ليس لي حق في رفاهية الحب، والتحلي بجماله بين جملة الأهواء والمشارب في بني البشر، فكل حبيب أينعت ثمرة حبه بلقاء محبوبه فأراح واستراح، وتبادلا كأس اللقاء لا يكدر صفوه شيء من شائبات الحياة الماكرة بالمحبين مكرها بالأحياء على ظهرها..إلا أنا فما عدت أفكر في اللقاء، ولا مسبباته، ولا أجنح لأفرح قلبي مرة بلقاء من أهوى حتى أعود أدراجي لسحب أذيال الغرام كأنما تعارفنا للتو، وللتو نبسمل شق طريق الخطوة الأولى.
وأمامي من دهاليز الحيرة، والتساؤل ما أدرك مبتداه، ولا أعلم الظواهر عن منتهاه، ومفزعات النوم تلك الجاثمة على صدري لا تنذر بشيء كما تنذر بالقلى الجافي، والقطيعة الباغية، وما بين أطياف الشناعة يتسلل شيء من شعاع أمل يقول: تمهل! فإن في العمر بقية، ولا يعني إلا عمر الصبر العلقمي.
وأي صبر يا منى روحي وأنا أكوى بنار الآدمية المبعثرة في حواشيها بقايا ما جمعت يداي من نورك فأودعته ذاتي لتسلم فلم يكفها ، ولم يسد جوعة متاهها، وكم ناشدتك القرب وأنا خالٍ من آدميتي عل الذي أصابني منها لا يحول بيننا، ولا يشكل من طبقته العازلة إمتداد هذا العمر في بعده عنك. ومتى سيفهمني بنو جنسي وهم لا يفكرون إلا في نواقص هذه الطينة، ونواقض هذه الجبلة المتكاملة من حمأة الصلصال ، والمعتمدة في استنشاق معاني الحياة، والحب من تلك الروح المبثوثة فيها شحنة غيبية قلّ من يتنبه لسرّها.