cإن الانسان في مسيرة وجوده على الأرض، دمر الكثير من المعاني التي كانت بين يديه دانية شهية موهوبة، و أفسد مدلولها؛ فأصبح في حاجة، و جوع كبير إلى استبدال الكلمات و تزيين اشكالها، فزاد في أسفاره على نفسه البعد و الشقة.
بيد يهدم ما عنده و بيد أخرى يستجدي غيرها مضطرا. فحين ارتبطت مفردة: التأديب مثلا بالضرب و القسوة و أشكال العنف الأسري، ارتباطا وثيقا؛استبدلناه مضطرين، بتطوير الذات؛كي يطبقه على نفسه من يستخدمه بتلك الطريقة العنيفة المتطرفة،و يتقبلها مسرورا بلا حرج و لا حساسية،كارتقاء بجديد و موضة تمثل له الرفاهية و الارتقاء، في جميع مجالات الحياة التي يحتاجها،حيث أن التأديب يترافق مع التعليم و كلاهما مستمران لحظة بلحظة مع العقل و القلب لتستقيم بهما الجوارح و ليس عملية مؤقتة و لا مختصرة على البعض دون البعض و لا مجال دون آخر، كما هو السائد و المعلوم في المجتمع.
و حين ارتبطت مثلا :المحاضرات التربوية و التوجيهات الثقافية، بتطرف بعض من أسندوا إلى أنفسهم الاسلام، و الدين، أيضا أصبحت منبوذة و مجانية القيمة و المعنى عند الكثيرين، تلك المجانية التي لا يلهث خلفها المستغلون للمجانيات في عالم المادة و المصلحة البشرية في كافة احتياجاتهم العصرية.
لندفع المال لبرامج و تدريبات و ورش عمل، تحيي الاخلاق ، و تشحذ موات الفكر، و تنفض الرفات عن فتات الهمم،تحت مسمى الاتيكيت و غيرها من لاتينية اللغات الأخرى غير العربية و غير التي يستخدمها المسلمون أو بالأحرى غير التي شوهوها و نفروا أنفسهم و الناس منها،
تلك البرامج المستحدثة التي هي أساسا تشريعاتها و أنبل طرائقها كلهما مستمدة من السيرة النبوية، والارشادات الالهية في تعامل العبد مع ربه، ثم بينه و بين الناس، ثم بينه و بين البيئة المحيطة و العالم أجمع من حوله و كل عناصره من حيوات و جمادات.
هكذا صرنا مضطرين عوضا عن بناء نماذج إنسانية تشيح غلالات المفاهيم السيئة و تعيد للقيم و المبادئ الاصيلة رونقها من ثم ترسخها بصورتها الأجمل؛لصعوبة ذلك،
أجبرنا في عالم الاستهلاك و الانبهار بما لدن العالم الآخر، إلى تبديل المفردات بالمفردات الغربية الدخيلة على اخلاقياتنا اليومية المستهلكة لحد النفور و العطش للجديد و المستورد ككل
ادواتنا الاستهلاكية و غير المعترف بها حاليا لنجذب الناس إلى التسامي بنفسها الأجملــ و الأكمل
عودة إلى المفقودات لكن خارج اطار ما ينفرون منه تماشيا مع ما صاروا ينجذبون إليه
و يمدون أعينهم إليه يوما بعد يوم بلا انتباه و بكل عمى و بلا وعي.
أتساءل بعد 2014 ..هل يخلق جيل قوي يعيد للقديم هيبته؛محافظا على الهوية الاصيلة في استخدام المفردات اللغوية، و يعيد هدم و بناء نفسه على مكنونات محدودة و لكن قيمة دون اللجوء إلى الاستيراد الطاغي باستمرار.
( و لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه و رزق ربك خير و أبقى )
اليوم :
بقلم : نون المرزوقي