منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تـقَشُّـفَ .. !
الموضوع: تـقَشُّـفَ .. !
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2013, 03:27 AM   #1
نبيل الفيفي
( يسمعُهُ الله )

الصورة الرمزية نبيل الفيفي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نبيل الفيفي غير متواجد حاليا

افتراضي تـقَشُّـفَ .. !


في الغياب ؟!
أنسى وجهي في التأشيرة ، - هذا لو أهملت الندب الجديد فيه جرّاء قسوة هذه المدينة - :
أحرث الغربة ، أحطب أشجار الحنين ، أرعى أغنام ذاكرتي وحين ينتصف النهار تأتي الذئاب ، تأخذ ذكرياتي و أعود ساعة المساء وحيدًا .. و أظل مع رسائلك !
أقرأها بطريقة الـ "براين" ، وعيناي معلّقة بالفراغ كأنني أراك أمامي - ، أتحسس ملامح وجهك من خلالها .. ابتسم ! ، أتنفّس بعمق .. أوزع أصابعي على صدري .. أستنهض رائحتي ، تكبر شجرة لوز .. تُميل ثمارها إلى فمي .. اقتنص واحدةً منها ،
لا أدع مجالًا للذّتي أن تنتهي ... أقفز للسطر الذي يليه ، أجسّ كل حرف فيه ، أشم رائحتك تنظّف الهواء و تجعله قابلًا للمؤانسة ، حينها أشعر بأن روحك تخلق رويدًا رويدًا من ماء الورد و جسدك من حقول الياسمين و اسمك تشكله نسوة يخضّبن يد عروس بالحناء ..
طيفك المكتمل ينهي رسالتك .. أجلسه بجانبي و يدي تسير تارةً مسير القوافل على على خطوط يدك ..
و تارةً تكون : المساحة الفاصلة بين عطرك و مسامات جلدك ، حيث أخشى على ظاهر يديك أن يجرحها حزن كفي .
هذا الربيع المتمسك بالبرد ، المتواطئ مع الثلج يشدني من قلب التماهي ، و تـنْكأُ ذاكرتي فكرة متمردة ، خارجة على النص و علَيْ ، ثائرة على هذا الانسجام ، أوقح من لحظةٍ استمالها الحظ كيلا تنجح
: هل أنا أبني كينونةً كاملة على الورق و أعاني من تفاصيلها وحدي ، و أظل الليل بطوله قلق على قسمات وجه هذه الحياة الزرقاء لأني لم أحبك ؟ و أجازيني بهذا العذاب الأزلي ؟ أم أني أراك أجمل ما تكونين عندما لا أكون في ذاكرتك ؟ ..
ثمة يا حبيبتي عمرٌ ضائع لا أدري أين ذهب !
ذلك لأني رأيتك في منامي أصغر بكثيرٍ مما تركتُك عليه و كنت شيخًا لا يعرف من الحياة سوى-العباءات البيضاء التي يرتديها الأطباء ، و الملاءات و الأجهزة المُغطاة بمادة بلاستيكية بيضاء ... حتى رائحة العطور أشعر بخيانتها مع المرض و الحليب الذي يجيئني به هذا الغريب القريب لونه الناصع في البياض يقتل رغبتي في الحياة ، البياض يُشيب عقلي و يزيد قلبي وهنًا - .
لا تنتهي الكتابة و المساء يعبرني و عمرٌ بأكمله يستقل الليل إلى حيث لا أدري ، الشيء الوحيد الذي أعلم به هو تخلّفي عن الأغنيات وعن ظلّي الذي كان ينمو كلّ نهارٍ تحت أنظار النخيل و ابتسامة عينيك ..
أتماوج بين الغفوة و الصّحو ، لا شيء يكدّر صفو الخيالات عدا نجمة تنمّلت أصابعها و لم تتمالك نفسها ثم طاحت على رأس ديك غبي صاح فجأة و نبّهني إلى أني الشاهد الوحيد على وحدتي فأتهندم بالقدر الذي يخفي خيبتي .. أفتح الصبح و أخطو أول خطواتي على عتبته ذاكرًا اسم الله ثم اسمك و أبدأ في يومٍ شاقٍ آخر .

 

نبيل الفيفي غير متصل   رد مع اقتباس