منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - فراغ
الموضوع: فراغ
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2015, 02:02 AM   #18
عائِشة محمد
( كاتبة )

افتراضي





















(7)


حين يسلكمنا المرء طريقاً ما، لا يدرك بأنه يسلك الطريق الذي يسلكه الا حين يسلكه أو يبتدئهُ بخطوة ربما أو خطوتان، ثلاث و ربما حين يبسط نصف الطريق خطوات؛ لكن قليلون أولئك الذين يسلكون طريقاً و هم يعلمون بأنهم يسلكون ذاك الطريق قبل أن يسلكوه بخطوة و بوقت كفيل لأن يتهيئوا جيداً لسلوك هذا الطريق.
سلكت أنا طريقي هذا، نعم سلك طريقي هذا الذي لا يمتُ لي بملكية تذكر غير أنيّ الوحيدة الأبدية التي تسلكه و ستسلكه في وقت سيمضي و سيزول كذلك. سلكت الطريق و أنا أدرك تماماً أني سأسلكه بوقت لا أرغب بسلوكه و بهيئة لا أفتهمُها عن نفسي و أنا أسلكه؛ سلكته و ابتدأتبه و أنا أتساءل كثيراً قبل أن أختطي به خطوة ألوثه بها: لما علي سلوكه و أنا لا يقام علي واجب سلوكهِ؟
"-لأننا واحد، و قدر لنا بأن نكون كذلك".
ابتدأت خطوتي الأولى فيه و أنا أتثاقل و أتكابل على نفسي كل السوء الذي فعلته و افتعلته كذلك الذي افتُعل مني/عني. لماذا؟ لماذا يا ترى عليّ سلوكه؟ لما عليّ مقاسمته الوحشة بجبروته؟ لما عليّ الشعور بوحدة سئمتني! لما تجبرني على مقاسمة الوقت معه، ملاطفته مكسورة؟ لما عليّ مجالسته و ارغام نفسي بسلوك الطريق معه بوحدة فاسدة! ألنيّ غدرت بك دون أن أقتدرعلى غدرك! أتعاقبني لأني ضعيفة الهوان، سقيمة الاخلاص، فاسدة الجمال؟ ألني وحيدة؟ أملأن الوقت ينقضي مع الوحدة سواك؟
"-يوماً ما، قدر لنا أن نكون واحداً. هي الأقدار يا قدري".
خطوت خطواتي و أنا أحافظ عليّ جيداً من التلاشي في هذا الأفق المهلك سواداً. لمْ أدرك تماماً ماعليّ التخلي عنه يحين يتوجب التخلي لزاماً و فرضاً لضيقِ الأسباب الفحشاء المفتعلة هنا. أقلبيّ؟ أنفسي؟ أعمراً اقتصر عليّ بموتٍ حيْ؟ أجلد حاكني بفهارة مقفرة؟ أيد أجبرتني على خذلانك اخلاصاً؟ أقدمايّ اللتان تقوداني إليك عليّ لا أتقود بك مجدداً كما فعلت و فشلت تكراراً مراراً؟ أمولديّ؟ وحدتي؟ أوَ لم تكن الوحدة أنيساً في مولدي؟ أم أن ولادتي وحيدة كفيلة بأن أتخاذل عليهم لأجلك؟
"-قُدر لنا واحداً، و مولدنا اثنان".
حاولت حين كنت أفتعل المحاولة من فراغٍ أن أخرج من وحل هذا السواد بلا خسائر، بلا ضرائب الجرم، بلا قلب ناقص، بلا نفسٍ بلا ملكية، عمر مكتمل الحياة بموته، جلدٍ محاكٍ حاكِ، يدٍ مبتورة المداد و البسط، قدمانِ مطيعتي الحكم، مولدٍ متكامل، وحدة مؤنسة، بلا حياة؛ و قد نجحت، فلحتُ و قفرتُ و نجحت غير أني فقدتُ مال الحياة بلا ثمن، بلا علم و لا كبر، بلا فهم و لا ذاكرة تذكر، بلا أدبٍ و ربية تعمر.
"-لن يلائمكْ الوداع و أنتِ مني".



 

التوقيع



أنا تلك السيدة الطفلة،
تلك البلهاء التي تنطق بما لا تريد؛ تلك البلهاء الخرساء عما تريد.






تحاور معي: 7D50F6D8

عائِشة محمد غير متصل   رد مع اقتباس