منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أرض السراب
الموضوع: أرض السراب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2012, 02:41 AM   #1
علي آل علي
( كاتب )

الصورة الرمزية علي آل علي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 22

علي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعةعلي آل علي واحد الرائعة

افتراضي أرض السراب


في رحلتي البريّة ، وجدتُ مرتعًا لتأملاتي ، وجدت فلكًا لآمالي ، حيث سأذهب ، إلى تلك المدينة ، سأقرأ هناك قدرًا أخر ، لم يعلم ما فيه بعد ، سوى أنني أدركتُ بأنّ هناك أمرًا في باحة الانتظار ، ينتظرني بكل شغف ، أن أنقله من محطة السفر ، إلى بلاد العرب ، حيث العربية الفصحى ، وحيث المقفى ، وما ينداح من نثر حر .
تساءلتُ قبل أن أسافر ، ما هي تلك البوّابات التي ستفتح لي بعد كل كيلو متر واحد أجتازهُ لكي أقلّص المسافة ، من موطن رحيلي ، إلى مقرّ إقامتي ، وحين الولوج لعالم التأمل ، وجدت الحياة في مصارعها ، أجتاز الأيام والشهور والأعوام ، وما مرَّ عليَّ من أقدار ؛ حتى قارنتُ رحلتي هذه بهذا العمر الذي عاصرتُهُ بكلِّ ما فيه ، فكانت المقارنة ناجحة بإتقان .
بدأتُ البحث عن رفيق درب يأخذني بحديثه عن حياته ، كي يسلّي الفؤاد ، ويبحر بي عبر محيط قد أذن لي فيه فرد الأشرعة ، لأكون ربّان هذه الرحلة ، وجدتُ أحدهم يشير إلي بيده ، فتوقفت له سائلًا إياهُ أين الوجهة ، قال لي هناك حيث الأهل والأحبّة ، إنّها بلدة المقصد التي إليها أسافر ، هيا معي إذن ، وحدثني ذلك الحديث الآسر ، والفاتن .
بدأ يحدثني حديث الراحل ، والذي حمله أن يحمل معه ذلك الرحل المجهول ما فيه ، ليخرج كل صبيحة ساعة شكلًا أخر من أشكال الحياة ، إنّها إحدى المساوئ التي ذرفتها دمعته ، أنا أبحث عن معيشة ما ، تنتشلني من حالة الفقراء ، إلى حالة أرستقراطية سمينة ، إنّها أهداف ثمينة ، يتقن سرد وسائلها الفاشلة والذريعة ؛ حتى انتهى فصلهُ هذا إلى سراب قد غرق فيه فلم يجد ذلك المنقذ .
فصل جديد آثر أن يجتاحه كنههُ المعاصر ، تلك امرأة القرية ، والتي غازلها حبًّا وهيامًّا ، أسرد في ذلك حتى بكى لأنّه فتح صندوقه الثمين ، يخرج صك الخطوبة والذي أحتفظ به لتلك اللحظة ، ليختمه من عند القاضي ، وتوقع عليه أسرة عشيقته ، فكان الختم ختمًا ساخر ، وتوقيع الأسرة بأننا لا نوافق ، فتبدلّت حياته إلى مماته ، ليسير على الجهة المعاكسة من أرضه ، والتي كان يسير على ظهرها سابقًا .
توالت أحاديث ذلك المسافر ، فتأثرتُ به ذلك التأثر ، فشرد الذهن إلى ذلك التقهقر ، والأسى ، والتحسّر ، فاستيقظ ألمي من سباته الطويل ، يمشي إليَّ وهو مغطى بكفنِ الموتى ، أسمعُ صوتهُ كعواء الليل الظالم الحالك ، لست على تلك الأرض ، أنا في حاضرة البؤس ، طريد الواقع ، لاجئ إلى الخيال الحائر ، والذي لا يجد موطنًا أو مأوى ينزوي إليه .
وجدتُ هيئتي على أرض المعركة ، وأصوات الرصاص ، وطلقات المدافع ، وانفجارات في كل الأرجاء ، وتلك النسوة يبكين أطفالهن ، وأولئك اليتامى والأيامى ، ما هذا ؟ وما أنا فيه ؟ لينادي صوت من ورائي ، قم أيها الجندي ، أحمل سلاحك ، فلقد نجوت بأعجوبة من لغمٍ انفجر بالقرب منك ، حينها هبطت الذاكرة من السماء ، لترتطم فيَّ فعلمت أنّ هذا هو الواقع ، وما قد سبق أضغاث أحلام ، تحاول أن تقلق ذاتي الهالكة ، فيصرعني الموت بلا أي هوادة تذكر .

- 8 / 12 / 2012 م
- علي بن مجدوع آل علي

 

علي آل علي غير متصل   رد مع اقتباس