ومباغتةُ المرضِ ذاكرةٌ أخرى، ومكانٌ آخر نحملهُ عتمةً حينَ رحيلْ، كانتْ تلملمُ ما تبقى من مساحاتٍ فارغةٍ في ذاكرةٍ معطوبةٍ هيَ الأخرى، وليس للنسيانِ اليها منْ سبيلْ.
" أودّ الذهاب الى منزلِ صديقتيْ، صديقاتي هناكَ مجتمعاتْ"
يأتي الصوتُ البالغ الرعونةِ بما لا تعيهاَ أعوامها التي تجاوزتِ العاشرةُ بقليلْ " لا"
تخفيْ البحةَ ورجفةِ الصوتِ خشيةَ أن يسبقَ السيفُ عذلهُ فيفتضّ خدها بـ لعنةٍ أخرى " لمَ يا أبي؟ "
"لأنكِ جوهرة!"
يستنطق حزنَها ماءَها للمرةِ التاليةْ وتخبيءْ رجفتها للمرةِ التاليةْ، وتستعيضُ عن صديقاتها بالوسادةِ والووكمانْ، وصوتُ الأغاني ( الحرامْ) ينسلّ إليها ملغياً مساحاتِ الحزنْ لمدة لا تربو على الاربعِ دقائقْ.
وكلما حارتْ فهمَ مباغتةَ الوقتِ لهاـ وهطولُ أشلائها المؤلمْ علّها عندما يفتضّها الغيمُ في إحدى نوباتها الحادةْ يحنو عليها، ويعدها بأن يسمحَ لها في المرةِ القادمةْ.
ليسَ المكانُ غوايتُها، بلْ الصمتْ ووحدةٌ عصيبةٌ في حضورِ الآخرين،عالمٌ خاصٌ من اللهفةِ يمتدّ إلى شريانِها، ويعدُها بأنّ اليومَ سـ يكونُ الأخيرْـ هل تزودتِ يا ابنتي؟ فخير الزادِ التقوى.. !ـ
تزودتُ حزناً يا أبتِ وتباكيتُ كثيراً .. فهل يكفي؟
لا .. يكفي.. ! ..
ولكن! .. أليس من تباكى لهُ الجنة؟!
بلى..! ولكنَكِ الأخرى ..!
إذاً؟
إتشحي مزيداً من السوادْ .. !