منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ساديَّةُ ذاكِرَة .
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-2011, 06:12 PM   #1
نبيل الفيفي
( يسمعُهُ الله )

الصورة الرمزية نبيل الفيفي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

نبيل الفيفي غير متواجد حاليا

افتراضي ساديَّةُ ذاكِرَة .


لمْ أكُن يوماً دونَ أرجُل , و لَم يبتدِئنِ الرّصيف و أنا حزين .. و لم ينتهينِ و أنا ألهَث ! .. لم أكُن يوماً فاقِداً لأهليّة الحُلمِ و أنا أنضُجُ تحتَ الشّمس , و ما عبرتني نجمَةٌ و أنا أسألُها عنِ الرّاحلين ! , لم أُدهَسْ بحصانِ الرّيح و أنا أبحثُ في عربتِه عنِ وجوهٍ غرَبَتْ ! , و ما أعرتُ الانتظار بالاً و لا حايلتُ زنبقةً عنِ النّوم ! , لَمْ تنطِفئ حُنجرُتي وسطَ النّشازِ المُخيف ! .. و لَم تغفُ عَيني عن مُلاحقةِ خِرافي خشيَةَ لصٍ يفجعني بواحدةٍ منها تحتَ جُنحِ اللّيْل! , لم أتنكّر لِشجرَةٍ أوَتْ ظلّي يومَ لا ظِلاً إلاّ ظلّي ! ..
كنتُ في هُدنَةٍ مع ذاكِرتي و التي طالما خِفتُ مِن أن تفتحَ أحدَ أبوابها في وجهِ الشّمس و أموت وحدي , كنتُ في هُدنَةٍ معَ مدفئتي .. أحطبُ لها مِن الأملِ ما يُسكِتها عن الثّرثرة و يُدفئُني ! لَم أبتكِر مِن الأغاني إلاّ ما يُساقِطُكِ لي ظَمأً, و لقلبي .. و لشوارعي و أرصفتي التي تتكاثَرُ وما استهديتُ إلى الآن كَيْفَ أوقفُ تناسلها فيّ ! بعدَكِ تمنّيتُ لو أنّهُ كانَ بمقدوري أن تُناصفي جسدي لنبدأَ السّيرَ معاً , لنشربَ معاً , لنسبقَ الصّباح و نخطُفَ مِن يدِهِ رغيفاً ساخِناً , و نستحلِبَ مِن سمائِهِ ماءً تُروي عطشنا , ذلِكَ العطَش الذي شرّدني و أنا أسافِرُ مّني إلَيْكِ بحثاً عَن واحَة , شرّدني منكِ إلَيْ و أنا أبحثُ عن ضفيرةٍ يرجَعُ نسبَها إلى اللّيْل إلى اللّيْلِ الأبيض , إلى اللّيْلِ الودود .. إلَيْكِ !
بعدَكِ يا صغيرتي ! فتّشتُ في ذاكِرتي عن قطرةِ دمٍ واحِدَة تُدينُكِ .. تُدينُ ساديّتكِ .. تُدينُ هذا الغيابِ المُجرِم , هذا : اللّص .. و كلّ محاولاتي ترتدُّ إليّ فشلاً ذريعاً .. فشلاً أستحي بالمُجاهرةِ بِهِ أمامَ نفسي , و أمامَ مرآتي ! ما إن غبتِ أخذَ كُلّ شيءٍ فيّ بالانسحاب شيئاً فشيئاً و كأنّها عمليّةٌ خطّطتِ لها و تواطأت أشيائي معكِ و خُلِّفتُ كأيِّ قطعةٍ كانَ لها تأريخٌ و مولِدْ أصبحت أثريّة تدلُّ على قوةٍ خفيّة أحالتها إلى ما هيَ علَيْه و أنتِ من تعلمينَ أنّي أكرهُ الآثار , و تلكَ الوجوهِ التي تنظُرُ لـ اللاشَيء ..
لذا أكرهني الآن جداً , جداً .

























رُبمـا !

 

نبيل الفيفي غير متصل   رد مع اقتباس