نورة وسالم.............................(قصة حب قصيرة)

[سعيد الدوسري]

تجلس،تشعل سيجارة ،تمتصها برتابة ،تحاول أن تتذكر متى بدأت التدخين ،
تعجز ذاكرتك المشوشة من السهر عن التذكر ،تتذكر الحلم الذي رأيته ليلة البارحة ،تبتسم ببلادة ..

رأيت فتيات يرتدين الزي العسكري ،ويتدربن معك في الميدان،تتمنى أن يتحقق
حلمك ،تهز رأسك لليمين واليسار بقوة.. وكأنك تطرد هذه الفكرة الغريبة من رأسك!
- ماذا سيقول الضابط: يا عسكري أو يا عسكرية؟
تبتسم.







،تتذكر كلام أختك منيرة عندما كانت تحمل أختك الصغيرة هيلة ،تقول: حين تدخل هيلة
المدرسة ستكون في المدرسة حصة للعب الكرة مثل الأولاد!
يا الله...الآن هيلة تحمل طفلها الرابع في بطنها ،والثالث على يدها ،والبنتان الصغيرتان
يتعلقان بعباءتها حين تسير ،تبتسم لهذه الفكرة ،وهذا الطموح الذي
أبدته منيرة رغم أنها لم تدرس سوى المرحلة الابتدائية!
تتذكر أول الأيام لك في دورة الجنود العسكرية ،وكيف كنت تفكر كل
يوم بالهرب بملابسك ،بالقايش والبسطار الثقيل ،ورائحة العرق ،
وآلام الشد العضلي كل يوم!





كنت كلما عزمت على الهرب تنام قبل أن تنفذ الفكرة من شدة التعب!
تتذكر كيف حصلت على الشهادة المتوسطة بتفوق ،لتتجه للعسكرية بحثا
عن المال ،الذي لا تعلم أين يذهب؟
تتذكر كيف كنت تنام على ظهرك بعد أن تلف نفسك جيدا بالغطاء ،خوفا من
أن يحدث لك ما تسمع أنه يحدث لآخرين ،وكيف أنك تستيقظ ،وأنت
على نفس الوضعية!






- اللي ينام على بطنه لا يلوم إلا نفسه!! هكذا قالوا لك في أول أيام الدورة.
رائحة مقرفة تملأ المكان ،تلتفت يمينا،تتساءل: من وضع رواية
أنا كارنينا في هذا المكان؟
تتذكر حين صادر أحد الأفراد عليك رواية الأم ،بدعوى أنها رواية شيوعية!
تبصق على خياله أمامك ،وتلعنه!




تتمنى لو لم يمت والدك حتى تستطيع الحصول على الشهادة الجامعية.
ماذا لو لم يسافر والدي في تلك السيارة؟
ماذا لو كانت السيارة تسير ببطْ؟
تتذكر جدلية المصادفة والضرورة المادية.
تسلم بالقدر أخيرا!


تشعر بألم في خاصرتك ،ولا تدري ما سببه ،الجوع ربما!
التدخين ،ربما!تتذكر ما قاله لك أحد الأطباء حين سألك عن
عدد السجائر التي تدخنها يوميا:
- انت عايز تموت يا ابني؟؟دا مش بسكوت!!
- تمط شفتيك استهزاء به!
ما الفرق بين الحياة والموت؟وهل تسمي هذه حياة؟التدخين
انتحار بطيء ،أعرف ذلك..ليته كان أسرع قليلا !






تتراجع عن التنفيذ ،كلما راودتك فكرة الانتحار.
تتذكر نورة ابنة عمك ،تتذكر كيف رفض عمك فكرة الخطوبة
حتى تستطيع توفير المهر،تلعنه عدة مرات ،تمنيت في ذلك اليوم أن تخنقه!
تتذكر كيف كان يردد أمام والدك حين يأتي محتاجا للمال:
نورة لسالم ،وسالم لنورة...






وكيف كان يأتي ذليلا كالكلب حين يريد أن تسافر به إلى الرياض
لمراجعة الأمارة ،فتنطلق به بسيارتك التي اشتريتها بالتقسيط
،وأنت تسأله عن نورة ،وتتخيل أنها هي التي تركب معك في السيارة.
الآن نورة لديها ثلاثة أبناء ذكور.....لقد باعها عمك لمن يدفع أكثر!
المرأة مجرد سلعة ... تعطى لمن يدفع أكثر..هكذا يفكر عمك!






تشعر برغبة في التقيؤ ،تحاول أن تتذكر متى كانت آخر وجبة أكلتها،لا تتذكر!
تقوم ، ترتدي ملابسك ،تشد حزامك جيدا ، تشد حبل السيفون بآلية
،يندفع الماء بقوة فيلوث حذاءك العسكري،تخرج من الحمام وتترك
النور مضاء ..لأنك قرأت يوما أنه عندما تضاء الأنوار ..........لا تخرج الصراصير!!
سعيد الدوسري
Salam2602@hotmail.com

 

[قايـد الحربي]

سعيد الدوسري
ــــــــــــــــ
* * *

مفتونٌ بمقدرتك القصصيّة ولن أبالغ إنْ قلت الروائيّة
ومثلك من يعي جيداً هذا الفنُّ العظيم ويكبته بحرفيّةٍ
عاليةٍ حدّ السماء .

ما أجمل هذه القصّة القصيرة حجماً واللانهائيّة شعوراً
كل الشكر لك
ولعودتك سالماً ، ألفُ تحيّة .

 

[العـنود ناصر بن حميد]

رائع

تحياتي

 

[سلطان ربيع]

العزيز / سعيد
إختصرت ماقد عجز عن إختصاره روائيون

لك التقدير
ودمت بخير