عَلَيْه لِأَنَّهَا مَرْوِيَّات خُرَافِيَّة خَيَالِيَّة . فَالإِنْسَان الْبِدَائِي لَم يَكُن يَشْغَل عَقْلِه لِّتَفْسِيْر الْظَّوَاهِر الْطَّبِيْعِيَّة وَكَان يُعْتَبَر مِن مَنْظُوْرَه الْشَّمْس وَالْقَمَر وَالْرِّيَاح وَالْبَحْر وَالْنَّهْر بَشِّر مِثْلِه . لِهَذَا ظَهَرْت أَسَاطِيْر الْأَوَّلِيْن لَدَي الْبَابِلِيِّين وَالْفَرَاعِنَة وَالْرُّوْمَان وَالأَغَرِيق وَالْمَايَا .
وَهْنَا سَنُلْقِي الْضَوْء عَلَى بَعْض الَاسَاطِير الْقَدِيمَه لِنَعْرِف قِصَّتُهَا وَنَتَعَرَّف عَلَى ابْطَالَهَا ::
يُقَال أَن حُوْرِيَّة الْبَحْر الْصَّغِيْرَة اغُرِّمّت بِأَمِيْر مِن بَنِي

البشر أنقذته من الغرق ، و تمنت لو أنها تزوجت به ، لولا أنها استطاعت أن تعرف أن ذيلها يفرق بينها و بين بني البشر ذوي السيقان ، ثم أن حياتهم القصيرة تفرق بينهم و بين حياتها ، التي تبلغ مئات الأعوام ..
و لما لم تجد الحورية إلى الأمير سبيلا ، سوى أن يرى أعلى جسدها ، و يواري الماء عنه أسفله ، هداها هواها إلى اللجوء للساحرة التي سلبتها لسانها ، في مقابل ترياق تحتسيه حين الفجر ، يجعل لها سيقان البشر ، على أن تعلم أنها إذا تزوج أميرها بغيرها ستزوي بين طيات موج البحر ، في أول فجر بعد تركه إياها ..
و يرى الأمير الحورية ملقاة على الشاطئ ، فيجتلبها إليه ، لكنها لا تستطيع أن تنطق بحبه ، و يؤلمها أنه لا يجد فيها إلا صورة للفتاة التي أنقذته ذات الصوت الجميل ..
و يتم تزويج الأمير من أخرى ، و الحورية لا تستطيع سوى الصمت ، حتى تجد ان حياتها السابقة يمكن أن تسترد ، بأن تسدد خنجرا في قلب أميرها قبل ذلك الفجر ، الذي توشك فيه على الانزواء مع الموج ..
لكن الأميرة تفضل أن تكون نهايتها بين الأمواج ، على أن تكون نهاية حبيبها على يديها..
أُسْطُوْرَة الْتُوت وَسَبَب تَغَيَّر لَوْنُه الَى الْأَحْمَر

كانت الثمار الحمراء لشجرة التوت بيضاء كالثلج. وقصة تغير لونها قصة غريبة ومحزنة، ذلك أن موت عاشقين شابين كان وراء ذلك. فقد أحب الشاب بيراموس العذراء الصغيرة ثيسبي وتاق الاثنان إلى الزواج. ولكن الأهل أبوا عليهما ذلك ومنعوهما من اللقاء، فاكتفى العاشقان بتبادل الهمسات ليلاً عبر شق في الجدار الفاصل بين منزليهما. حتى جاء يوم برح بهما فيه الشوق واتفقا على اللقاء ليلاً قرب مقام مقدس لأفروديت خارج المدينة تحت شجرة توت وارفة تنوء بثمارها البيضاء. وصلت الفتاة أولاً ولبثت تنتظر مجيء حبيبها. وفي هذه الأثناء خرجت لبوة من الدغل القريب والدم يضرج فكَّيها بعد أن أكلت فريستها، فهربت ثيسبي تاركة عباءتها التي انقضت عليها اللبوة ومزقتها إرباً ثم ولَّت تاركة عليها آثار الدماء. حضر بيراموس ورأى عباءة ثيسبي فاعتقد بأن الوحش قد افترس حبيبته، فما كان منه إلا أن جلس تحت شجرة التوت وأغمد سيفه في جنبه، وسال دمه على حبيبات التوت ولوَّنها بالأحمر القاني. بعد أن اطمأنت ثيسبي لانصراف اللبوة، عادت إلى المكان لتجد حبيبها يلفظ اسمها قبل أن يموت وعرفت ما حدث، فالتقطت سيفه وأغمدته في قلبها وسقطت إلى جانبه. وبقيت ثمار التوت الحمراء ذكرى أبدية لهذين العاشقين.
أُسْطُوْرَة أُوْدِيْب قُتِل أَبُوْه وَتَزَوَّج أُمُّه

كان "لايوس" ملكا على مدينة طيبة فطُرد منها، ولجأ إلى ملك طنطالة. ثم عاد "لايوس" إلى مدينته طيبة بعد أن خطف ابن الملك الذى استضافه وأحسن إليه وأعانه في شدته، مما حدا بالأبن المخطوف إلى الانتحار بعد ما فعله لايوس من خطيئة.
ويتزوج لايوس من "جوكاست"، ويعيش معها عيشة هنيئة منتظرا قدوم الأبن الذى سيرثه في الحكم والذى تأخر مقدمه كثيرا. وعندما يسأل لايوس العراف عن ذلك، يخبره بأنه نتيجة لفعلته مع ابن ملك طنطالة؛ سيرزق بولد سيعيش ويكبر حتى يقتله ويتزوج أمه. وبالفعل يرزق لايوس وجوكاست بطفل، فيخرقان قدميه ويربطانه منهما ويعطيانه إلى خادم لكى يلقيه في جبل "كثيرون" لتفترسه السباع هناك. لكن الخادم أشفق على الطفل فسلمه إلى راع، أخذه إلى ملك "كورنثة" الذى أتخذه ولدا، وسماه أوديب لتورم قدميه.بعد أن يكبر أوديب يخبره العراف بأنه سيقتل أباه ويتزوج أمه، فيهرب أوديب من بلدته لكي لا تتحقق النبوءة. فيهرب بعربته، ويقابله " لايوس" بعربته أيضا؛ خارجا من طيبة باحثا عن حل للعنة التي حلت ببلاده، إذ حل بها وحش في صورة أبو الهول. يسأل الناس لغزا: فمن لم يستطع حله؛ يقتله.
تصادمت العربتان (عربة أوديب ولايوس). فتشاجرا، حتى قتل أوديب والده ودخل طيبة. فقابله أبو الهول في أول المدينة، حيث يمكث، فسأله عن الشئ الذى يمشى على أربع ثم اثنتين، ثم ثلاثة. فقال أوديب: "الإنسان. حيث يمشى في طفولته على أربع. ثم اثنتين، ثم ثلاثة، عندما يستعين بالعصا " فمات الوحش كمدا، فكافأه أهل طيبة بأن زوجوه من ملكة بلادهم جوكاست. ويعيش أوديب هانئا مع زوجته، وينجب منها أربعة من الأبناء: بولينكس، وتيتوكليس، وانتيجونا وأسميتا. لكن وباء كاد يهلك كل شئ في البلاد. فيذهب البعض لسؤال العرافين عن ذلك. فيخبرونهم بأن ملكهم هو سبب البلاء، لأنه تزوج أمه بعد أن قتل والده، فيفقأ أوديب عينيه، وتقتل جوكاست نفسها!!