روميو وجوليت من الخيال الى الواقع
من فرط اعجاب بهما كادت قصتهما تتحول الى اسطورة للحب والرومانسية والاصرار والتضحية , تعلق بهما الكثيرون ولا تكاد تكثر تذكر هذه المعاني النبيلة في أي مناسبة الا وجاء اسماهما في المقدمة , ليس وحدهما في هذا المجال , فكثيراً ما يتحدثون عن ليلى والمجنون وعنتر وعبلة وغيرهم من ابطال القصص الرومانسية في العصر الحديث , ولكنهما من بين كل هؤلاء يتمتعان بتميز خاص بعد أن خلدهما الكاتب الانجليزي الشهير وليام شكسبير في روايته الخالدة ( روميو وجوليت ) ....
ومن يوم ظهورها في اسواق الابداعات الادبية يدرك العالمون بأمرها ان شكسبير يتحدث في روايته عن شخصين لا وجود لهما , روميو وجوليت من صنع خيال شكسبير وحده , جمع بينهما في قصة حُب رائعة جعلت الكثيرين يعتقدون ان روميو وجوليت شخصيتان حقيقيتان عاشتا في فترة من القرون الوسطى وراحتا ضحية لعلاقة رومانسية نادرة الوجود , هو وحده اذن صانع هاتين الشخصيتين من وحي الخيال , كان ذلك هو الاعتقاد السائد حتى خرج علينا أحد المؤرخين الايطاليين مؤخرا ليؤكد ان قصة روميو وجوليت ليست من صنع الخيال المطلق , ولكنها مرتبطة بأرض الواقع , روميو وجوليت عاشا بالفعل , ولكن ليس في مدينة فيرونا , ونهايتهما لم تكن مأساوية كما جاء في رواية شكسبير وانما انتهت نهاية سعيدة !
البطلان الحقيقيان للقصة اسماهما ديفيد وماريا تيريزا جمعتهما علاقة حب عميقة في منتصف القرن الخامس عشر ميلادي بقرية صغيرة قرب مدينة ساليرنو الايطاليه , هذه هي النتائج المثيرة التي توصل اليها المؤرخ الايطالي جيريميا براجيو الذي امضى سنوات عديدة من البحث والدراسة في هذا الموضوع ليصل الى الشخصيات الحقيقية التي استوحى منها شكسبير رائعته الشهيرة روميو وجوليت ولنتأمل معاً هذه المشاهد من القصة الواقعية ديفيد وماريا ..
المشهد الأول :
صراع في الوادي
قرية هادئة وادعة في اطراف ايطاليا اسمها مونت كوفرينو روفيلا تمسك بربوعها الخضراء في الوادي الفسيح آثام صراع دام تفجر على حين انتظار بين اكبر عائلتين في القرية عائلة دارمينيو وعائلة دامولدي تصاعدت الخلافات وتحولت الى قطيعة كبرى بين العائلتين , خصومه تلقى بظلال قاتمة على اجواء القرية ومن يعيشون فيها , لا تبدو في الأفق اية يادرة تفسح طريق الأمل ليعود السلام والوئام , الا توجد نهاية لهذا الشقاق ..؟
المشهد الثاني :
لقاء في العاصفة
وسط اجواء مشحونة ومعارك لا تنقطع وخصومة تتصاعد , كانت قصة جميلة تولد في القرية , ولكن يوم ولادتها لم تكن الفرحة والبسمة على الوجوه ولا السعادة في القلب , كان القلق والتوتر والخوف هي المشاعر التي تسيطر على بطلي هذه العلاقة الوليدة , انهما من العائلتين المتصارعتين , ديفيد الشاب الوسيم سليل عائلة دارمينيو وماريا تيريزا الفتاة الجميلة كالزهرة المتفتحة ابنة عائلة دامولدي , جمع الحب بينهما وعرف الطريق السريع الى قلبيهما , لم تحل المعارك والصراعات دون لقائهما في الخفاء , في الليل او النهار , بعيدا عن الأعين وخلف ستار الخلافات , واستمرت العلاقة دون ان يدري بها احد , ولكن لم يكن مقدرا ان تمضي الى الابد هكذا بلا منغصات , اعين الدساسين كانت وراءهما , خيانة واحدة من خادمات ماريا ادت الى افتضاح امرهما وسقط ديفيد في يد العائلة الاخرى خلال لقاء من لقاءتهما السرية ..
المشهد الثالث
حتى آخر العمر
حجرت الاسرة على الفتاة , واعلنت شعورها بالخزي من علاقتها بهذا الشاب , وفعلت الكثير والكثير من اجل وضع حد لما اعتبرته وصمة عار او نقطة سوداء في تاريخ العائلة , ولكن اصرار الفتاة ماريا وتمسكها بحبها دفعها لان تؤكد انها مصرة على الموت مع ديفيد اذا كان مقدرا له ذلك , هذا الاصرار هو الذي انقذ حياة هذا الشاب من الموت ليس هذا فحسب ولكن كان دافعا لحمل الاسرتين على البحث عن حل وسط لتسوية الخلافات , وعثرت الاسرتان على وسيط موضع ثقة الجميع , في وسعه ان يقوم بهذة المهمة بامانة واقتدار , انه رجل دين بالقرية نجح بالفعل في نزع ما تبقى من فتيل التوتر والصراعات وجاء اليوم المشهود , في لحظة حاسمة من تاريخ القرية تم في احد شوارعها التوقيع على اتفاقية سلام بين العائلتين , وكدليل عملي على انتهاء الصراع بينهما بنت العائلتان كنيسة في القرية اصبحت بعد ذلك اليوم تحمل اسم ( رسوله السلام ) وحتى هذه اللحظة يستطيع أي انسان ان يقرأ تفاصيل وافية للقصة بأكملها قصة ديفيد وماريا تيريزا ...
من وحي الأحداث
كانت هذه قصة ديفيد وماريا التي يرى المؤرخ الايطالي انها الواقعة الحقيقية لقصة روميو وجوليت التي كتبها شكسبير , ويدلل على ذلك بالتشابه الشديد بين الواقعة الحقيقية وماكتبه الكاتب الانجليزي الراحل , الوقائع واحدة والاحداث متشابهة , ولكن شكسبير وحده هو الذي اختار ان تكون النهاية مأساوية في عملة التراجيدي , ويقول البروفيسور براجيو ان شكسبير استخدم الى اقصى درجة من الاحداث التي شهدتها قرية مونت كورفينو ولم يكن شكسبير اول كاتب يسجل في عمل ادبي تلك القصة الواقعية , فقد سبقه الى ذلك الكاتب الايطالي ماسوشيو ساليرنيتانو الذي كتب رواية متكاملة عن هذه الأحداث , وبعد ذلك بعدة سنوات جاء الكاتب دالابورتا ليعيد كتابة القصة ويجعل من مدينة فيرونا موضعا لأحداثها
ويؤكد المؤرخ الايطالي ان هذا الكاتب كان اول من استخدم اسمي روميو وجوليت في روايته , ليعيد الكاتب الانجليزي وليام شكسبير كتابتها مرة اخرى في روايته التي صدرت عام 1595, وسواء زادت نسبة الخيال او نسبة الواقع فقد تحول ديفيد وماريا الى اسطورة تحمل اسم رميو وجوليت ....
بحث ورؤية : قمر
يتبع
آخر المشاركات
04-10-2010, 06:22 PM
رُوْمْيُو وَجُوَلَيت
العرض العادي
