مثلكم، جميعًا، يا أ. محمود،
أنا عبد الله، ابن النُّور...
لكنَّني رجل ظلٍّ، يُحبُّ العزلة، ويتجنَّبُ الضُّوء،
وأنا ابن "الضَّادِ" السَّاحرةِ الآسرةِ،
ابن العربيَّة الخالدة،
أحاولُ، مذ وقعتُ في حبِّها، أنْ أتعلَّمها، وأنْ أتعلَّمَ منها، وما زلتُ...
من حجازِ الخيرِ امتدتْ بي جذوري، حتَّى نبتتْ في شامِ البركة نخلتي، بين التِّين والزَّيتون.
أَنَا الْأَعْمَى، وَذَاكِرَتِي مُكَعَّبَةٌ، أَشُمُّ رَائِحَةَ الْأَلْوَانِ، وَأَرَىْ مَلَامِحَ النُّوْرِ فِي وَجْهِ الظِّلَالِ، وَأَعِي، جَيِّدًا، مَا لَا يُقَالُ، وَأَقْرَأُ مَا لَا يُكْتَبُ، وَأَسْمَعُ الصَّمْتَ، وَأَلْمِسُ الصَّدَىْ، وَأَتَذَوَّقُ رَحَابَةَ الْمَدَىْ وَحِيْرَةَ الْخُطَى، وَأَتَخَيَّلُ شَكْلَ الظَّلَامِ فِيْ الظَّلَامِ وَشَكْلَهُ حِيْنَ يَنَامُ، أُضِيءُ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَسْنِي شَوْقٌ، وَبِالشَّكِّ أَنْطَفِئُ، لَكِنَّنِي لَا أُعْتِمُ وَلَا أُظْلِمُ...