
* إختناق
المقت يستبد بأنفاسه , فيدخله في دوامة من الغضب ..
قهر مشقوق اللحظة اعتاد على مزاولته بين جدران حجرته الزيتية الطلاء .. اللامعة بانعكسات هزيلة لضوء يتأرجح متدليا من السقف ..
شعر برغبة عارمة بالصراخ , لكنه نظر إلى جسد زوجته المحتل مساحة كبيرة من السرير ..
فكمم ثغره خوفآ من الصيحة وانصت بنزق إلى صوت أنفاسها يعلو بشخير يقلم الصمت من حوله ..
قالت له تيك الغارقة بالسبات : إبحث عن عمل آخر .. إننا نموت فقرا ..
وبكى ولده أمامه بقهر وهو ينتحب : المعلم دائمآ يلومني .. والطلاب يسخرون من حذائي الممزق ..
حتى والده الميسور الحال زجره بعصاه المتجعدة حين لاذ به يطلب العون .. صرخ فيه بقسوة :
- أنت فاشل دائمآ .. وعندما تفلس تأتي لتقترض المال ..
وصاح به : أغرب عن وجهي .. وابحث لك عن عمل آخر ..
أين يذهب وقد تورمت أقدامه من البحث .. أين يجد كومة من الذهب يسكت بها همهمات زوجته .. وغضب والده
وكيف يجد حفنة ضوء يلوذ إليها لتركل هذا الظلام الذي يغمره حتى الغرق .. !
يشعر وأن جمجمته تحترق .. والنار تأكل كل نبضه التعيس ..
عظامه برحت في هنيهة استياء .. مجرد حطب يجوسه الويل في هذا الليل ..
همس يسامر ظله ويشكو إلى مسبحته همه الجاثم على صدره ..
قال لهاتفه لائمآ : أما حان لك أن تصدح برنين يحمل إلي البشرى ؟
وتوعد قميصه المهترئ , بأقرب مكب للقذارة حين يستبدله بآخر جديد ..
" كأنني سأموت "
قالها وقد ارتفع أزيز صدره .. وتحشرجت أنفاسه بالاختناق ..
استبد به السعال وتسارع كسياط يجلد حنجرته .. فألقى بجسده إلى جانب زوجته وراح يهزها بفزع ..
شرعت أهدابها بتثاقل وهمهمت : ها .. ماذا تريد .. دعني أنام ..
صاح بصوت متحشرج : استيقظي .. إنني .. أموت
ولم تحرك ساكنآ ..
وفي الصباح وجدته مشرع العينين .. مزرق الوجه .. وقد فاضت روحه إلى بارئها ,,