
* لا يعود ..
للقلب نبض وحيد فقط في هنيهة الوجع ..
واللحظة التي تضيع فيها الأحاسيس تحيل المنظور إلى شظايا ..
السماء لا تهشها المظلات عن الاكفهرار .. ولكن مزن السراب تدنو شاحبة من البياض ويعتريها الرماد ..
والخريف وحده موسم يحرق أجنحة الفراشات ويلكز الأنسام لتنحت البرودة على المساء ..
كانت المرأة التي فقدت صباها , وبددت تبر الزمن على وجه صغير تلقفته ورحلت بعد منصف الليل ..
صغيرها اليتيم .. إرثها الذي حبا على مصيرها فأشعلت له شموع التضحية ..
امرأة ..وخلفها الماضي يسطو على رابية الوهن .. تشرع نافذتها كل ليلة عل الموت يجئ وينجي روحها من تخاريف الحزن ..
صمتها الأجش .. وخصلات عمرها التي تطايرت هباء مع الريح ..
شمعتها التي احترقت وجعا .. وتبخرت مع لهيب القهر ..
ذوبان في كل مكان .. حتى خطاها تخالها مجرد ححم مسكوبة فوق دروب المصير
قال لها الذي تمنته سلام يوم ولد وبوم يموت ويوم يبعث حيا :
- سأعود يا أمي لأعوضكِ عن عذابك طيلة هذه السنين ..
وصاح وهو يلوح لها من الطريق :
- سأعود لأحميكِ من الليل والوحشة وأسراب الظلام ..
ينصهر الثلج عن ذاكرتها .. وتتيقن أن الليل سرمدي ولا سُدى من انتظار الفجر ..
هاهي تلوك الألم وتحتسي العجز .. ساخنآ , ومذاقه وجع آخر ..
تناوش القحط في عالمها المظلم .. يتصدع التراب من لهاث العطش .. وتشتاق إلى قطرة مطر من غيوم ذاك الراحل في البعيد
متى يأتي ويجمع شتاتها من أرض باتت ضريح لعمرها المناهز سبعون عاما ..
متى يأخذها إلى الضوء ويصفق الباب وراءهما بشدة على أيام مقفرة ومهترئة العذاب ..
وذات مساء جاءها البشير بعودته .. فأقامت الدنيا فرحآ وفألا ولم تقعدها ..
وانتظرته على أبواب النهار ونوافذ الليل .. انتظرته بقلب متعب وأجفان قرحها السهر ووجوم المساءات ..
انتظرته يوم وشهر وسنة .. مرت الأوقات كرحى تسحق ما تبقى من عزيمتها .. وتقتلها انتظارا ..
ولم يعد إليها أبدآ ذلك العاق المخادع ..