رُبمــــــا
أدركوني قَبلَ أنْ يأتي المساء
ويولّي والجَوَى ما زالَ بِكْرا
قبلَ أنْ تُغمَضَ أجفانُ الضِّياء
أدركوني بدُعاءٍ أو بِذِكرَى
قبلَ أنْ تُمطِرَ دُنيانا ظلاماً
وسُكوناً ويحولَ اللّيلُ سِترا
قبلَ أنْ تَعْشى الفراشاتُ فتغفو
فوقَ ورده أو على أكتافِ زَهره
قبل أن تذبُلَ أوراقُ الرَّجاء
ويعودَ البُرعُمُ الزَّاهِرُ جَذرا
قبل ما الوجهُ المُوشَّى بالحياء
تنطفي جَذوه وتُشعَلَ فيهِ حَسره
ويَشُلُ العجزُ أطرافَ الوفاء
في انكسارٍ ويدُبُّ اليأسُ سِرّا
أدركــــــــوني
قبل أنْ تخبوَ قناديلُ الزَّمن
وتُحيلَ الوقتَ صمتاً أسمَرا
قبل أنْ تبدأَ زَخَّاتُ الوَسَن
وتغوصُ النَّفسُ في سيلِ الكَرى
قبل أن تبدأ أركانُ البدن
تتهاوَى في سحيقٍ لا يُرَى
في مزيجٍ من خُواءٍ ودَجَن
ورويداً تختفي تلك الذُّرى
وتُسَل الرُّوح من ذاك الوَهَن
وتعودَ الذِّكرياتُ القَهقَرى
لبداياتٍ حبا فيها الشَّجَن
في وِهادٍ عُشبُها ما أزهَرا
كيفَ والذِّكرى وصالٌ وشَجَن
وخُطاها عن وِصالي قاصِره
اخرجوني من سَراديبِ الحَزَن
واتركوني في فناءِ الذَّاكِره
قبل ما الأحلامُ تسطو بالبَدن
في جيوشٍ مِن وعودٍ ماكِره
فإذا بالتّرسِ رَخوَاً والمِجَن
وإذا بالنَّصلِ قانٍ أحمَرا
سوف تُرديني بلا شكٍّ وظَن
تِلكُمُ الأضغاثُ حَتماً والفِرَى
يا لهُ من باهظٍ ذاكَ الثَّمَن
يا لويلاتِ الظّروفِ القاهِره
راسِفاً في قيدِ إطباقِ الإحَن
مُستغيثاً والمروءةُ نافِـره
أطلقوني أو ذروني للزَّمَن
رُبمــا تمتَدُّ أيدٍ طاهِـــره
ــــــــــــــــــــ
من ديواني
(نقشٌ على حواشي الخاطِره)