منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ أبْعَادُ إبْدَاعِهِمْ : نـــثـــراً ..( 1 ) ]
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2009, 03:38 PM   #1
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي [ أبْعَادُ إبْدَاعِهِمْ : نـــثـــراً ..( 1 ) ]


رؤية متواضعة لجمع مسارب ضوء إبداعكم وبتلات إمتاعكم في بوتقة واحدة ، نصوص يسكنها الغيم ويلحنها الديم ويردد سيموفنيتها سرب سنونات ونوارس البحر ، نصوص كتبت للرحيل ، والغياب ، للضوء
والعتمة ، للشوق والوله ، لمحيطات البوح وانكسارات الروح ، لجروح عميقة ، ولمواعيد يسكنها العتب والتعب والعنب ،
لشمس مندلق دفئها على قلب عاشق ، ولقمر ينسج للحب ألف قصة وألف غصة ، قراءات انطباعية قد تمسك بلحظة الومضة السردية وقد تقصر دونها ، كان اختياري للنصوص بشكل عشوائي لكل كاتب وكاتبة ، فلم أبحث عن أفضل النصوص لديكم لأني أعي أن كل ما يندلق من فكركم ضوء بحد ذاته ، فعذرا لكل من لم تصافح كفوف قلمي المتواضع
مسارب فكره وعزائي أن صدوركم أرحب ببحر حبها وسمو حبرها من أن آتي به هنا .

* * *
الكاتب : صالح الحريري ... [يقظة حالمة ..! ]
عندما ينثر حروفه وكلماته هذا الكاتب فنحن نعلم ان الربيع آت ٍ ، وأن غرس الحلم في ارض بور ينبت غضا يانعا ، فله تجربة سردية جميلة ، ومعجم لغوي زاخر باهر ، فأتى هذا النص مشبعا بالتخيل وحالما بأمل لم يتحقق بعد ، وتتسم تجربة أخي صالح عموما بالتماسك النصي / المعنوي ، وترابط الدلالة وانسجامها لغويا بأنساق متسقة ، ورؤى متكاملة قابلة للفهم والتأويل ، فيشعرنا أن نصوصه واحات نخيل ، ولوحات صور مكتضة بالألوان المتناسقة والأبعاد المتسقة ، مفعمة تلك اللوحات بأحاسيس ومشاعر متناثرة تشرق بالروح وتغدق بمسافات ومساحات البوح ، لذى أتت دلالاته مؤثرة بالنفس وتراكيبة منغمسة بالهمس :
يتلو بعضكِ شريعة فرحي حين كان الفرح عزفاً شاعرياً تعزفه شفتيكِ بهدوء يذيب فيني جبروت الصمت ...!
تتأملكِ عيناي بتلك الطريقة التي يمارسها كل رسّام قبل أن يبدأ بقراءة لوحته..
بلسان فرشاته ذات الألوان الناطقة بالربيع ..! "
"أقبّل فيكِ أطراف اللهفة بقبلات كأنها وقع المطر على شفاه العطش ...!"
" لا تقلقي سأضع ميثاق عهدي خاتماً يتزين بأصبعكِ كلما غبتُ عنكِ تأمليه سيحدثكِ عنّي ...! "
" اجعلي حركتكِ خفيفة كالطيف الذي يأتي بكِ عبر شبّاك الشوق ...! "


* * *
الكاتبة : عطْرٌ وَ جَنَّة... [ تَكّة مِشْبَك ]
مشهد سردي متسع الأفق الفني وغني بدلالاته الخصبة المتجددة والمتعددة ، ضمن مناخ إيحائي متكامل ، الذي يؤدي إلى توهج الطاقة الإيحائية وتحريك الذهن وتراسل الحواس فيما بينها ، فأتى هذا المنجز ليضع المتلقئ امام احتمالات كثيرة لا تنفصل عن بنية النص وفكرته ، فكل يقرأ النص بحسب ثقافته ورؤيته ، جاعلة الدلالة تتكئ على واقع معيشي مسبق ، وتجربة شعورية محسوسه ، فهناك العديد من الانزياحات الدلالية المدهشة والمبتكرة في هذا المشهد السردي ، محطمة اللغة العادية لسياق سردي خلاب ، راسمة لنا صور فنية حسية نفسية عبر صور جزئية وكلية ( لأجلِ رَحْمَةِ الْذَاكِرة الْعَجوز الْتَي كانت تَطردنا دَائماً من أمامِ شُباكِها الأبيض الْمكسُور حِينما نَلْتَقِي خِلْسِة ..) ومثل قولها في هذه الصورة المشهدية (قُدْرَتِي ضَعيفة جِداً .. حَتى فِي انتزاعِ اسمك الَّذي عَلق فِي حُنْجِرتي و ما استطعت دَفْعهُ بكلّ الْغصّات الْمُعضّلة بالاحتياجِ .. حَتى أنَادِيك ..)
ف" َثمَّة حَواسٌ تَتجاوز الْخَمس يا ’’أسماء’’ ..تَحتاجُ أن أنْسَى ضَمائر عَيْنيك فِي جُمْلة وَجْهِي ..وَ تَناقص أصَابعك فِي عَددِ فَقراتِ ظَهْرِي ..
وَ الأسَماءُ الْتِي أسميتها لكُل ِ شَعْرةٍ فِي زِندك "
"وَ كذبة الإبهامِ فِي المصَّة الأخيرةِ قَبل الْحَبو ببصمةٍ "
ل" َستُ الْمُذْنِبة فِي ضَيَاعِي مَع الْرَياحِين ..وَكتم الْعَهد الْبَاقِي بَيْنَي وَبَين أُمِي بِكيسٍ لا يَدْخله إلا غبار الْدُولاب الَّذي يُحاول أن يَكُون نَبْيلاً فِي أن يُفْرغ خَاصيتهِ عَند فَوهةِ الْعُقْدة .."
" لِذا يا أسْمَاء لمْ يَكُن مُمْكناً أن أرْعَى شُعْور أمي الْتِي خَبأت الْمِشبك فِي كِيس الْرَياحِين لِيظن أبي أنَّها لا تَلْبس الْخُرص ..وأنّها تُحاول تَرطِيب رَائِحة ثِيابهِ الْجَافة فَقط
وَ لمْ يَكن مُمْكِناً أن أعضّ أصَابع أبِي بلثَةٍ نيئةٍ..حِينما أمتدّت للكيسِ ..الًّذي يَحْمِل نُطْفة الْحبْل الْسِّري الْمُتشبثة بِصرخةِ الْمِيلاد فِي ذِراعِ الْمشبك الْوَرْدِي الأصَم .."
" لا أسْتِطيع أن أحبُّكَ أكْثَرُ مِن أن أحبُّكَ يَا أسْمَاء ..
قُدْرَتِي ضَعيفة جِداً .. حَتى فِي انتزاعِ اسمك الَّذي عَلق فِي حُنْجِرتي و ما استطعت دَفْعهُ بكلّ الْغصّات الْمُعضّلة بالاحتياجِ .. حَتى أنَادِيك .."

* * *
الكاتبة: نُورَة عَبْدُالله عَبْدُالعَزيز... [ بَسْمَلَةُ العِشْقِ لِـ ضِلْعُ الفَجْر ،! ]
تحفل تجربة الكاتبة نورة تحفل بإمكانات فنية رائعة وفي مضمون يتنامى في دواخلنا وبإسقاط لفظي يضفي على دينامكية المشهد السردي بعدا جماليا أخاذا نابعا من تجربة سردية ناضجة وثقافة معرفية عميقة.
أول ما نستقرئ في هذ إيحاءاته وإيماءاته ورموزهووسائل تعبيرها المبطّنة بتجسيد سريالي كما استطاعت ترميز اللغة.. ودفع الدلالة الشعرية إلى أقصى احتمالاتها.. ونجد أن هذه النصوص لا تخلو من التراكيب المنطقية واستدراج المعاني بصورة حسية مفعمة بالتمرد والتموج.. صور عميقة ذات أبعاد شعورية تنقلنا إلى ما وراء الواقع .. وأفق مشحون بطاقات واحتمالات لا تنتهي .. تظهر فيها انفعالاتها ورؤاها. المنبثق من هندسة إبداعية وذائقة تعي ما تطرحه لنا من أفكار ورؤى
" يَمّمَتنِي شَطْركَ وَ أرّختُ مِيْلادِي بِمَطْلَعِكَ ،
وَ سَأؤرّخُ مَوتِي بِالمَغِيب ،
وَ سَلامٌ عَلَيْكَ يَومَ وُلِدَ حُبّكَ فِيْ قَلْبِي ،
وَ يَومَ أنْ أتِيتَ إلِيَّ تَسْعَى ،"

وفي فكرتها لكتابة النص نجد أنها تعكس الواقع الملتصق بروحها والمعبر عن همومها والملامس لنبضات غيرها ، بلغة سردية مكثفة مستفيدة من تقنية التتناص مع القرآن الكريم ، كذلك استطاعت ابتكار صور فنية جديدة استنبطتها من المحسوسات التي حولها ، بحدس دقيق عميق، كما نلاحظ ذلك في الرمز الممزوج بالحسي والذي يتسم بمسحة قصصية. في أسلوب سردي جميل ..
تتضح منها مدى وعيها الثقافي في لحظة إمساكها باللحظة الشعورية عند البدء في تدفق النص وانطلاقه مستفيدة من التـراكم الدلالي والمخزون اللفظي لتجنح أحينا إلى إعتام الصورة والعبور بنا إلى ما خلف الوعي..
وعندما نستقرئ مخزونها الثقافي من معطيات النصوص نجدها
للمعاني والأفكار في منظور شعري وفلسفي واعي..
معتمدة على البناء الرمزي في بعض المقاطع المكتنزة بالجانب اللغوي والبناء التركيبي تاركة مدى واسعا من حرية الحركة وتعدد الاتجاهات في داخل المقطع الواحد ومن تلك الرؤى والصور الغائرة بالدهشة والرعشة :
" رَبّيْ إنّيْ آنَسْتُ حُبّاً يَتَدَلّى مِنْ فَاهِ صَيّادٍ فَخَطَوتُ إلِيْهِ لِأكَذّبَ السّنَارَة وَ مَا تَدَاوَلتهُ السّيّاره
فَأضَعْتُ العَقْلَ مِنّي وَ الْتَقَطَنِي صَدْرهُ مَثْوَى ثُمَّ تَدَاعَت لَهُ سَائِرُ الخَلايَا حُبّاً "
" رَبّي إنّي مَسّنِي الحُب وَ إنْ لَمْ تَعْجِن طِيْنِي بِمَاءهِ فَلَنْ أكُونَ أوّل عَاشِقَة خَسرَت عِشْقَها ،
وَ لَكِنّي سَأكُون ثَكْلَى بَائِسَة غَاضَ بِهَا الجَذَل مُبَكّرَاً وَ خَسَرَت أوّل مِيْلادٍ لهَا ، "
" إنّيْ قَدْ كَنْتُ بِالحُبِّ مِنَ المُنْكِرينَ لا لِيْ حَوجٌ فِيهِ وَ لا لَوجٌ
فَكَيْفَ اصْطَفَاكَ القَدْر لِتَكُونَ فَاتِح مُدُنِي وَ قَاهِر تَمَنّعِي
وَ أكُونُ أنَا الـ غَشَى نَبْضهَا البَوَار فَمَا نَالَ هَشِيْمِي قُبْلَة الحَيَاةِ إلا
مِنْك"
" وَ إنّيْ قَدْ هَتَكْتُ قُدْسِيّةِ الحُبّ وَ وَشَيْتُ لِلزّنَابقِ بِأنّهُ مَحْض كِذْبَة
وَ هُرَاء أسْطُورَة تَدَاوَلهَا الرّوَاةِ لِيَصْرِفُوا النّاسَ عَمّا سِوَاهم فَيْسَرِي حَرْفهم فِيْ الأوْدَاجِ أفْيُونَاً
فَ أوْصَدْتُ أبْوَابَ القَلْبِ تَمَنّعاً وَ هَاهُوَ حُبّكَ يَجِيْؤني مِنْ حَيْثِ لا أحْتَسِب
لِـ يُضَعضِعَنِي وَ يُنِيخَ كِبْرِيائِي وَ يَهْزَمنِي فِيْ عُقر نَبْضِي ،!"
"لأقْطِفَ عَنَاقِيد النّجُوم وَ أعْتَصِر ضَوؤهَا الفُضّي فِيْ قَبْضَتِي لِتَخْرجَ يَدِيْ بَيْضَاء أبْسِطهَا لَكَ
كَيْ تحْتَسِيْ نُعُومتهَا فِيْ مَجْرَى كُفُوفكَ الوَفِيّة ،"

* * *
الكاتب : سعد المغري...[ إحْيَاء بَعْدَ الجَدْب ]
في هذا المنجز السردي يتكئ الكاتب سعد على تلك اللغة العليا التي يحشد بها الكثير من المتقابلات والمتضادات وبين الحركة والسكون في قالب فني غني بالصور المتآلفة بين الشكل والمضمون، فنجد الغموض الشفيف البعيد عن التقريرية القريب من استدراج القارئ لفضاءاتها الرحبة ..مدعومة في ذات الوقت بلغة عالية تومض معانيها كلما مرت عليها مسارب الذائقة. تأكيدا منه بتدوين أثر تلك اللحظة العابرةفي الصيرورة الوجودية وفي الصيرورة الإبداعية فسأترككم مع بعض هذه الرؤى التي جسدها بضوء لغته ومعين معانيه :

" تَدَجْدَج الليلُ ودَجَتْ السمَاءُ لـ.تُهثْهَثَ علي بـ.غَيْداقٌ
يَنْتِق ماتَكالَبَ منْ بَعض هُمومٌ مُرْتَكَمة..
وشْوَشْتُ الرَّوْح بتَبَتَّل الطُهْر لَحْظةُ التجلِّي مُرتَمية..
لـ.تُنَاغِي مُتَلحَّفة السمَاءببـ.عْض تَفاصِيلها المُتَرْنِمة..
نَزَزت من وَزَغ السُّكُون إلى الـ.الداكِنْ..
وأَصْداء خِلْخال جِلْجال ومنْ بَيْنهُما الضِياءُ الرَاكِنْ.."

" لَمَحْتُها تَذْعَن من البَحْرُ مُؤوجةً ,تَتَسَاوَك هَوْجاء مُهْتَصِرة..
سَجْحاءَ مُسَرْبَلَة ,تَرْتَهَنَ المَشْي نَحْوي بـ.النَّدْرَة مُتَغَيِّفة ..
تَغْدَق الأَرْضُ فَيْضاً منْ البَهاء وتَسْتاف بـ.الأُفُق القَََِرِيب الهَباء.
تَتَحْولق لـ.تَنْعَرُ العَبْهرُ بـ.كُل ماتَجُوسُ عليه لِسانُ مُلكيّتُهَا وتُزْهِر."

احْرِمِيني من ضَنْك نَفْسِي وارْحَميني ..حتى ألَمْلَم ماسَقَطَ من حُر عيني,
حَدَقَت بـ.هَاتيّن العَيْنَينِ..
وزَفِير أَنْفاسُها كَـ.قِيثَارة الرُوح تَعْزفُ لَحَن الحُب..
وصَوْتُها التَغْرِيدي يَهْفُو بأكاييني لـ.يَدهق رُوحي."

* * *
الكاتبة : آعائشه المعمري... [ما نسبة هذا الحزن ]


وعبر تخوم الحزن نعبر مع الكاتبة عائشة إلى حيث مدن ذاتها ، تلك المدينة الحزينة التي أنهكتها رياح الغياب ، وتباريح الفقد ، حزن شفيف نكاد نرى تفاصيله من خلال مفرداتها الثكلى ، ومعانيها المكلومة " يَتَجمدُ الحُزن فِي عُروق الغَيم فـ تَثقل ، لـ تدنو مِنا
ويُمنع سائل أحمر من الجريان فِيها
ننتَظر المَطر فِي حَالٍ حالِـك السَواد .. "

فأتت اللغة السردية عند الكاتبة عائشه تتوافق مع الإطار العام لتلك المشاهد بشحنة نفسية ودلالة سردية تتناغم مع الرؤية الداخلية للمنجز السردي " وسَماء تَنعي لَونها الأَزرق فِي نَهار غَيّب الشَمس ..
وغيّب بُشرى صَغيرة مَلفوفةٌ فِي طَرف وشَاح شَفق بَالي
يَستَحي مِنه الفَجر ويُنَكس رِياحه القَادمة مِن الغْيَاب
لـ تَضْرب الأَرض وتَتَشربُها الرِمالَ بِلا تغاريد ،
فـ العَصافير تَنتحر قَهراً "


" نمد أيدينا كـ مُتسول ينتظر ما تجود به السماء ..
ثُم نُغلقها على قِطعة حُزن معدنية بقيمة مطر لا قيمة له ..

" بـ ربك أيها البحر .!!
ألم تَكن كَذلك ..
يَمر بِك العَابرون فوَق شَظَايا آهَــاتكْ
فَـ يَتَجاوزون بِك أَخر الأحزان ، بِالرغم مِن أنك مَنفى لـ الحُزن المُؤمن
ومَكمن لـ ذَات رُوح الحُب ، وإِن كَان لـ الأرواح ذَوات ..
وكَادت الـ ( أَتمنى ) بـ وَمضة ، أَن تَضيء فِي عُري الحُزن نَجمة حَارقة "

" وتَطير النَوارس بـ تَباريحها ،
و زَعيقها فِي السَماء يَجتَث قُلوب الأَطفال ويُعلقها بِحبال مَبتورةٍ مِن القِمة
فِي الوَقت الذي تَتوسد فِيه يَديك وَجهك ،
حتّى تَبحث عَن أَخر مَلامِحُك التِي تَركها الزَمن مَا قَبل الأَخير ،
ولا تَجد
ولا بَأس أَن تَخيب المَرايا وتُصاب بنَوبات العَتمة ، فَقط لأنها لَم تَستطع أَن تُفسر مَلامحك الذي يَجلس عَليها حُزن بـ وزن العَالم .
فـ تَغيب قَبل أن تُغيب ..
فِي الوَقت التِي تُحاول فيه أَعضَاء جَسدك التَمَاسُك
ثم تُحطمه صَخرة بثقلِ جملة : ( تَعبت من التعب ) "




***
الكاتبة :العطر ... ][ إغْتِيــَالْ ][
ما أقسى الرحيل وما أصعب الفراق ، خصوصا عندما يكن غياب لا ينتظر بعد إياب ، فأتى هذا الغياب عند الكاتبة عطر على هيئة " إغتيال " للمشاعر ، للأحاسيس ، لذات انهكها الرحيل خلف ذالك الوجع ، أغتيال لفرحة لطالما تعلقت على اهداب قلب لم يتعود على الأغماضة بدون من يحب ، لذى أتى هذا المشهد السردي محملا بتلك الرؤية القاتمة والتي تشكل دلالة إنسانية عميقة المنبثقة بشعور التملك لمن تحب والخوف من الفقد والحرمان في لحظة تفقد كل شيء به ، يرى الناقد " رولان بارت" أن للعنوان وظيفة إغرائية إذ أنه يفتح شهية المتلقي للقراءة ,وكما نلاحظ تآزر عنوان هذا المنجز السردي " اغتيال " مع الرؤية والرؤيا التي أرادات الكاتبة عطر ايصالها ، فكان هذا النجز رحلة شاقة بين الجسد / الذات / اللغة التي دشنت من خلالها فضاء حزين مؤلم ، لذى أتى الخطاب قائما على " الأنا " الراوية ، تلك الأنا التي تسرد صور ذات دلالات حسية عميقة :
" لسْتُ نَاقِمَةً عَلَى القَدَرْ فَمَا زِلتُ مُؤمِنَة ً بِأنَهُ يَرأفُ بِنَا حِينَ تَرَكَ لَنَا القُدرَةَ
عَلَى أنْ نَنَسَكِبَ حُزنَاً عَلَى الوَرَقِ الأبيَضِ الذي يُشبِهُنَا تَمَامَاً ,, خَالِياً مِنْ كُلِ شَيءٍ .
وَلَكِنْ حَقَاً أعتَرِفُ بِأنَهُ إغتَالَنِي دُونَ رَحْمَةٍ حِينَ سَلَبَ مِني أجمَلَ شَيءٍ
وَتَرَكَ لِيَ كُلَ شَيء ... تَرَكَ لِي كُلَ شَيء ..!!! "
" فالنتمعن بهذه الفلسفسة الصوتية ولمفاجأة السردية في جملة " تعثرت بك "
كُنتُ أتَجَاهَلُ ذَلِكَ الصَوتَ المُربِكَ بِدَاخِلِي لأَستَمِعَ لِصَوتِ قُدُومِكَ إليَّ .
كُنتُ أرفُضُ أيَّ حَدِيث ٍ لا يُقَرِبُنِي إليكَ . كُنتُ مُتَعَلِقَة ً بِكَ لِدَرَجَةِ أني كُلَمَا
حَاولتُ تَجَاوُزِ إنشِغَالِي بِكَ تَعَثَرتُ فِيك ."
" كَانَ ذَلِكَ المَسَاءُ الذِي تُوَدِعُ فِيهِ مَدِينَتِي حَامِلاً نَكهَةَ المَوتِْ مُرِيعَا ً, تَسكُنُهُ وُجُوهُ الأموَاتْ لا أحَدَ فِيهِ يَشعُرُ بِالحَيَاةِ , كِلانَا كَانَ يَحتَضِر !! "
" يَا رَجُلاً تَبكِي السَمَاءُ .. وَالمُدُنُ . وَأنَا لِرَحِيلِهِ .. لا أستَطِيعُ تَجَاوُزَ حُزنِي عَلَيك !! "

* * *
الكاتبة : صبح ... [ لا مستقبل ]

نمر بظواهر اجتماعية تتزيدا مدا وجزرا حسب الطقوس الحياتية لأنساقنا المعيشية والفكرية..للجيل المعايش لهذه الظاهرة
وحسب النظام السوسيولوجي التي أفرزتها له العادات والقيم المتمددة في قنوات العرف الاجتماعي
..وعندما يكون هذا النظام موضوعا على حد التجريد التأملي.. تنكشف العين الثاقبة والتجربة الناضجة سوءتها القبيحةوتعريها أمام المرآة والمارة.. لتكشف بدورها إرهاصات الممارسات.ومراحل تولدها ا في ضمير تراوده حقيقتهاالمطلقة..
إيمانا من الكاتبة صُبح بسلخ تلك الأفكار عن جلد المسلامات الصحية المنيطة بالعادات والتقاليد وتُقيم نتوءاتها وحوافهاالمتقشرة
ومن هذه المنطلق كان نص ( لا مستقبل )
تسليط الضوء على رؤى و سلوكيات فردية نابعة من ضمير يريد أن يُشرح مفاهيم تتراءى وفق أنساقنا الاجتماعية والثقافية والفكرية عبر مستواها الخارجي المباشر موجهة حدسها باتجاه عمقها الداخلي.. وبعدها الفلسفي..لتلج إلى التجاويف والممرات والمضائق التي أفرزتها تلك الرؤية
..رغبة منها بنقل خطابها وحكمها إلى الآخر دونما فرض قيود معينة للإمان بتلك الصيغة المباشرة نحو محيطها الناس والأشياء ونحن معنـيون بالتواجد ومناقشة الأبعاد الدّلالية للتفاعل النصي من جهة و الإستسلام لتلك المسلامات أو رفضها مع واقتحام مجاهيل النص وكيانه الأدبي من جهة اخرى ..
لا مستقبل)
فكان لاختيار النص بهذا الاسم بعد آخر لتتشظى عبره محاور النص العشرة المنبثقة من قراءة لأنماط تدور في فلك الكاتبة وتشع ..
نلاحظ هنا تصدر ( لا ) النافية لأسم الموضع لتنفي كل رؤى تصطدم مع مدركات الكاتبة ولا توافق مفاهيمها المطروحة هنا.. بحيث يصبح
أسم النص الانطلاقة ولمركز المهيمين على مقاطع ودلالات النص عموما..
لا مستقبل للشعر ... صدقوني !!
لا مستقبل لمن ينسج قصيدته بدمٍ بارد يتهادى في عليين خيالاته شطراً من تين وآخر من يقطين !
ينفث عرجونه في كبدٍ شمّاء ...
لا مستقبل "للشعراء" المطاردون بالحلم عيونهم مثبته بسماءٍ لا أصل لها وأصابعهم مشغولة
بالإشارة الى أقاصي المجرات ، وقلوبهم تحتضن فجيعة القلب بأنثاه !
يرسمون أوهامهم بألوانٍ عذراء وريشة خيبة هدت جميع حصونها في محاولة لتأبط شيطان القصيدة !!!
.. ( لا مستقبل للشعر ... صدقوني !!)
فأتبعت لا هنا بـ ( صدقوني ) لجمع أكثر عدد من ألأصوات وحشدها أمام الفكرة المصلوبة في ساحة النص .
إمانا من الكاتبة صُبح بغرس الفكرة الصحيحة وتجريدها بأسلوب أدبي رائع أمام القارئ وتكريس مفهومها المبني على ثقة مرجعية تعود إليها ..
ثم نأتي للمصاهرة بين ( الشعر / الشاعر )
كوحدة مترابطة للفكرة ومتوازية بالاتجاه ..
فالكاتبة لجأت إلى أسلوب الشحن العاطفي انتقاء مفردات ذات شحنة تقريرية واضحة لتعطي نفوذها إلى نفسية المتلقي بصورة واضحة فاضحة ..جاعلة من الترميز والإشارة. سلاح غائر في صومعة التفكير وبيئته المناخية التي تعيش به مشاعره وأحاسيسه ..
فكانت المشاعر والشاعر بكل عنفها السّلوكي نحو اللّذة المكبوتة وتحقيق غايات مشبوهة ( لا مستقبل لها )ونلاحظ أن الكاتبة لا تطرح هذا الرصد دون إيغال في الأبعاد الاجتماعية السليمة ولتي لا تستحق إلا أن يكون لها مستقبل مشرق.. فهي تسلط الضوء على واقع الشعر والشعراء ذلك الشعر المقترن بالجسد..
الممعن في الغاوية وتناقض سلوكياته دون أن تتغلغل كثيرًا في سبر أعماق الرؤيا فتكتفي بأن تضعنا على المحك فقط فنسج النصوص ( بدم بارد ) لتنفذ عبر نوايا لا بياض لها ولا أصل سوى خيالات تصب في رحم مكايد شيطانية من مضاجعة أفكار منحرفة وأجساد عارية و في كل وادي تهيم وتهوي . ..
" لا مستقبل للنصوص العابرة لنتوء اللغة بمنأى عن الزمن ...
مثل نفق نورٍ يؤدي الى الجحيم ، لا مستقبل لكم يامعشر "الكتاب" بصدرِ البهوِ المسكون بين الكلمات وأجسادها لمسافةٍ تطمس أكثر مما تفصح !! "

وهنا أيضا (لا مستقبل للنصوص) أي نصوص ياترى ؟
حاولت هنا تأصيل الأدب.. ودمجه في جمالياته ( لغة وفكرة ومضمون.. لإثبات نسقه الثقافي.. وبعده الإبداعي فغير هذه الفكرة لا مستقبل للنصوص المنفصلة حلقاتها والمتباعدة أدواتها وشروطها ..
فلا نصوص بلا كاتب ..
فأتت بالطرف الثاني لتسبر أغواره وتنسق وجهته ..
فالطريق مهما كان أخضرا لا يعني ذلك أنه يؤدي إلى بحيرة عذبة أو حديقة غناء ( قد يسلك بنا إلا مستنقع موبوء بالجراثيم أو جرف هار..
استطاعت الكاتبة صُبح أن توفق بين الحركة المترددة بالذات والحركة المترددة بالموضوع
كذلك استطاعت أن تؤثر بأسلوبها على التّفاعل الجدلي بين النص من جهة وبين ومحيطه الخارجي من جهة أخرى
فلو أمعنا النظر في المعطيات الموجودة في النص لا لحظنا أنها تقوم على صراع عميق يتحول في ضوئه الموضوع إلى
رؤيا إنسانية شاملة منبثقة من تجربة ناضجة تعيشها الكاتبة بمنأى عن أسلوب التفسير المباشر الممل ..ويعتبر الأسلوب هنا مناخات خصبة لجذب المتلقي لفضاءاته فجاءت المفردات في بنائها و علاقتها مع المعنى طاقة تتفجر اللغة من خلالها شظايا تأسر المتلقي وتشبع ذائقته وترضي نهمه .بمنأى عن أسلوب التفسير المباشر
***
الكاتب : عبدالله الدوسري [ ثرثرة ]
استطاع الكاتب عبدالله باختزال فكرة النص عامة من خلال العنون ( ثرثرة ) جاعلا من النص رؤى دينية فلسفية واذاتية واجتماعية ومعرفية متنقلا بينها عبر حوار مع الطرف الآخر ، لينسج كما من الرؤى التي عبر عنها حسب فكرته الخاصة التي أراد إيصالها لنا :
" أخشى ما أخشاه أن يضيق الوجود بنا
كما ضاق كل شئ بكل شئأما أنت ِ فقد عرفت لك جدة قديمة كانت تسعى في الغابات قبل أن يقام بناء واحد على ظهر الأرض "
"فإن الذي جعل من تاريخ الإنسانية مقبرة فاخرة تزدان بها أرفف المكتبة ،، لا يضن عليها بلحظات مضمّخة بالمسرة "
وتكلم الظلام خارج النافذة فقال : لا تكترث لشئ
وإذا أردت ِ حقا ً لفت الأنظار إليك فتجردي من ثيابك وتبختري على الكورنيش ،، وهناك ستجدين ليلى العامرية تجلس فوق قارب مقلوب تبكي "وفي يدها عصا لها رأس ثعبان
***
الكاتب : ثامر الجريش....[بدايةُ الـ ن ـــهـايــة ..~! ]
كان لزمانية العنوان ( بدايةُ الـ ن ـــهـايــة ..~! )رؤية تتحكم في الاطار العام للمنجز السردي لدى كاتبنا ثامر ، واقد استطاع أن يؤهلنا للدخول لعوالم فكرته عبر الاستهلال (فيّ قعرِ المُخيّلة...وَشمُ بـِ الذاكِرة ) في بداية النص ، جاعل من ذاكرته التاريخية نزفا وعزفا لمداده المسترسل في أطراف اللاوعي ، محيلا إلى بؤرة مفارقة فلسفية في باطنى المشهد السردي ، فاللغة هنا مكثفة والصور الفنية تنطلق من حدس دقيق يلتقط الأشياء المجسوسة ويعيد رسمها ألوان تتراسل الحواس فيما بينها ومن الإضاءلات التي تركها لنا ثامر :
فيّ قعرِ المُخيّلة...وَشمُ بـِ الذاكِرة
"فيّ ذالِكـَ القُعرِ أبصرتـُ ليلاً..
وكُلَ العُصورِ وكُلَ طريق..
لـِ[يأتيّ] وحشاً.. يرحلُ وحشاً. "
" حِمَمُ بُركانِ تَزفِرُ مُلتهِبة تُحرِقُ حُلماً بسيطاً.."
" قلميّ...
رأيتنيّ وَ هوَ في رُكنٍ قصيّ من غُرفةٍ مظلمة / موحِشة
يَكتسيّها [البردْ]."
"تَردُدُ موحِش لشئٍ مِنْ بقايا [الأنين].. وَ بعضُ مِنْ نشيّجٍ مكبوتـْ..
وَ قلمُ مسجون فيّ أصابِعِ السجيّنْ... يَئِنُ وجعاً..يحاوِلُ الصمودَ أمامَ
حِمَمِ بُركان...
يُقاوِم سقوطَ دمعةِ انكسار أمامَ ريحٍ غاضِبة..بِـ[صمتـٍ] يُعانيّ جراحَ غُربة
وَ[مرارةَ] غدْر..وَ [استارَ] كآبة.."
"عِندما تركتـُ العالَمَ يرحَل وبقيتـْ لمْ يكُن غباءً مـِــنيّ,, ولا استسلاماً ..بل احتجاجُ موقِفـ.. ورفضُ مواصلةِ مسير..فقدْ سِرتـُ طويــــــلاً لكيّ [أجِـدْ] وكُلما اقتربتـْ
وَجدْتنيّ فيّ نُقطةِ الـ[بِدايّة]...
انتهيتـ..ووجدْتنيّ مُرتحِلاً يدورُ فيّ دائِرةٍ صغيرة لاطاقةَ لها بـِ[استيعابـِ] ما أحمِلُ مِنْ أمانيّ وَ تمْنيّاتـ "

* * *
الكاتبة: نَفْثة ... [ َنشَازٌ مُمْتَدْ ]
ومن اللازمة التكرارية ( مؤمنة ) تتدفق معالم النص لتستنبت أروحنا بها وتنغمس خلجاتنا بماء فكرها وسماء وعيها ، فاللغة هنا وسيلة عضوية تختفل بفسائل تعبيره قادرة على حمل عذوق الجمال ورونق الكلمة ، متخطية ومخترقة ومكتشفة عالم لغوي مكتنز بالروعة والدقة والبهاء ، فكانت الأنساق متسقة برؤية منغمسة بدلالة عالية التكثيف دانية القطوف ، جاعلة من الترميز جزء من فضاء النص ليسبح به فكر المتلقي ويحدد اتجهاته..(مُؤمنة بإن نَحْنَحة أَبي تَمتدُ مُتَضَلعة ببابي الْخَشَبي وَ أن أُمي لنْ تَجْتاز نَداءاتي بلْ سُتَخْتبئ بالوَتر الْغَاص الذي سَيبزغ فَجري دُونها . )
" مُؤَمنة أنا بِمُصَافحة تلك الْمَشْنَقة اللتي تَتَدلى من رأَسك وَ يَنبعثُ الْشَيطان من خِلَالِها لتشخر بالمُوت وَ تُنَاغي خَساراتُك الْكَثِيرة "
"مُؤمَنة بإن سُدَفة الْأَشياء مَاهي أَلَا تَشبُثات بالمآتم الْسَابِقة وَ أَنْفِراج للْدَركِ الْأَسفلِ من الفقدْ .."
"
غَصن كَسِيرْ يَمنحُ للحن أُنَثى تَنفثُ من جَانِبها الْأَيسرُ دَوماً ."
***
الكاتبة : جــوى... [ ما أسقطته العصفورة .]
في هذا الحضور السردي استطاعت ان تمرراسقاطاتها الذاتية عبر انحراف اللغة وبقدرة بالغة التاثير والتأثر ، فكانت تلك العصفورة السوداء لها إيحاءها وحياتها المندلقة عبر ذاكرة مستترة ، فأتت المشاهد كمقاطع لمواقف تتنامى عبر الحاضر الماضي ( تقنية الفلاش باك ) في حضور فلسفي يضفيى على العمل نوعا من الجمال والدقة في التعامل مع اللغة وتركيب الدلالة .
" بردنا المنزوع الرحمة
سمعته يغني , مجافياً النار
ويفكّ بيده جوزة للسنجاب الذي أطعمناه
فطيرة التوت في صيف لعوب ."
" الثمالة لاتعني أن أحلم عنك
وأسرد إليّ الحلم كأني أعرفه لأول مرة .
حتى الصحو أيضاً ."
" يغريني الموت
وأخاف على جسدك الظلمة ."
" أنت الوريد
والظفر المخلوع والمعطف
والحفاء و الوسادة ."

****
الكاتبة : منى الصفار... [أنثى مَعطوبةْ ]
بأسلوب السرد الذاتي الذي يقوم على لسان الكاتبة عبر تلك الصباحات وما تحمله من انطباعات لحالة شعورية داخلية (أورَقُ الصباحُ كما كثيرٌ مِنْ صباحاتيْ ) إذا نحن على موعد لكما كبير لهذا الموعد المعد بانتظارات واحتظارات مختلفة ، مستشرفين من العنوان ( أنثى معطوبة ) أن هناك جرحا /حزنا / انكسار يصحى أو تصحيه الذاكرة معها كل صباح ، فأصبح وجبة رئيسية لا يستغنى عنها على مائدة الافطار ، مستثمرة لغتها وآليتها السردية في عمل فني جميل ، واترككم مع بعض الإضاءات التي تركتها لنا :
" إنّ أولَ الوجوه التي تعاتِب الغيمَ في منابِت أحداقِنا تولدُمع أول لحظةٍ لاستيقاظنا دائماً. "
" مليئ فنجاني هذا الصباح بذاتِ الزوابعِ التي أستيقظ على رائحتها كلّ صباحْ .. "
"بعضُ الصباحاتِ يتمْ
وانا يتيمةٌ بغيابكَ هذا الصباحْ."
" كنتُ أتنفَسّ رَائِحتكَ مع أحزانيْ، ألملمْ شتاتَ الروحْ،
صوتٌ يتداعى في مسامعي... "
"موعودْ بـ عيونِكْ .. أنا موعودْ ......... "
"أقف متثاقِلةً أمامَ مرآتيْ، وأبعثرُ اصابعي حيثُ تركتَ شحوبيَ نأمةَ حبّ، وحيث عبَثتَ بملامحيْ، فأصيبت باليتمِ هي الاخرىْ .. "


* * *
الكاتب : صالح العرجان... [آثار لـ جُرم .. .. ..!!]
استطاع الكاتب صالح العرجان إلى دفع الدلالة في المنجز السردي لديه لاحتملات تؤدي إلى وضيفة بلاغية داخل انساق تنهض على تقانة القص المركز :
" قصور الكلام خلف أسوار الصمت مدينة ساهرة
توحي لك بأرق الندى على أوراق الورد تحت أضواء القناديل
من الإحتراق تحت ألسنة الشمس "
جاعلا من هذه المشاهد انطلاقة إلى عالمة المتخيل الذي يعمل على تركيز المشهد البصري والذهني :
" يسكنها جسد عليل إعتكفت اعضاؤه محراب السطور بين الورق
في زمن لا يعد به صوت الرصاص جريمة .. .. ! "
كذلك في قوله :
" يزفر أنفاسه في رئة الليل كي يكتمل القمر بلون الرحم لمنفى جنين
ود لو انه لم يغادره "
فنجد يقظة المفاجأة السردية منبثقة من بؤرة الرؤية الخاطفة كقولة :
" ولم يتذوق طعم الملح بعد أن إختلط بالتراب ليقتات عليه عند صخرة المساء الحالم بزفاف الحرية على أصوات الغناء وفراشات الربيع ."


* * *
الشاعرةوالكاتبة : سكون ... [ مـا لم أقـله / لـك ]
اتخذت الشاعرة والكاتبة سكون الجملة (مـا لم أقـله / لـك)
ثيمة رئسية ابتدأ من العنوان ومراورا في مقاطع النص وتوقفا في عند فكرتها العامة المسيطرة على مناخات النص ، إيمانا منها أن العنوان ينهض بدور تأويلي فعال ليؤسس العلاقة بين الرؤيا وبين المتلقي كشريك مهم لأنتاج النص وتشكيل الدلالة ، فكانت مساحة السرد هنا موزعة بين ( الأنا ) و ( ألآخر ) ومن هنا نستطيع أن نختزل النص كخطاب عام متكامل ، له إيحاءاته وظروفه الخاصة ، ولشفافية المناسبة ، أتت الكلمات متدفقة بكل هدوء وسلاسة ، منتقية مفرداتها بعناية خاصة ، ومؤسسة تراكيبها بتناغم تام بين الفكرة والمعنى ، لذى رسمت صورها الفنية بألوان هادئة تتوافق مع الاطار العام للرؤية ، ومن الإضاءات التي توقفت عندها في النص :
أن كلماتي كانت تتخذ من صدري ملاذاً

" آثرت الركون في وداعة مهدها
ارعاها بلهفتي وحنيني كي لا تذبل ورودها
وأشفق عليها من الهلاك "
"فأعيدها الى مكانها القصي.
مالم أقله / لك
صباحاً اتفحص وجوه القادمين هنـاك.. علني المحك بينهم
فأن لم تكن
بحثت في أعماقي عن ملامحك التي احتفظ بها "

" انك في داخلي تتوارى بين الحقيقه والخيال

اكسبك خيالي جناحات اطير بها حيث آمل

واكسبتني حقيقتك تأثيرك على امتدادي

فكل ما وجهت وجهي اذ بك انت

وانت وحدك في مكانك القصي."

" ان اللليل لا يجلبك لي بقدر مالنهار يصحبني لك

فاتحسس قلبي فـ اذ به ينبض بك

فـأعلم انني مازلت أعيش

وتعيش أنت في مكانك القصي."


* * *
الكاتبة : فاطمه الغامدي ... [وماتت—الأشياء ]
وكيف لا تموت الأشياء يا فاطمة والماء غَادر بقدرة غادر ..
دائما الجذور تتجه لباطن الأرض كقبر مشروع وقرب ممنوع من الماء ،
عبر ماضي أخترناه فعلا ماضيا في طريقنا إليهم ولكنه هو ايضا لم يفعل إلا التجاوز إلى ذواتنا ، يحفل هذا المشهد السريدي بالكثير من الأساليب الفينة والرؤى الذاتية ، التي تسبر السراب والغياب وتسري بالوريد إلى ننشيد شجي مع عصافير تعي أن الأشجار غالبا تموت واقفة ، تاركة للمتلقي فسحة من نور ليصافح ذاتها ويعبر عن خلجاته من خلال رؤها ودلالاتها وإيماءاتها التي تركتها لنا في هذا النص :
" عانقت الماء بشفتيها** بحثا عن ارتواء فرحلت اليه غير عابئة بمآلها
حملها إلى الجبال والتلال والأودية فمزق جسدها *وعند مفترق الطرق كتبت إليه : أيها الصافي ليس ((كثله شيء )) وداعـــا "
" دغدغت الرمل بقدميها فأبرم اتفاقا معها على البقاء مقابل أن يبني لها قصرا جميلا على مشارف الشتاء "
" ((عندما أموت ازرعيني في منابت شعره حتى يبعثون ))
كان السراب يلوح بيده فمضيت اليه ،صفق لي كثيرا وقال أما زلت تؤمنين بي فأسقاني عطشا مازلت انهل منه"
" كانت العصافير ترقبني ، شاركتها التغريد والسكن في احضان الشجر وعندما ضحك الصباح رحلت العصافير وبقيت وحيدة --أغرد حيث لا تنتشي الحقول
صاح النذير ((الاشجار تموت واقفة )) "

الكاتبة : نهله محمد... [ للمــدينةِ نيّــةٌ أخـــرى ]

استطاعت الكاتبة نهلة أن توضف ادواتها السردية بكل دقة واقتدار لتوصل اسقاطتها بوعي وحرفنه ، جاعلة من الرمز هنا دلالة أنثروبولوجية لواقع ملموس وهاجس يؤرق تفكيرها ويشرق بمدادها الممتد في فضاءات الذهن ، ومن الرموز التي أشارات إليها مثل في قولها
الطاعون / المدينة / الريح / الأبواب / الظلام / الجبال / الشطان /جمرة / الشوارع / حبة خردل / الحاويات / سليمان / مريم ، لفظ هنا دلالة عميقة تتراسل الحواس عبرها للوصل لبنية دلالية واضحة دينية / أنثروبولوجية / تاريخية سامحة للمتلقي النفوذ داخل النص عبر مشروع فكري قابل للتأويل والتحصيل كل حسب ثقافته ورؤيته ، فأتت اسقاطتها على شكل مقاطع تضج بالحركة والديمومة والصور الفنية المتنامية في دلالاتها وتراكيبها :



" الطاعون يرتدي الأوراق على بُعدِ شهقة من المدينة..."

" يقاسم خطى الموت شهوة المباغتة...
و يمضغ أعتاب المدينة علك انتظار
حتى تُرفع دفوف القارعة...."
"يتمرد الظلام ..
يفرد مظلته السوداء فوق المدينة.. رمز بين الزمان والمكان "
ويبصق في عينها غُمّة تلتقم نورها..
فتلهج أعمدة الانارة بـــ لا إله إلا أنت..
سبحانك إنا كنّا من الظالمين "
" الكراسي على الجبال ...
والحق أجيرٌ أعياه المشي حافياً بين جبل وآخر
ملمعاً القوائم البعيدة ...
بينما يُخمّر الباطل صناديق العنب/التعب "
"شيح الشطآن بوجهها عن المدينة ..
متجنبةً طيشها..
تمد موجة
وتسرق ربع سيجارة من زورق منسي..
تبحث لها عن " قدّاحةٍ " في سرائر المارّه..
فلا تجد سوى جمرةٍ تحترق في صدر " منهوب "
الحاويات المنزوية في القصور
متخمةٌ بالشبع...
بينما الجوع خارج ترفها
يحمل بندقيته
بحثاً عن حياةٍ تتسول من القطط فتاتها بمواءٍ زائف..
و تتبع أثر كسرةِ رغيف مشرئبةٍ بلعابِ كلابٍ ضالة
قد تضمن لها رشفة بقاء "
" خلف شخير الليل...
يتسلل الحب على أصابعه
ليُشعل شموعه خلسةً وراء صمت " الإسمنت "..
فيمد النهار شفتيه من النوافذ ليطفئها ..
منبهاً ,
بأن هناك من يتأثّر دمعة
بحثاً في نقائِها عن خطيئةٍ مزورة...
عن عود ثقابٍ يشي باحتراقين..
وقدر مفزع لمدينة.."
الطرقاتُ أسرّة المتعبين ...
والنخل المزروع في زاويةٍ قصيّة
لم تلجأ له مريم لتدرأ عنها رجم الأفواه ...
أمّا الظلمات تحت جلباب المدينة "

* * *

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس