منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - طابع بريد
الموضوع: طابع بريد
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2012, 10:18 PM   #1
سهير السميري
( كاتبة )

الصورة الرمزية سهير السميري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 13

سهير السميري غير متواجد حاليا

افتراضي طابع بريد



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

طابع بريد


اندحرَ الاحتلالُ الهمجيُّ الصهيوني , وانتصرنا !

أمـس احـتفـلنا بـنزعِ آخرِ لـُغـمٍ مـن تـرابِ الـوطـن ! غـنائـياتُ الشيخِ إمام ,مارسيل ,

وأشعارُ نـيرودا ، درويـش ، ومطـر ، وصـور راشـيـل كـوري , جـيفـارا والشيخ ياسين ،
كـانت تـملأُ الأجواء !

لم يعُد للجرحِ بقيةٌ . تنفس الكونُ و كـانـت الـجنـةُ قـريـبةً ، قـريـبة جـداً !

طـويـنا دفـاتـرَ المـقـاومـة . لـم نـعُـد جـائـعيـن أمام كـُرومـنا وبـيـاراتـنا، لـم تعد صـفـاراتُ

الإنذار تـُطاردنـُا فـي نـومِـنا . تـحررنـا مـن خـوفِـنا اليـومـي ، ومـن الجـري هـربـاً مـن

رصـاصـةٍ غـادرة ، أو غـارةٍ ، أو قصـفٍ ، أو اجـتيـاح. لم تعُد مدارسُنا تسُـجـِّل حـالاتِ

غـيـابٍ متكرر , خـوفُ أطفالِنا أصبحَ قـادراً علـى الـفـرارِ دون عـودة !

صـوتُ المـفرقعاتِ لا نسـمعه إلا في الأعراس! تـوقـفـت كـاتـربـَلَر عـن طـحـنِ كـرومِ

الـزيتـون ، وكـرامـتـِنا وأحلامِنا!

دخلنا جهراً شوارعَ الحياة ، وكانت وحدتُنا الوطنيةُ عُكازَنا . أعدنا تـرتـيبَ النـجـومِ

فـي السماء و اسـتعـاد الـعـدلُ مـيـزانـَه .

أخيرا استـقـامـت الـدنيـا ، واستـدارت الشـمس !

استراح دمُنا بعد ستين جرحا وخمس خيباتٍ , والنحسُ فرَّ من بياراتِنا , كـان إيمانُنا

بـعـدالـةِ قـضيـتنا كـبـيرا .

كالخيولِ المجنحةِ كنا ! و يـُقـال إن الشـهداءَ مـنذ بـدْءِ الـخـلقِ شـاركـوا مـعنا ،

كـطيـورِ الأبابيل كـانـوا, وصـدقـت نـبـوءُة شـجـر الغـرقـد .

تـضاريـسُ الأرضِ عـرفـتُـنا ، و الـرمـالُ والأمواجُ والـريحُ والـسمـاء.

تـعلـمُ جـيدا أن الـُحريـةَ لا تُـكتـبُ علـى عَـجـل . رسمناها بكامل حائِها تماماً كما أردناها !

سـاسـتـنا تـحولـوا لتـدريـس التـاريـخ . جـمعـياتُ حـقـوقِ الإنسانِ والهـلالِ الأحمرِ

لـم يـُعـد لـهم مـقـراتٌ لـديـنا !

فـضـائـيات الشـجـبِ والإدانةِ الـعـربـيةِ والـعالـميةِ التـي كـانـت تـقتـاتُ علـى أخبارِنا

لـملـمتْ مـُراسِليها وأقفلتْ مـكـاتـبـَها وغـادرتـنا !

لـم يعد بعضُنا يعيشُ فـي أنفاقٍ تـحت الأرض !

من شَـفَةِ النهار يقطرُ الأمان ، فأصبحَ طـُلابـنا والعـاملـون فـي الـجامـعاتِ يـصلون مقاصدَهم

فـي غـضـونِ نـصف سـاعـة . لم يـعـُد هـناك حـواجـزُ ونـقـاطُ تفــتيـش. لـم يـعـودوا

مـُضـطريـن لـلسـيـر عـلى الأقدام فـوق طـُرقـاتٍ طـينـيةٍ ومـواجـهةِ التـحرشِ والمـضايـقات ؛

فـقـد أُزيـلـت كـل الحـواجـز !

هـل تـذكـرُ يـوم قـلتُ لـك إن خـمـس سـاعـاتٍ هـو الـوقـت الـذي يـلـزمُ بـعضَـنا لـعبـورِ

حـاجـز قـلـنديـا ؟!!

لـك أن تـتصـور مـُعـانـاتـنا كـيف كـانـت ! وكـيف كـانـوا يـُجبروننا عـلى الـتعـرِّي

إمـعـانـاً في الإذلالِ عـلى حـواجـزهـم الـعسـكـرية بـحجـةِ الـتفـتـيش !

كـل هـذا لـم يـعـد قـائـمـاً ! لـم نـعُـد مـشـرديـن كـريـحِ الـجنـوب ، والأحبةُ الـذيـن
يـممـوا شـطـرَ شتاتِ الاغـتراب عـادوا !

الـمخيـم، وكـالـةُ الـغـوث ، الـمسـتـوطـناتُ ، جـدارُ الـفصـل،الأسلاكُ الشـائـكـة ،

الـمفـاوضـاتُ ، الاغـتيـالاتُ ، الـحصـارُ , كـل هـذه مـُصطـلحاتٌ لـم نـعُـد نـتداولـها .

ألـم أقـل لـك تـحـررنـا !!

غـزة ! الـتي قـال عـنها شـامـير يـومـا " لـو أنني أصحو فـأجـدُ الـبحـرَ ابتلعها ! هـذه

الـجـريـحـةُ تـعـافـت ! خضـّبْنا صمودَها بالحناء وأصبحت العـاصـمة الـفخـريـةَ لـفـلـسطـين.

الـجمـعـة الـماضـية صـليـنا فـي الـمـسجـد الأقصى ! الأعدادُ كـانـت كـبيـرةً، واسم اللهِ كـان

يـخـرجُ مـن أنفاسِنا فيـهـتزُّ الـمـكـان . الـعـدلُ أعتلى الــمـآذن . أطـلـنا الـسجـودَ علـى بـرِّ
الله حـتى و كـأن صـلاتـَنا كـلها سـجـود!

أرسلنا دعــواتٍ لــرابـطـةِ الكـُتابِ الأردنيين ولنقابةِ الفنانين التشكيليين ونقابةِ الصحفيين .

تعلم أننا وإياهم كعُروَتين في قميصٍ , دعوناهم ليـُطـرِّزوا مـعنا جـداريـةَ الـنصـرِ عـلى وجـهِ الـتاريـخ .

أدعـوك لـزيـارتـِنا أنتَ أيضا ، فـالـسنـابـلُ لـم تـعد خـاويـاتٍ ،والـكـرومُ ، وحـقـولُ اللـوزِ ،

ومـوسـمُ قـِطـافِ الـزيـتونِ ، وشـجـرُ الجـُمـيز الـذي يـُثمر سـبعَ مـراتٍ فــي السـنـة ،

كـل هـذا جـديـرٌ بـك أن تـراه .

الـيـوم مـاطـر ! وأنت تـعرفُ ضـعـفي حيالَ الـمطر ، وكأنه دمع الراحلين ...

تعال عبْرَ مطارنا الدولي , تعال لترى البرتقالَ وهو مبلولٌ ، وشـتـلة الـياسـمـين

الـمشتـركةَ مـع الـجيـران !

لترى الغيمَ يخرج من عينيّ أمي من سُعالها ، من صوتِها ، من رغيفِها , من شايِها المنعْنع ، من لفَّةِ الزعترِ الصباحي .

الله ! الله ! لا حـدَّ لـلسـمـاءِ حـين يـُصبـحُ الـوطـنُ وسـادةَ آمـان . عـندها يصبحُ
الـفجر في أيدينا ، ونـنامُ مـلءَ الـجـفـون.

أصبحت أمارسُ هـوايتـي مـؤخـرا فـي الـكتابـةِ ، وهـا أنا أكـتبُ إليك. سـأتَّبعُ وسائلَ أيامِ زمان ؛
سأضـعُ الـرسـالـة فـي مـُغلـفٍ ، وأُعـنـْوِنُـه :

(دولـةُ فـلسـطيـن – وعـاصـمتـُها الـقدس) ، وسأضـع طـابـعا بـريـديا عـلـيها.

ألـم أقـل لـك انتـصـرنـا ، وصـار لـنا طـابـع بـريـد ؟!
!
[/CENTER]

 

سهير السميري غير متصل   رد مع اقتباس