منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - دوائر - رواية -
الموضوع: دوائر - رواية -
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2013, 04:43 AM   #4
علي آل علي
( كاتب )

الصورة الرمزية علي آل علي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 22

علي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعة

افتراضي إلى القدر المحتوم


إلى القدر المحتوم

بعد الاستيقاظ ذهبت إلى ذلك الشيخ ، وجدته على حصير جالساً بهدوء تام لا يحرك ساكناً ، تأملته قليلاً قبل أن أحدثه ، أمعنت في ذلك ملياً وإذ به يقول لي : أهلاً بك يا بني
فسلمت عليه ثم أردف قائلًا :
أهلًا بك . أنمت جيداً ؟
نعم وهذه المرة لم أكن كما كنت في ما مضى
ولماذا ؟
لأنني أعلم بأن هناك إجابة سأجدها عندك لكل استفسار لدي !
يتنهد الشيخ قليلاً ويقول : بدأت طريقك الآن فإن ما أنت فيه ليس انتقالا لزمان من الأزمان أو لمكان ما إنما شيء آخر وبعد أخر انتقلت إليه عبر مدار روحي بلا إرادة منك .
دهشت وتعجبت لما سمعت !
قلت على الفور : هذه محض خرافات لا أصل لها !
بدأ الشيخ بالضحك
وأسرد القول لقد كنت متيقناً بأنك لن تعي هذا، لذلك لم أعجل بتفهيمك هذا البارحة
ولكنك سوف تُسّلم لهذا فيما بعد شئت أم أبيت

أي بني ما أنت فيه لا يصل إليه إلا ندرة الندرة من النخبة ممن سيكون لهم شأناً يوما ما
أي بني لن تعي هذا الآن فبعد أن تنتهي رحلتك هنا ستدرك ما أقول جيداً

إن ما أنت فيه وحيٌ من نوع أخر وحيٌ روحي ينتشلك من ظلمات الضياع والتهلكة ينتشلك من براثين الجهل والظلم ينتشلك من شيخوخة هرمة في دنيا ليعود بك إلى فطرة إلهية سليمة

إن ما أنت فيه عالمٌ لا تدرك فيه من أنت ولما أنت هنا وبخلاصة أقول لك فيها ( لقد مسحت ذاكرتك تماما ) ولم يبقَ إلا الفهم والإدراك والقلم وما تتكلم به لكي تساعدك على الخروج من هذا العالم.

هنا لا يومٌ يحسب ولا ساعة تتقدم إنما تعاقب ليل ونهار بلا حساب وبلا رقابة
وكل المدة التي ستعيشها هنا مهما طالت ومهما كانت ستكون كلمح البصر من حسابات الدنيا
هنا الأعمار تقف فلا تكبر على ما أنت عليه ولا تهرم ستبقى هكذا إلى أن تغادر هذه البقاع

هنا تقلبت أفكاري أحسست بدوار شديد وإذ بي أقع على الأرض وقد غبت عن الوعي تماماً
فاستيقظت
حزيناً ، أليماً !

أصابني خوفٌ شديد
أمعنت التفكير طويلاً
وسرت إلى الشيخ
- ها أنا بين يديك
- أوعيت
- نعم وعيت جيدا
- وما بال علامات الدهشة والفضول على وجنتيك
- إنها الهمة أيها الشيخ
- تعال معي إذن إلى تلك الحافة
- هيا بنا
- أنظر الآن ماذا ترى
- ما هذا هذه الأرض وذلك القمر وتلك هي الشمس
- نعم وما أنت فيه الآن مكان هادئ لا صخب فيه ولا بذخ
هنا ستتعلم وتعمر عقلك وفكرك وروحك
هذا المكان له رواده عبر الزمان
أولئك النخبة على تلك الأرض
هنا قاموا برحلة المدارات المجهولة
وتمكنوا من سلك مدار الرجعة
- يا إلهي أحقيق ذلك ، وماذا بعد أيها الشيخ
- تعال معي إلى تلك الحفرة
- هيا بنا
- أنظر جيداً وتمعن
- ما هذا الزخم من أولئك ومالهم يصرخون ويهرعون في دوائر وما بال ثيابهم الرثة
- هؤلاء من فشلوا في المدارات فضاعوا هنا وأصبحوا كالمجانين هؤلاء لم يتمكنوا من عبور مدار الرجعة
فهلكوا هنا إلى الأبد

- بدأت أرتاب بعض الشيء ...
برهة كنت ذا أمل ولبرهة تمكن مني الألم
أذعنت بالطاعة لهذا الشيخ
وأذعنت للتقدم فلا أريد أن يكون مصيري مثل هؤلاء

لماذا لا أكون لماذا لا ألاعب هذا الكون
لماذا لا أضع له ميزاباً فتصب نجومه في المتون
وأتصفحُ وأختار من أكون.

عدت مع ذلك الشيخ إلى ذلك السكون
تأمل في تأمل
صرت أهوى التأمل
فهو طريقي إلى الأخيلة الشاسعة
فهو إلهامي الذي به سأكون
هذه قدراتي التي وهبني الله إياها

ستكون عنواناً لكل ما هو سامي في هذا الكون

هذه بداية لكل ما سأكون
فهل أكون يا ترى ستكون

ناداني الشيخ
- أمستعد أنت ؟
- - نعم مستعد
- إذن تعال معي
-- إلى أين ؟
- إلى ذلك الغار
-- وماذا فيه ؟
- تعال معي وستعرف
-- هيا بنا
انطلقنا إلى ذلك الغار
وإذ بداخله تلك الأبواب
حينها أشار الشيخ بعصاه إلى أحدها وقال أفتح هذا الباب
وبعد ما تدخل فيه أغلقه عليك وحاول أن تنام
وستجد نفسك بعد أن تستيقظ في عصر من العصور
أعلم ما فيه وتعرف على ناس هناك
فبعد أن تنتهي ستعود إلى هنا وعلى نفس الناقة ستكون
حينها لن تمسح ذاكرتك بل ستعي ما ذهبت إليه وتعود إلي
وسأناقشك عن ماهية رحلتك تلك

فتحت الباب وأغلقته علي كما قال لي الشيخ تماماً
وجدت نفسي في ظلام حالك لا أرى حتى نفسي فيه
حاولت النوم فنمت


كان النوم عميقاً
راودني حلمٌ فيه
كان الشيخ يتمتم في ذلك المنام
بتلك التمتمة العجيبة
وضحت لي بعض منها
ستعود صغيراً ، ستعود صغيراً
إلى ذلك الزمن الأليم حيث ستكون وحيداً
إلى أحضان أم حزينة
عاشت أليمة لكنها رشيدة
تشبثت بحياة شائكة
لكي تكون سعيداً
عش في تلك الأيام وأقبض عليها مزيداً
لكي تكون أو لا تكون
لكي تعي معاني كثيرة
لكن حذارِ من الغرق حذارِ من الضياع في ذلك المدار
ستعود صغيراً ، ستعود صغيراً
فعدت للنوم عميقاً
وذهبت عني الأحلام وتلك التمتمة
فطال النوم لرحلة مجهولة لا أعلم عنها شيئاً



يتبع ....

 

علي آل علي غير متصل   رد مع اقتباس