منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - احتماء .... بالضوء !
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-09-2010, 04:59 AM   #35
سحر الناجي
( كاتبة وإعلامية )

الصورة الرمزية سحر الناجي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سحر الناجي غير متواجد حاليا

افتراضي




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

* مغامرة في الوادي ..
أنسج من مواقف الماضي طرفة كي تستبين هواجسي القديمة وتطفوا على سطح الماء الآسن في ذكرياتي ..
أعود إلى ذات الذكرى .. والتفاصيل الملقاة على عاتق الزمن ..
حكاية قديمة وتطل برأسها من كوة الشرود كلما ماطلني الحنين إلى أيام أشرقت بالفرح وتلونت بقوس قزح مهترئ ..
كنا صغار ولا نملك من هموم الدنيا سوى الفتات وبعضا من مشاكسات وطيش وربما جرأة تكومت ذات ليلة امتد فيها السهر حتى الثالثة فجرآ
كان بيتنا وقتذاك جديدا وتطل باحته الخلفية على مساحة شاسعة من الأراضي المهجورة ..
وفي الشمال من مزرعة العم سعد الرجل العجوز الطيب كان ثمة واد أثيرت حوله كثيرآ من الأساطير المفزعة ..
ربما أن حب المغامرة واكتشاف المبهم من الأشياء كان يسري في عروقنا مسرى الدم حين انفعال ..
قال أخي الصغير كمال : ما هذا الضجر ألا يوجد ما نقطع به الوقت حتى يحل الصباح ؟
وقال أخي جمال - وكان أعقلنا وأكثرنا هدوء : ليس هناك حل سوى الخلود إلى النوم ..
صاح الصغير معترضآ : إنها إجازتنا المدرسية .. ولا أريد أن أقطعها في النوم فقط ..
ثم قال كمن واتته فكرة مذهلة : ما رأيكم بأن نتسلل إلى الوادي ونكتشف ما يجري هناك ؟
قلت بفزع : ماذا .. في هذا الوقت من الليل .. لا .. أنا لن أخرج في هذا الظلام أبدا .. ولا ندري ما يوجد هناك ..
قال : ولماذا تخافي ونحن معك .. هي فقط مجرد إلقاء نظرة وسنعود بسرعة .. ثم أن القمر الليلة بدرا ..
لم ترق لي الفكرة خصوصآ عندما تذكرت وجه أبي الغاضب وهو يعاتبنا ويزمجر في طيشنا لما فعلناه ..
قلت : لا .. فإذا علم أبي لن يغفر لنا .. وقد يعاقبنا بشدة ..
قال : لن يعلم إنه يغط في نوم عميق هو وأمي ولن يصحو قبل صلاة الفجر ..
وأخذ يلح علي وعلى جمال ويزين لنا الأمر ويغرينا بالمغامرة حتى وافقنا على مضض ..
تسللنا من الباب الخلفي ومضينا على أطراف أصابعنا نطرق المجهول ونستكشف الظلام ..
كانت فرائصي ترتعد ونحن نقترب من الوادي السحيق , وكنت على شفا الإنهيار كلما سمعت صوتآ غريبا في الجوار ..
حتى الأشجار المتناثرة هنا وهناك كنت أتصورها كائنات هبطت من علو وأرادت أن تستعمر الأرض وتسكن أجسادنا ..
فالحكايات عن هذا المكان كانت لا تخلو من أشباح الظلام وعفاريت الليل ..
وعندما وصلنا أخيرا إلى الحافة .. كان الظلام يُغرق كل شي في الوادي .. فلم نر غيرسواد بالكاد يبدده نور القمر ..
وفجأة سمعنا صوت همهمة مرعبة ,, وعيون تلمع من قلب الظلام وتنظر إليننا بشراسة .. وكأنها على وشك الانقضاض علينا ..
خُيل لنا كائن خرافي بجسد عجيب عملاق .. وقوة خارقة يتلبد بجانب الحافة ..
فتسارع لهاثنا قبل أقدامنا ونحن نفرإلى البيت بذعر شديد حتى كادت قلوبنا أن تتوقف ..
بالتأكيد لم تمر أيامنا بعد ذلك بسلام وأمان ,, فقد كان يخيفنا كل ظل وكل صوت ..
كان النوم والأمان أبعد ما يكون عنا .. لا سيما كلما جاء المساء وشاعت العتمة في الأرجاء ..
ومرت أيامنا ونحن نترقب هجوم ذلك الوحش علينا ونبش أظلافه في أجسادنا وذلك لاقتحامنا خلوته وحرمة همجيته ..
حتى جاءنا الخبر من خلال نقاش عابر بين أمي وأبي يفيد بأن :
المخلوق الخرافي المفترس .. لم يكن سوى كلب جريح وجده أحد المارين بالوادي على جانب الطريق يتلوى جوعا ومرضا ..
فأخذه في رعايته حتى تعافى وشفي تماما ..

 

سحر الناجي غير متصل   رد مع اقتباس