منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - لوليتا *ذاكرة غانياتي الحزينات*بيت الجميلات النائمات
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-22-2006, 05:42 PM   #1
سعيد الدوسري
( كاتب )

افتراضي لوليتا *ذاكرة غانياتي الحزينات*بيت الجميلات النائمات


عندما كان في الثانية عشرة من عمره تعرض بطل الرواية إلى مغامرة جنسية مع إحدى بائعات الهوى ،وبعدها دخل في علاقة جنسية مع (داميانا )الفتاة التي تعمل في منزله،(كاسيلدا أرمينتا )هي أيضا كانت من ضمن 500 اسم دونها البطل في دفتر مذكراته،والتي تزوجت فيما بعد من بستاني صيني.
وبعد أن احتفل البطل بعيد ميلاده التسعين( المتخيل طبعا)،صمم على أن يحتفل بهذه المناسبة على طريقته الخاصة ليعلن أن" ليست السن هي ما بلغه أحدنا من العمر، بل ما يشعر به".





فاتصل بروسا كاباركاس،صاحبة بيت دعارة ليطلب منها أن تحضر له فتاة عذراء ،يقع هذا التسعيني في غرام الصغيرة ،فيدبج أروع المقالات في عموده اليومي عن الحب ،ويمنحها الهدايا والمال ،وأخيرا يكتب لها كل ثروته بعد وفاته.




غابرييل غارسيا ماركيز الروائي الكولمبي الحائز على جائزة نوبل لعام 1982،كتب هذه الرواية متأثرا بالأديب الياباني ( ياسوناري كاواباتا) الحائز على جائزة نوبل عام 1967،في روايته( بيت الجميلات النائمات). والتي تتحدث عن ثلاثة من المسنين اليابانيين(فوكورا،و كيغا،وإيجوشي) تعودوا النظر إلى الفتيات الجميلات وهن يغططن في نوم عميق.




بعض النقاد يرى وجه شبه كبيرا بين (ذاكرة غانياتي الحزينات)لماركيز ورواية (لوليتا) للكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف،والتي تتناول قصة حب بين رجل قي أواسط العمر يدعى (همبرت) وفتاة عمرها 13 سنة تدعى( لوليتا)، بدأ شغفه بها بعد زواجه من والدتها التي توفيت بعد زواجهما بفترة قصيرة، فيتولى همبرت الاهتمام بالفتاة. التي تهرب منه فيما بعد مع أحد الشبان ،لتتركه وحيدا على عكس (ديلغادينا ) فتاة ماركيز التي ترفض التخلي عنه.




وعلى الرغم من أن الرواية التي صدرت عن دار المدى في 103 صفحات،من القطع المتوسط، قد أثارت مشاعر القرف لدى بعض النقاد بسبب العلاقة الغريبة بين مسن وطفلة،إلا أننا ينبغي أن لا نتجاهل البون الثقافي الشاسع بين ثقافة الناقد وثقافة الكاتب،ومفهوم كل منهما للعلاقة بين الرجل والمرأة ،وأن نتعامل مع الرواية بعيدا عن كاتبها،على أساس نظرية (موت الكاتب) ،فالرواية متخيلة أساسا ،ولا وجود لشخصياتها إلا في خيال الكاتب والقارئ. أضف إلى ذلك أن الرواية ربما تحمل رموزا لم نستطع نحن فك شفرتها ،نتيجة اختلاف الثقافة ،وتسرعنا في الحكم.



فحب البطل للطفلة يحمل في طياته شغف المسن بالحياة وتعلقه بها،بدرجة تفوق تعلق الشباب بها،وتعلق الطفلة به يرمز على أن الحياة لا تبتسم إلا لمن يبتسم لها بغض النظر عن عمره الزمني.



وإذا كنا نردد أن السعادة تبدأ بعد الثلاثين عند الرجل،فإننا بعد قراءة الرواية سنضطر مرغمين إلى القول: أن السعادة تبدأ بعد التسعين،علما بأن ماركيز كتب روايته وهو في سن السبعين!



الرواية في مجملها تعلي من قيمة الحب في الحياة مقارنة بالجنس ،على الأقل بالنسبة لرجل احتفل بعيد ميلاده التسعين ،ويخاف الموت وحيدا،" افعل ما تشاء ولكن لا تضيع هذه المخلوقة، فليس هناك نكبة أسوأ من موت المرء وحيداً " ص89.

وعلى الرغم مما أثير حول الرواية بأنها معارضة هزيلة للجميلات النائمات ،أو لوليتا ،وأنها تتعارض مع حقوق الأطفال، وحقوق المرأة،وتختلف مع عاداتنا وتقاليدنا،إلا أنني لا أزال أعتقد أنها أضافت بعدا جديدا على مفهوم الحب العذري الذي لا يشتمل على أي مصالح جنسية،وعلى مفهوم حب الحياة والتعلق بها رغم المرض والألم والوحدة،وهذا المفهوم لا نجده في ثقافتنا الشرقية التي يشيخ فيها الإنسان- سواء أكان ذكرا أم أنثى-وهو في عنفوان شبابه،ويحكم عليه المجتمع بالموت الاجتماعي مبكرا.
صالح العسكري

 

سعيد الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس