قصيدة....كبيرٌ على بغداد اني أعافها
كبيرٌ على بغداد أني أعافُها=وأني على أمني لدَيها أخافُها
كبيرٌ عليها بعدَ ما شابَ َمفرقي=وَجفّتْ عروقُ القلب حتى شغافُها
تَتَبّعتُ للسَّبعين شطآنَ نهرِها =وأمواجَهُ في الليل كيف ارتجافُها
وآخَيتُ فيها النَّخلَ طَلْعاً، فَمُبْسراً =إلى التمر، والأعذاقُ زاهٍ قطافُها
تتبَّعتُ أولادي وهم يَملأونَها =صغاراً إلى أن شيَّبَتهم ضفافُها!
تتبَّعتُ أوجاعي،وَمَسرى قصائدي =وأيامَ يُغني كلَّ نَفسٍ كَفافها
وأيامَ أهلي يَملأ ُ الغَيثُ دارَهم =حياءً، ويَرويهم حياءً جَفافُها!
فلم أرَ في بغداد، مهما تَلَبَّدَتْ =مَواجعُها، عيناً يَهونُ انذِرافُها
ولم أرَ فيها فَضْلَ نفسٍ وإن قَسَتْ =يُنازعُها في الضّائقاتِ انحرافُها
وكنا إذا أخنَتْ على الناس ِغُمَّة ٌ =نقولُ بعَون اللهِ يأتي انكشافُها
ونَغفو، وتَغفو دورُنا مُطمئنة ً =وَسائدُها طُهْرٌ، وطُهرٌ لحافُها
فَماذا جرى للأرضِ حتى تَبَدّ لتْ =بحيثُ استَوَتْ وديانُها وشِعافُها؟
وماذا جرى للأرض حتى تلَوّثَتْ =إلى حَدِّ في الأرحام ضَجَّتْ نِطافُها؟
وماذا جرى للأرض.. كانت عزيزةً =فهانَتْ غَواليها، ودانَتْ طِرافُها؟
سلامٌ على بغداد شاخَتْ من الأسي =شناشيلُها.. أبلا مُها.. وقفافُها
وشاخَتْ شَواطيها، وشاختْ قِبابُها =وشاختْ لِفَرْطِ الهَمّ حتى سُلافُها
فَلا اكتُنِفَتْ بالخمر شطآنُ نهرِها =ولا عادَ في وسْع ِ الندامى اكتنافُها!
سلامٌ على بغداد.. لستُ بعاتبٍ =عليها، وأنّي لي، وروحي غلافُها
فَلو نَسمة ٌ طافَتْ عليها بغير ِ ما =تراحُ بهِ، أدمى فؤادي طوافُها
وها أنا في السبعين أُزمِعُ عَوفَها =كبيرٌ على بغداد أني أعافُها!