منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ أبْعَادُ إبْدَاعِهِمْ : نـــثـــراً ..( 1 ) ]
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2009, 03:40 PM   #4
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي


الكاتب : عبدالاله الأنصاري ... [ من مذكرة مشنوقة في البعيد ]
وحضور سردي رائع وجميل ، ومن بؤرة كاميرا رؤيته السردية يهدينا صورا في غاية الدقة والإبداع ، جاعل من صيغة الخطاب الموجه إليه قبسات من تذكير ، لماضي يجتر حاضر ومشتعلا بالنذير ، عبر مشهدا سرديا مكتنز بالمفارقات الجميلة ، المنفتحة على عالمه السردي وبلا حدود ، ومن حقول إبداعه أختار لكم :
"لا أملك أن أهديك النور قلادة تضيء لك دروبك المعتمة ،
دوني ودونك جذع المكان وأحداق تصب الحيرة في قلب الغشاوة الطافحة بين يدينا ،
ما علموك كيف تكسر الرهبة الممشوق قوامها بين كتفيك "
" ،
آه لو تعود الأيام قليلا أو كثيرا ؛
لنحرتُ غيمتك السوداء وأبدلتُها سلسبيلا ترتوي له عروق نبضك مائة عقدٍ أو يزيدون."
آلاف الرقاع شربتَها ، ومئات الخُطَبِ رتلتها ، وما تزال تحثو التراب فوق رأسك وكأنك أشعث أقفر بجهله لم يقوَ على قطع أشبارٍ من الفلاة التي يهيم أوسطها..!
العالم يسير من حولك ، وأنت. . أنت ، بلا خدينة ولا عضد ابن ترتكز عليه في محنتك !
" الذين تنبؤا لك بأنك سوف تحاذي الثريا ؛ أوهموك حتى لا تناكفهم أو تعري خيبة أحمقهم ، ما كانوا يعلمون بأنك مسكون بعجزك،
تحتفل ببقايا وُريقة كنت تبزها كلما انكفأت على نفسك في خلوة منهم لتعزي نفسك فيك خشية أن يلمحوا منك لؤلؤة سوداء تحمل بقايا مجد كنت تؤمِّله ، لتلقي به تحت أقدام الرعاة ! "

* * *
الكاتبة : السديم... [لاهثٌ يغفو قليلاً ..]
السديم وحضور مبلل بالذاكرة عتيقة ، وفقد قيد من سديم ، ناقلة لنا تفاصليها المتواترة وبرؤية متوترة عبر تفاصيل متكئة على مفارقات سردية جميلة ، فأتى هذا المشهدالسردي على شكل التقاطات داخلية لعالم خارجي تربطها بخيط دقيق لحالة شعورية متشظية ، ونلاحظ أنها أزعت الندى هنا مرتين (يا مكاناً دافئاً / يا ظلاً أمام عتبةِ الباب ) فكانت الأنسنة هنا بديلا عاطفيا لفقد ممتد عبر فضاءات الذات ، وتفريغا لذات أنهكها الوجع ، وحقيقة النص يزخر بالكثير من الإضاءات الفنية الرائعة التي تنبئ عن نضج تجربة السديم السردية وهنا بعض من الإضاءات التي تركتها لنا :
"تحسس ذلك السَواد دَاخل حواءٍ غوتَها تُفاحة فَـ أسرعت تخلطُ ألوان الحيَاة على ظهرِ طيرٍ قَد تم بتر أجنحته .. تنتهُز فُرصة أن تعيش معك في سماءٍ سَابعة تُقاسم الخير و المُلك و الإجلال .. "
" حتى إذا خُلع القَميص و كُشف ما كان عارياً تَسارع إلى أوراقٍ ماتت منذُ زمن ..بئساً لِـ حواسنا و عَجزنَا عن دمع كَدس مستعمرات داخل رأسٍ فَـ أصيب بِـ زفيرٍ ألتبس صَوتهُ مع خيالٍ يتكئ على بابِ السَهر يَحرسُ الحُب من رغبةِ السهام فَـ إذا نُزع الثمر قبل نُضوجهِ شوهـ النهَاية بِـ محضِ إرادة النُعاس و لذة ذات الاقتناص .."
" يا مكاناً دافئاً أين أضعُ كنزتيّ الفيروزيّة تلك التيّ أهدانيّ إياها "
"يا ظلاً أمام عتبةِ الباب لعلك تحاول أن تعرج ولو قليلاً إلى حريّةٍ لم يتذوقها القيّد و يبنيّ فيها الحديث كلاماً غير ما أراد .. "
" مازلتُ أٌغلغلُ عُنقيّ بِـ جهلٍ أخفيتهُ عن رغبةٍ تُبددُ التُوقع لِـ اليوم و لِـ الغد حتى أن أرجليّ أصبحت جُذوراً تُحاول أن تمتص ماء الأرض لِـ ألاّ أقتلع فَـ أستنفر و ألحقُ بِـ الطين بِـ إرادتيّ .. "

* * *
الكاتبة : زُمُرّدة ...[ تَنَهُّدَات ]
استطاعت الكاتبة زمردة توصيل المشهد السردي إلى المتلقي بأقصر طريقة ممكنة من خلال الإيجاز والتكثيف والترميز
ونلاحظ أن العنوان كلمة واحدة تنقلنا مباشرة إلالمضمون الذي تريد إيصاله ( تنهدات ) ، فأتت تلك الاسقطات برؤى عميقة الدلالة شديدة التماسك منحرفة بلغتها ومرتبة بندلاقها ، مستثمرة تقنيات اللغة وآلياتها وإمكانياتها ،
متكئة على الأشكال اللغوية والصور الفنية والرموز بزخم ثقافي يجسد الوضيفة المعرفية والذهني،
لتتجاوز مستوى الإخبار والأسلوب التقريري إلى منجز سردي زاخر بالانحراف والدلالات والتركيب الجميلة ومن تلك الإضاءات :
"أتساءل أعداداً ! كيفَ لم تَخِرْ بعد من احتضانِ كل تلك الأجساد .. وجوهها , ألقابها , قسماتُ أشخاصها الأبيضَ أسْوَد ..
أم أكوام الفراغ التي أُتْخِمَت بها مَخيلتي العَلِيلة .. كان آخرها سَيّدُ الرّيح الذي حَمَلني على كَتِفِه ذات حُلُم .. حتّى أنني شَرَعْتُ بِ قُبْلةٍ عَلَيْه أو شَعَرْتُها منْه !
أم تُراها أُحْجيَة من أحاجي سَيّدتي الهَرِمَة !"
" دَعَيْني ألتصقُ بكِ يا لوحةً علّقتها بـِ مُنْتَصَفِ الجَسَدِ الرابع ل حُجْرَتِي الخَيْرُ شاهِدة على سِرّ يُنْبُوعِ تلك القطرةِ المَالِحَة التي اسْتُنْزِفَت مَرَّةً كثيرة "
" تأمّلتُ أحدها تدفعها رياحٌ من صَوْبِ الشمس .. لكِنّها قَيْلَولة غَيْمَة أغسطستلاشَتْ حَيْثُ رَفَّ جَفْني .."
" فاستَمْطَرتُ _ وَ الخَيْبَةُ تَخْنِقُ أمَلي _ مَطَراً مالِحاً لا يَنضَب مِن غَيْمَتينِ لا يُفارِقان هامَتي ..
عَسَى بِذلك أن أُرَطِّبَ لَيْلِيَ المُقْفِر ."

* * *
الكاتبة وَرْد عسيري ... [ ×| .. وَحْدِي .." ]
عندما يكن الحب من طرف واحد حتما سيقط شيء في الذات لايقاس إلى باحساس الوحده ، تقول في استهلال المشهد السردي (أحْتِدَمَ الحُزنْ بِينِي وَ بَينَك .. ) كردة فعل طبيعية لغياب كافر لم يؤمن أن الحب يستوجب الوفاء كركن من الركانه الأساسية ، ونلاحظ كيف اختصرت الكاتبة ورد الكثير من العبارات والجمل عبر لغتها المكثفة الموجزة دافعة الدلالة لأقصى احتمالاتها عبر تقنية سرد عالية ، متمكنة من أدوتها وأساليبها البلاغية للوصل لمنجز سردي شديد التماسك جديد الرؤى ، واقتطف لكم بعظا من مسارب ضوءها :
و" َ حَدّقتْ عَيْنُ الحَيَاةِ عَلَينَا .. وَ سَخَرَتْ أرصِفَة الوَجعِ لَنَا ..
وَ علَيْنَا تَواصَى الهَجْرُ .. فِي أَينَا الأسْرَع جَراً إلى مَقَابِرِ الضَجَرْ ."
" الآنَ تَتْرُكَنِي .. أتخَبَطُ بِـ حَسرَتِي أطْرَافَ الرَصِيفِ .. وَ آنَاءَ النِدَاءْ .."
"وَ وَشوَشاتُ الرِيحِ تتآمَرُ علَي ..أتجَاهَلهَا .. وَ تغتَصُ رِئَتِي بِبعضٍ مِنها .."
" وَ أمضِي ، و تغُطُ رُوحِي فِي وَجعٍ عَمِيقْ .. وَ تَصفعُنِي أضْوَاءُ الرَصِيف ِ بِفُصُولٌ خَرِيفِيَة .. "
"أطْيَافُكَ تُوصِينِي لِـ اتَخِذَكَ سَبِيلاً فِي حِينَ أَن مُخلفَاتُ الحُبِ مِنك تعْوِي فِي قَوْسِ أذنِي ..
أَن اقْذِفِي لُقمَتَه الغَاصَةِ بِ حَلقِكِ فَلا تُمَرِرُ إِلاهُ وَ الأَسَى "
"فَـ اختَنق بِ ظِل بُكائِي ، وَ اعتنق زَاويَة العَتمَة ..
كُل المَارِين يُمارسُون .. وَ كَـ أَنَني مَسْرَحِيةٌ وَاسِعَةُ الجَوْف صَعُبَ عَلِيهِم النَظَرُ لِـ بَطَلِهَا ،"
" وَ كَم كَانتْ السَماءُ سخِية .. نَفَثتْ فِي لُبِ غَيمَها لِـ تهدِي رُوحي الطَاهِرَة هَتَاناً يغسِلُ الطِينِ العَالِقِ بِي ...
وَ أتبعُهَا بِـ رشفةِ مِنْه ْ ـ تَفُضُ يَبَاسَ حَلقِي .. وَ تُزِيلُ آثَارَ عَطَشُك .. "

* * *
الكاتب : بدر العرعري...[ في محاوله لــ أستعيدني ..!! ]
في رحلة " الأنا " وانكسار الذات وتمدد الوحدة ، أتى هذا المشهد كنوع من التفريغ الداخلي لعالم مشحون بالحزن والفقد ولحرمان ، مقاطع تندلق ألما وتتدفق حنين وتفيق وله ، كتبها بأدوات فنية رائعة ودلالات حسية عميقة ، شعور دافئ وحضور يشعل المنافي داخل الروح ، أختار لكم بعضا من هذا المشهد السردي :
" أيها : " النازل " " إليّ " .. إن الصباح .. غداً . . لاينهض كي يلاقيني" ، لايعيّرني أيّ إهتمام ..! ، فــهذا ياصديقي يخنقني و يغتالني كــ " قرار " . . بـ دفن " أحلامي " في رحم " الأرض " .. وأغمض عينيّ .. للأبد ..!! لقد سئمت " الإنتظار " و " الهزائم الصغيره "التي لاتذوب كلما زادت تجربتي .. بل تتكاثر مع تفرعي عن ذاتي .. كلما أوغلتُ في الإنسكاب .. !، و الآمال التي أفاقت من سباتها متأخره جدا ً ، كانت كــ القطره التي تنادي للسيّل عد .. فلا يعووود ..! ، فـ لايحضرني سوى . . " صومعة " صمت " . . تتهجى " إبتسامه .. طال إنتظارهااااا ، " سنبله " تفاوض " الشمس " أن تشرق . . فلا تؤوب .. ! ""

"
"كــ مثل شرب الماء .. تمر لحظات أن أفتقدك ..! فــ عذراً لم يعد لدي متسّع لأن أنحصر في غيابك ..! ... فــ " أنا " رحلة " التيه " الفسيح ، رحلة الإحباط والحرمان. . رجلٌ يمضغ الأحداث .. !!يفتش المنازل القديمه . . يتلمّس الجدران ! رجلٌ لايجيد شي ويرتكب الأشياء .. ! ، ساخر ٌ . . يخفي " الوجع " بين الأضلاع .. ! ، يموت . . ولايحرر الأسرار ..! ، لايجرؤ على لفظ كلمه .. ويقدّس " الكتمان " ، لايتناول مع صديقه " الكأس " في مؤامره للنسيان ..! . ، " أنا " . . أي " بذرة "سقطت على الأرض .. ولم تنمو هنااااك . "

***
الكاتب :عبدالله مصالحة... [قِـ نْديلْ !]
وعبر فلسفته الخاصة وبأنساق مرئية وسمعية عبر تلك الصور وااالمشاهد السردية الشديدة التركيز ، وبنسيج لغوي محكم يقدم لنا رؤيته الخاصة المترابطة فنيا بكل دقة وعمق ، عبر مرجعياته الفكرية والمعرفية ، وانزياحات اللغة ودلالاتها وإيماءاتها وإيحاءاتها :
" بَحرٌ يَرفِدكُ مَدَدَ إنْحِناءْ في قُدرَة ذاتِكْ
يُغنّيّكَ ويُعيدُ صَوتَكْ , يَصقُلُكَ بتَجربة تَجذيفْ
وتَخرُّ دونَه صامِتا ً عَزمَ صَداكْ "

" آمرٌ لـ نَفسِكَ ب ذِكرَى وزادٍ مَشَّاءٍ ب سَطوَة
تَكتُب لكَ عُمرا ً آخر وتَذرُ فيكَ سَبعَة أسْطُرٍ لصَوتِ الفَراغْ
تَحكُمُكَ الفاصِلَة بردِّ السَّواد ب بَياضْ
تَسرحُ بَينهما وتُنقِّبُ عن تَفاصيلِ رِضاكْ
بينَ أنتَ وأنتْ مَحكَمة قاتِلَة
ولا قاضٍ سُوى رَعشَة اليَدْ "

أرقٌ يا عُبوسَ مِحْبَرتيْ يُسْقِطُ جُثمانَ نَبضي
يَبتلِعُني حوتُ المِدادِ
أشاكِسُه ضَربا ً فـ يُقَطِّعُني أبياتْ
ما أرْدتُه ناسِكا ً في مُفرَداتيْ "

" سَمعِ وَقعَ المَطرِ مَعيْ
وبسَطَ كُربونَ أنفاسيْ في وُجودِه
وغَسَلَ الدَّمعَ جيّدا ً مِن على الطّاوِلَة
لـ حُضورِ الجُنونِ مُباشَرةْ "

"
أحْرَقتهُ قَشْعَريرَةُ الأجواءْ والجَسد وهو يَنزِف
أخذَ مِنْ نافِذَة الأمل مِعطَفَ تَهدئة
وخانَه رَدُّ الهُدوءْ في رَقَصَة الكَلماتْ "

* * *
الكاتب : مروان إبراهيم... [ - 8 c ْ ] !
عبر فافسفة متوترة ورمزية تبدا من العنوان لتجسد تركيبة داخلية تتفاعل مع ذات الكاتب، يجمع لنا الكاتب مروان بعض من عتبه وعنبه لوطنه الساكن بين جوانحه ويرتبه بخطاب خاص موجها إليه بفعل أمر كلازمة تكرارية تارة " قل " و "سأحبك " تارة أخرى فيجعلنا بذلك أكثر علاقة في رؤاه وتعلق في اسقاطاته
يقول المازنى: "بنفس الدرجة التي يتحول فيها النص بين يدي المتلقي إلى عبارة احتواء لمشاعره وهواجسه إذا أنساب وادعاً رقراقا لا يصخب ولا يثور أو إذا راودته نزوة التمرد والانفجار"
فأتت الكتابة السردية عند الكاتب مروان يخاطب ابها الحواس الدنيا والحواس العليا / الروح /الذات معتمدا على حاسة الذوق بهذه اللقطة
" قُُل أني لنْ أستطيع [ فَستقة ] الحديث وَ الأحلام وَ الرغبات ، وَ أشتهيك ! "
متميزا بسليقة لغوية ومتمكنا من إمكاناتها السردية الواسعة " قل أن الصمت : إفتاء !
قُل أن رؤية الأشياء بِدقة تُتعب استقامة الحقيقة ، وَ تشي القادم بِالإنحناء قهراً ،"

" قُل أني طفلك .. أُقبر فيك .. ثُمّ أتشكل طيراً فِيْ صَدرك !
قُل أني أشبه الزجاج .. شفاف وَحاد ،
وَ سقطتي جارحة ! :"
"
فِيْ الأقفاصِ .. يكون القدر أنصف من عدلك وَ أخلص من قلبي ، وَ إطمئنان أكثر للمصير ! "

* * *
الكاتبة : شِتاء ... [ َحلامُ الغَائبينَ ...!]
وتأتي هذه المشاهدة السردية للكاتبة شتاء برؤى زاخرة بالإحساسات البصرية والسمعية و الشمية و اللمسية و الذوقية لتنقلنا من عالم التجريد إلى عالم التجسيد ، فأتت تلك الاسقاطات الداخلية صادقة فى رسم مكنونات النفس وتشكيل لوحات الذات حاملة تلك الصور التي تشى بما تحمل من رؤى و أفكار ومضامين تساعد الدلالة على التجسيم وتؤدي بدورها إلى التأثير في ذهن المتلقي ومن الإضاءات التي تركتها لنا الكاتبة شتاء :
" خَلفَ النّافِذَةِ :
يَسْرِقُنِي قَلْبِي ؛ يَغْفُو بَينَ جَنَاحَيّ عُصْفُورَةٍ
سِيقَتْ بَعِيدًا عَنْ سِربٍ مُهَاجِر ..."


" يَا سُكّرَةَ الرّمَانِ الأَحْمَرِ ؛ الذّي التَجأ إليْهَا يَسُوقُ الجَنّةَ حَبّةً حَبّة
لِـ تَتَدَلّى مِنْ عَنْقُودٍ لُؤلُؤيٍّ مِنْ غِشَاءِ الغَائِبِ عَنْ الحَيَاةِ مُذ قُرَابَةِ
سَنَة ؛ السّنَة التّي أَبحَرَت بِلا سَارِيَةٍ ؛ مُصَابَةً بِـ رِهَابِ الفَقْدِ وَ صَيْحَةِ
أَلَمٍ لا تُفَارِقُ هَذَا الضّجِيجَ الأَرْعَنَ فِي الذَّاكِرَةِ
الأُمّ يَا يَاسْمِينَه ارْتَطَمَت بِـ غَيمَةٍ رَمَادِيّةٍ أَفْقَرَت مِنْ وَابِلهَا بَعْدَكِ
يَا عُصْفُورَتِي اليَتِيمَة "

" يَا أُمّي ... صَوتُ الوَجَعِ لَم يَنتَحِر وَ لَم يَغِبْ عَن شُجُونِ
المَسَاءِ الفَائِتِ وَ القَادِمْ ؛
يَا أُمّي ... مِلْحٌ هِيَ أَيّامِي مَبثُوثَةٌ بِـ حُزنٍ لا يُرِيدُ بُعْدًا
وَ لا يَبْغِ صِغَرًا
يَا أُمّي ... لَونُ الأَيّامِ يَنْسَلُ مِنْ عَسَلِيّةِ وِسَادَتِي ؛ تَرْجُفُ عَلَى رَابِيَةٍ
مُصَابَةٍ بِـ رِيحٍ جَعَلتنِي آثِمَة لا تَرْتَجِي غَيرَ وِحدَةٍ وَ غِيَاب "

* * *
الكاتب : خالد العتيبي ... [ مَدَار .]
في هذه المدرا ينقلنا الكاتب خالد إلى مشاهد سردية تتسم بالتكثيف والاقتصاد مبتعدا عن الزوائد التي تصيب النص بالترهل مما يجعل اللغة الواصفة تنمو عبر سرد يتسم على الإيحاء مثل : " ° الشتاء يوحي لنا بأنَّه استلهم خُطواته من مشيةِ أنثى مملوءة إلا قليلاً .
فيتعطَّفُ قوامه راحلاً بتثاقل ونحنُ لانريده أن يرحل .. فلا نقدرُ على
تمييز نقطةِ السفر من نقطة الوصول . لتبدو رحلة الشتاء
أشبه بدائـرة .! "

كذلك يعتمد على لغته العالية والتقاطه الدقيق للأشياء منحوله وإعادة صياغته بصور فنية جميلة
تتداخل الأساليب البلاغية كألوان أساسيسة لأبعادها وإيماءتها كــ تجسيد والتشخيص والأنسنة عن طريق التخيل المبني على أرضية واقعيةالتخييل والحلم: يقول ألبرت أينشتين"التخيل أهم من المعرفة " :
" وحدي أعرفُ أُنثى يخشاها الشتاءُ ، وبخطوتين تريق رجلَ الثلج .
على الرغم من أنَّني لمْ أحظَ بمشيتها ولو مدبرة .. إلا أنَّها الروح وأنا
الساخر من كلِّ الشتاءات القادمة ..! "
فنجد أن هذه الصور الذهنية تحفز حواس المتلقّي عن طريق هندسة اللغة للقبض على اللحظة الجمالية مثل ما في قوله :
" غيابك : أنشودة الحاجات وفقرُ مَنْ ثراؤه أنتِ ، وموتُ
الأحياء بكِ ، وعَدَمُ الكائنين بوجودك .. أيّ : كالبعثِ يوم تبدأين الإياب .
تشبهين الدفء في صوت ( فـيروز ) ذات أُغنيةٍ تأسرك .. فتَهبين الدوامَ للرغبةِ في ملامستك ، وللإحساس ببزوغ شغَفكْ . "

وفي مقطع آخر يصف لنا هذ المشهد السردي بصور فنية التقطها ببؤرة حدس دقيق:
ذاتَ محاولةٍ وفشلٍ ذريع .. كتبت على ذراعه وبدمعتين ساخنتين إعترافاً يشبه القصيدة .. كتبت :
[ مِنْ على مقعدك تجيد ترويضي ، كحقيقةٍ أؤمنُ بها تجاه رجلٍ حلم ] .
فأيقنَ بأنَّها فرسٌ بروح البراق ، وستعرجُ به يوماً للسماء النهائيّة . وإنتهى إقترافها ذاك إلى بكاءٍ يائسٍ من الفكاك من فتاها الذي يعشق ذلك الفشل ."

* * *
الكاتب : عبدالرحيم فرغلي [ الإنكسار ]
تعتبر السيرة الذاتية أفقية الامتداد الزمني،ومحدد بالتواريخ ، كذلك السيرة الذاتية أحادية الشخصية ، وأتركمم مع بعض تلك المشاهد السردية التي تركها لنا الكاتب عبدالرحيم والتي تحمل الكثير من االمفارقات اللغوية ولانزياحات التي أرتكبها برؤيا عميقة عبر المتخيل السير ذاتي :
" ما زلتَ تصحو بلا عمر ، تشتهي لو تسرق الصباح فتمنح بعضه للشجر .. للطيور .. للوجوه المتعبة .. وتضع حفنة منه في جيبك ، تشتهي لو تحقن المساء في دمك ليكون القمر البرئ بعض أعضائك ، تشتهي لو تسافر بعيداً .. وترمي عقلك وقلبك في البحر ، لكن لا تدري كيف تنجو .. وأنت المتهم بخمس وأربعين عاماً .. ألصقها بك الزمن . "
" طفولتك هي كل تاريخك .. كنت تعشق الطين .. تشكّله بهيئة الثعبان وتجعله طويلاً .. كصراخ جارتكم العجوز .. كنداء أختك تستعجلك للغداء ، يُسعدك أن تشرب الشمس ماءه وتعيده بلون التراب .. افتقدته ذات غفلة .. لعله تسرب إلى دمك .. فعاد يشكلك بدوره .. وينفث سمه فيك .. صبح مساء . "
" الطرقات تعشق البشر .. تعشق الأشجار وهي تترقب موعداً لن يأتي .. تعشق الأرصفة المحبطة من ظلم القمر ، وأنت زجاج .. تشظيت من درجات لا ترتقي للعلى .. من كلية رمتك على عتبتها كقط أجرب .. من كتب جامعية تزرع لياليك بالجنود المهزومين .. بنساء البحر وهن يثرثرن في ذاكرة الرمل .. بالرفاق المحبطين مثلك .. ، كنت تعرف أن الحياة لا تمنحك ما تريد ، ولكنّما.. خدعك الأمل . "

* * *
الكاتبة : حصه العامري... [ في وَهمْ الكولاجْ ~ ]
يعتبر عنصر المفاجأة أحد اهم آليات السرد الحديث ، بحيث يشتغل الخطاب على آفاق واسعة من التخيل وفق رؤيا عميقة لما ورى الأشياء الحسية /الذهنية بحيث تكون الصور تحمل دلالة لغوية في غاية الوعي والتركيب ، إيحاء وترميز وإشارة ، وفي هذا المشهد استطاعت الكاتبة حصة أن تترك لنا دلالات سردية عبربؤره الترميزية المخايلة، لتنقلنا إلى منطقة التأويل عبر رؤيتها الخاصة كما نلاحظ في ثنائية: الضوء/ العتمة كفاعلية دلالية في قولها :" أيُنارْ النور ..
وتظل العُتمة تغرقْ بصَمت في بئر/قبر/نوم/شبح . ؟ "

ما أكثر النْجوم في كُلِ لَيلة ..
وما المُشلكَة أنْ أصَبح إحدَى النجومْ عَلى صَدرْ الليلْ
المُسافر
كَروائِعْ دموعْ أمي البارِحَة
خُيل لي أَني الدمعة الأخيرَة الـ رافِضَة مُلامسَة ذِراعْ الـ شوقْ"
" حتى تتكمل لَوحة .. إنْسان
وعَضة الفجر خلْف مَقبرة أبي .. وَثواني الغيابْ المُتأخرات في عَقارب
ساعَة رموشي المُغبرة .."
" ونامت أعيننا ... !
فما كانْ مْني إلا وَضع أحجياتْ خاوياتْ جديدات على كولاجْ جَسدْ الصبر العاري .. "
" أريدُ أن أسَمع صَوتْ القطع المُختنقات في لَوحة يَدي .....
فتحايَلْتُ عَلى ثقب سَتارة مَوجْ الحُرية المُنتظرة الـ لاتَهدأ فوق نَظرة اللَوحة الساحِرة .."
" وهاهي , عَفواً
فقدْ لاحَت الخامِسَة كرائحَة خبز جَدتي الـ لمْ يَنضج مذ عشرونْ عاماً علَى صاجْ الربكَة : "
" كَيف يُجزَى الصامت ثَرثرة وَجع مَدى الدهر "
بأن لهذه الأرجوحَة .. قُدرة الريحْ على التحليق
فوقْ رَأسْ كُلِ سُنبلة لاحَية
وسُرعة البَرق في نتهاكْ بَطن الغيمْ .. والطَير !"
فأجْتاحتنا فصول رِوايَة العطش اللاتُروى ماء واللاتُروى للأطفال ..
قدْ يقتلنا الظمأ كَثيراً , وقطراتْ الحياة تتدلى أعْناب النجاة بين أصابعنا الجامِدَة
أو لِنقل قرابتها .."

الكاتبة : أنثى النقآء; .... [ رجلاً لَگل إنآث آلأرض ،! ]
نلاحظ أن اسم الاستفهام ( لمَ ) أتى كلازمة تكرارية تأكيد لجواب مسبق من الألم ووجع منسق مع الحزن ، في رؤية احالة شعورية عميقة ، وفي اسقاطات لماضي منكسر، فأتى هذا المنجز بتفاصيل سردية ولقطات مشهدية تعتمد على الحركة والتفاعل وعلى الصورة ونقيضها ، بلغة جميلة وتراكيب متماسكة البناء وعميقة الدلالة :
لمَ أيقظتُنيَ منَ ذآگ آلحُلم الأبيضَ ،
علىَ صفعةٍ مُوجعةٍ جَردَتنيَ منَ گلُ لغآتٍ آلفرَح .!
. . لمَ أصَبتَ صدَري بَ خنجرُ آلخذلآنَ ~
"
" لمَ إستعمَرتنيَ , تمَلگتنيَ ؟!
وأنآ لمَ أگنُ سَوى عآبرةٍ سبيلَ لآ أنتميَ إلىَ عآلمَگ , إلىَ أوطآنگ ، إلىَ ممَلگتگ آلزآئفهَ .."
" لمَ شَآطرتنيَ أحلآمَ آلغدَ ؟! بَ گل تفآصُيلهآ حتىَ تقآسمَنآ أسمَآء الأطفآلَ ,
وأنآ لمَ أگنُ سوىَ أگذوبهَ مُؤقتهَ تعيشُهآ فيَ سنوآتَ طيشَگ ثمَ تنُهيهآ !
لمَ وئدتَ أحلآميَ ؟ وَ ترَآقصتْ علىَ أنقآضيَ ؟!
وَأبقيتنيَ وحيدهَ . أعَآنيَ منَ سگرآتٍ آلمُوت خلفَ ستآرَ الخوفَ والوجَع "
ولمَ تلمُلمنيَ !!
لمَ بعدَمآ رَفعتنيَ إلىَ القمةٍ أنزلتنيَ إلىَ القآعَ وبلآ رحمةٍ منگ . . . !
لمَ أبقيتَ مقعدَگ فارغًا . باردًا . ولمَ تترُگ ليَ بقايا منَ عطرَگ حتىَ أستنشقهُ ,
فيَ " لحظآتٍ آلحنينُ إليگ " !
لمَ أوهَمتنيَ بَ أنيَ أنثآگ آلوحيدَه , محبُوبتگ آلوحيدهَ , أميرَتگ آلوحيدَه ؛ سيدةٍ قلبگ آلوحيدَه
وأنتَ قدَ گنتَ , ="5"]رجلاً لَ گل أنآثٍ الأرضَ
" آلفَآرسَ " آلذيَ بآتَ مُلهمَ قصآئديَ وأشعَآريَ , حَگآية عُمريَ وَأفگآريَ ؛
" طفليَ " آلذيَ گنتُ أحتويهٍ گأمَ , "
" أبيَ آلذيَ منحَني غصةٍ آليُتمَ ومضىَ "
صدَيقيَ آلذي گآنَ يُشآطرُني أحلآميَ , طمُوحآتيَ , تطلعُآتيَ
حَبيبيَ آلذيَ جعلَني أتشبثَ بالحيآهَ لأنهُ معيَ / فقط لأنهُ معيَ !
وأنآ لمَ أگنُ إلآ . . .
حَگآيهَ هآمشيهً ، فيَ رحلةٍ حيآتگ ~
تسرُدهآ گل يومَ بسخريةٍ علىَ مَسآمعهُن حينَ يأتيَ آلمسَآء ،"


* * *
الكاتبة : عفراء السويدي ... [ مساءات العاشقين .. ]
أنه الحب الذي قال عنه بام براون ( الحب يأمرنا بالخروج إلى اللاوجود ..ثم يحملنا إلى الأعلى ) .. تماما مثل هذه المفردات والجمل التي صاغتها لنا الكاتبة عفراء تاركة لنا حرية الاندلاق مع مطرها وعطرها بلغة شفيفة ومعاني رشيقة لا تكلف ولا ابتذال يبعدنا عن فضاءات المشهد السردي ، متميز برؤيتها الأنيقة وفلسفتها الخاصة وعالمها ارحب :
" تحضن أناملي ، وأتسرب من خلال أصابعك إليك / كلك ، دفئاً ومطراً "
" وأنهمر على خارطة قلبك وحدي ملكتك ، أحكمك من أقصاك إلى أقصاك
وأنا سجينتك !"
" يضّج المكان بانفاسك / عطرك ، وأتوه بينك وبينك ،
طاغية الجمال في حضرتك ، أتوّرد فيشرق وجه الحب ،
وتتألق أنت ، أتشرب سمرتك عشقاً حتى الثماله ،
وأشهق بإسمك "

" كيف أخذت الشموس في حقيبتك ومضيت ؟!
وتركتني لليالي الصقيع ، تيبست يداي وجف قلبي !"

" لاتجبني ! دعني أحياك أملاً لاينطفيء ياوهم عمري وحزني اليقظ ،
تقطنني رغم رحيلك المرّ ، وأحتضنك ، وأواجه بصدرك صقيع الفصل الجاف "
" كيف أفرّ من كثافة حضورك في داخلي ؟! "

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس