منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - وَرقَة مَبلّلة بـِ نَدى .. !
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-19-2008, 07:12 PM   #1
م.ماجد محمد
( ذُوق بنكهَة خاصَة )

الصورة الرمزية م.ماجد محمد

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

م.ماجد محمد غير متواجد حاليا

Post وَرقَة مَبلّلة بـِ نَدى .. !



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

من السهل علينا صنع كوب قهوة ، فحواه بُن مشاعرنا ، وبه قطعاً من سُكر احاسيسنا التي نقلبها بملعقة حياتنا ..

كوب محفوف بدخانٍ دافئ ، وصحيفتي اليومية التي اهوى قراءتها ، وأنغام موسيقى شاعرية كانت تلتحف الأجواء ..

أحادث الـ أنا سراً ، ممسكاً بتلكَ الملعقة الذهبية ومقلباً لسكرٍ بدأ بالذوبان في قهوتي ، اقرأ عناوين الصحيفة بإقتدار ، منتقلاً ببصري إلى تفاصيل عنوانٍ مثير رغم أن المحتوى تّفرغ من الإثارة ..

بدأت حينها بـ لملمة اوراقي ، منغمساً بمرافئ ذكرياتٍ كانت ومازالت من أجمل ماعشته يوماً ، تّشكلت في جعبتي كـ سكراتٍ مؤلمة ، أسوارها احتوت على أشواك البرشومي ، ذلك الذي كانت تستلذ به جدتي كثيراً ..

اتضور جوعاً ، وليس في حوزتي سوى كوب قهوة و قطع من السكر قد ماتت مغموسة ، وأنا مازلت أتذكر لحظاتي التي صاحبت ذلك العنوان المثير ذو التفاصيل الباهتة ، لماذا تصحبنا اللحظات القديمة الى منازلٍ لم نزرها من قبل ؟ ولماذا كلما نحاول الهرب نجد أنفسنا تعود من حيث هربت ؟

كنت أقول لنفسي دائماً ، لماذا نشرب القهوة بوضعٍ ساخن ونشرب الماء زلالاً بارد لكي نستلذ بهما ؟

اختلفت طرق اللذة بإختلاف الشراب ووضعيته ، وإن قمنا بتبديل الأدوار
ولو لـِ لَحظاتٍ قليلة ، لوجدنا بأن الكأس سيصاب بلعنة الوحدة ، حيث لا أحد يود شربه ولا حتى التفكير بتغيير وضعيته لكي يستصيغه ..

وجدت توقيعاً فوق مكتبي وبجواره وردة قد ذبلت ، سحبت ذلك التوقيع بهدوء شديد ، وبتلك الوضعية بدأ فتات الورد بالتناثر ..
أرجوه كثيراً بأن يبقى ، بأن لا يرحل بفتاتٍ تافه يمتزج ذرات الهواء فيختفي أبد الدهر وإن شاء محبيه ..

حاولت مصالحة الوردة فـ بدأت يداي بتحريك الورقة وإعادتها إلى ماكانت عليه سابقاً ، بدأت الضحكة ترتسم شفتيّ ظناً مني بأنها قد رضت عني ..

ولكن .... !

تناثرت تماماً ولم يبقى من معالمها شيء ، ارتشفت حينها رشفةً من ذلك الكوب وهو بقمة سخونته غضباً ، بدأت شفتيّ بالإحمرار وبدأت بـِ عّضها ندماً ..

حاولت الإسراع لقراءة الورقة المختومة بذلك التوقيع ، فوجدت حروفاً قد لا تُفهم من الوهلة الاولى لقراءتها ، بها الكثير من التشابك الذي يخدع البصر وكأن كاتبها لا ينوي ايصال الفكرة بسهولة ..

ولحُسن حظي استَطعت الآن قراءة كلمة تكونت من أربعة أحرف ، لم يتواجد المعنى لها في قواميسي يوماً ، بل حاولت قراءتها بأكثر من إتجاه لعّلي قد أجد سراً قد اختبئ خلفها ..

كانت الكلمة تُقارب هيكلة اسمي ، أتت بوزن فاعل ، وتّمت كتابتها بخطٍ عامودي على غرار تلك الرسالة التي كانت تحوي صورة كرزةٍ خلفيةً لها ..

لم أجزم إلى الآن بأنني المقصود ، وبدأت بإرتشاف القهوة على مهل ، رغم أن الألم قد اجتَاح شفتيّ ، وبدأت بالتمعن بالورقة مرةً اخرى ..

فـجأة ... !

بَدأت أعصاب يديّ بالإرتجاف ، وبدأت خلايا عقلي بالإستشعار كاملةً ، وبدأت بتذكر حروفٍ قد تُليت عليّ يوماً ..


بعض الهدايا .. لن نعرف قيمتها إلا اذا ذبلت

تَضاربت حِبَال أفكَاري ، وبدأت خيوط شبكتي بالتوجه لمرسلٍ واحد كان بالحسبان حينها ، كان يضع في التوقيع رمزاً صغيراً ، يميل بشكله إلى فراشةٍ منزوعة الجناحين ، وتوقيعٍ أشبّه بطفلٍ عابث لا يجيد كتابة اسمه ..

هل يُعقل بأن المُرسل تّعمد إرسال رسالتهِ ..
بوقتٍ سيعلم بأني لن أنظر لها إلا بعدما أن تذبل الوردة المرافقة لها ؟

رفعت كوب قهوتي بهدوء وعُدت للشرب بـ عمق ، كـ عمق تلك الأسئلة التي بدأت تتضارب في رأسي ، و معدل نبضات القلب الذي بدأ بالتزايد وكأني امتطي ارجوحةً تدور حول محورها بسرعة 120 كم في الساعة ..

الأسئلة تتزايد ، وكوب القهوة شارف على الإنتهاء ، والساعة تشير الآن الى السادسة توتراً وخمساً وعشرين ترقباً ..

اصبح مذاق القهوة مُحلى بالسكر الذي سكن قعرها ، حيث بدأت بالبرود كما هي الأجواء من حولي ، وارتشفتها رشفةً كاملة لأضع جميع مكوناتها تحت رحمة حاسة التذوق لديّ ..
لا شَيئ الآن .. سِوى كوبٍ فارغ وشفتين اكتست أحمر التوت و فتات وردٍ انكفئ على عاقبيه ، وصحيفة حملت تاريخ الأمس وكنت اقرأها بيومٍ قد بردت به !

قد أعانق كوباً آخر ، بإعتناق صحيفةٍ بها عناوين مثيرة وتفاصيل أكثر إثارة بعالمٍ أصبح بغالب أمره خَاوياً من كوب قهوةٍ مارس الصدق مع ما يحتويه !


ذاتَ مسَاءٍ سَحيق .. عنوَان ليلَتهِ تلكَ الصَحيفَة !


 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

م.ماجد محمد غير متصل   رد مع اقتباس